القتل بالرصاص منهج جديد يتبعه زبانية التعذيب داخل أقسام الشرطة، فلم يعد يكفيهم التعذيب الوحشي للأبرياء داخل الزنازين ولم يعد يكفيهم الصعق بالكهرباء وحفلات التعذيب اليومية التي يتلقاها المواطنون علي أيديهم ليغيروا منهجهم إلي القتل العمدي بالرصاص، ومن قبل كان ينتهي الضباط إلي إلقاء الضحايا من قتلاهم من فوق بنايات السجون كما حدث في سجن طنطا في تسعينيات القرن الماضي، وكما حدث في قسم حدائق القبة في ذات الحقبة ليصوروا جرائمهم بأنها انتحار. واليوم يطلقون الرصاص الحي علي ضحاياهم، وقضية اليوم بطلها شيطان يدعي حسين كمال رئيس قسم الساحل، والذي استدعي محمود مجدي - ميكانيكي - لإجباره علي العمل معه مرشدا وطالبه بالإدلاء بأسماء تجار المخدرات. وبعيون دامعة وصرخات مكتومة وقلب موجوع لأم مكلومة تقول كريمة زغلول - والدة قتيل قسم الساحل «70 عاما» - حرقوا قلبي علي ولدي «حسبي الله ونعم الوكيل» مستطردة بعد أن طالبوا ابني بالأدلاء بأسماء تجار المخدرات ونتيجة لرفض وتلبية مطلبهم «لأن ابني في حاله» حضر مجموعة من ضباط وأمناء الشرطة واقتحموا الشقة وحطموا الاثات، لإجبارة علي الإدلاء بأسماء تجار المخدرات. ولم يكن محمود موجودا في الشقة وطالبني أحد الضباط بإحضار محمود إلي القسم فذهب مع زوج شقيقته فطالب الضابط زوج ابنتي بمغادرة القسم لأنه يريد محمود وحده ولما رفض ابني تلبية مطلبه لفق له عددا من القضايا: ضرب واتلاف محلات تجارية وذهبت إلي رئيس المباحث وقلت له «ابني غلبان ومش بتاع مشاكل»، وفوجئت به يعتدي علي بألفاظ نابية وتتذكر الأم المكلومة بداية الأحداث عندما اتصل بابنها عصام صفية مسجل خطر سرقات ومخدرات ويعمل مرشدا للقسم وطلب من محمود أن يتمشيا سويا علي الكورنيش لأنه يريده في أمر مهم. وعلمت من تلك المكالمة أنه ينتظره أمام أحد محلات الكشري في شبرا الخيمة، مستطردة: لم يكن يتوقع محمود أنه في طريقه إلي الموت أو ينتظر الحكم بالإعدام رميا بالرصاص دون تهمة ودون محاكمة. وقالت إن عصام صفية المرشد أكد لي فيما بعد أن الضابط حسين كمال اطلق الرصاص علي محمود، وأنه بعد قتله القي به في النيل، وفوجئت فيما بعد بالضابط حسين كمال يستدعيني إلي القسم وأجبرني علي التوقيع علي ثلاث ورقات لا أعرف محتواها. واتهم زغلول شقيق المجني عليه الضابط حسين كمال بقتل شقيقه، مؤكدا أنه بعد اختفاء شقيقه توجه إلي قسم الساحل لتحرير محضر باختفائه إلا أن الضابط حسين كمال رفض تحرير المحضر، وقال: إن الضابط قالها بوقاحة «الجثة سوف تصلكم في العاشرة من مساء الثلاثاء»، وكان شقيقي قد اختفي يوم الأحد، وفوجئت باستخراج الجثة من النيل وكانت تنزف دما من الفم ويفوح منها رائحة كريهة، إلا أنني لم ألاحظ وجود انتفاخ بها، وقال إن الضابط ألقي بالجثة في النيل لتصويرها قضية غرق أو انتحار في النيل. إلا أن تقرير الطب الشرعي أكد أن الوفاة نتيجة شبهة جنائية.