عدم وجود أفلام مصرية في مهرجان الإسكندرية جعل المسئولين عن المهرجان في ورطة كل عام بعض جوائز المهرجان جاءت ملفقة من أجل حضور النجوم احتفل مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط باليوبيل الفضي في هذه الدورة «4-10أغسطس»، وكانت أولي دورات المهرجان منذ 30 سنة «1979»، ولكنه توقف 3 مرات لأسباب مختلفة، فسقط من مشواره 6سنوات، ولو كان قد انتظم لكانت دورته هذه رقم 31.. «وعموما فإن مهرجان الاسكندرية يمثل نموذجا يستحق البحث لعلاقة الدولة بإقامة المهرجانات السينمائية في مصر من ناحية، وعلاقة الدولة بالجمعيات الأهلية التي تقيم أنشطة ثقافية وفنية من ناحية أخري. مايعنينا هنا أن الراحل كمال الملاخ - الصحفي والأثري الكبير - الذي أسس الجمعية المصرية، لكتاب ونقاد السينما، حرص علي تنظيم وإقامة مهرجان القاهرة الدولي عام 1976، ثم تنظيم مهرجان الاسكندرية بعد ذلك لدول المتوسط.. وقد ارتبط هذا الاخير منذ بدايته باقامة بانوراما ومسابقة للأفلام المصرية علي هامش المهرجان، وكانت للأفلام التي لم تعرض بعد وكانت المسابقة تحظي باهتمام - من الصحفيين والسينمائيين - يفوق الاهتمام بالمسابقة الرسمية لأفلام دول المتوسط.. وكانت الافلام المصرية التي تشارك تتراوح مابين 3 إلي 15 فيلما عندما كانت «حالة» الانتاج السينمائي في مصر منتعشة. وقد تدهورت الحال بهذه البانوراما - المسابقة التي كانت تجتذب كبار النجوم والسينمائيين مع الألفية الجديدة لعدم وجود أفلام مصرية تحرص علي المشاركة، بل وأصبحت هناك مشكلة سنوية عند منظمي المهرجان في البحث عن فيلم مصري للمشاركة في المسابقة الرسمية، وتم إلغاء البانوراما - المسابقة بالطبع، بعد أن أصبح هناك اتجاه من المنتجين بعرض أفلامهم مباشرة في صالات العرض دون المرور علي المهرجانات، بينما حرص البعض علي السفر بأفلامه إلي مهرجانات أخري خارج مصر. المهم.. أن المنظمين لمهرجان الاسكندرية بحثوا عن بديل للبانوراما المصرية الضائعة، وفي السنوات الثلاث الاخيرة قرروا تنظيم «استفتاء» يشارك فيه النقاد واعضاء الجمعية لاختيار أفضل ثلاثة أفلام، وأهم العناصر الفنية بها، وذلك من بين الافلام التي عرضت منذ بداية العام «شهر يناير» حتي موعد إقامة المهرجان في أغسطس أو سبتمبر.. وقد وجدت هذه الفكرة ترحيبا لسببين: الاول أن هناك 100 ألف جنيه من اتحاد الإذاعة والتليفزيون تمنح للأفلام الفائزة ومنتجيها كدعاية مجانية بالتليفزيون المصري، وعدم إقامة الاستفتاء يفقد السينما المصرية هذه المنحة التليفزيونية.. والسبب الثاني يتلخص في أن وجود جوائز للنجوم ويجذب الاضواء للمهرجان، فمازال للنجوم المصريين هذا البريق الذي يسعي اليه المهرجان. لكن.. لم تتعامل إدارة المهرجان مع هذا الاستفتاء بالجدية الكافية، وكانت «تلفق» بعض الجوائز من أجل حضور هذا النجم أو ذاك، وتحول الاستفتاء إلي نوع من الاحتفالية، مما جعل هذه الجوائز تكريمية، وغير دقيقة، ولا تحظي بالثقة.. وفي هذا العام لاتعرف بالضبط من هم المشاركون في الاستفتاء، فقد أعلن أن عدد المشاركين 90 ناقدا وعضوا من أعضاء الجمعية، وإن كان واقع الأمر يشير إلي أن أكثر من نصف المشاركين من الصحفيين «بعضهم مازال تحت التمرين»، وعدد النقاد بالاستفتاء لايزيد علي 7 نقاد، وأعضاء الجمعية لايزيد علي 30 عضوا.. والمعروف أن الاستفتاءات التي لايعرف هوية المشاركين فيها تكون ملفقة وكاذبة وباطلة، أو كما نقول بالعامية «مضروبة».. وقد تكونت اللجنة المشرفة علي الاستفتاء من ثلاثة من الصحفيين اعضاء الجمعية، وليس لهم أي باع في النقد السينمائي، وأكاد أجزم أنهم لم يشاهدوا ال26 فيلما التي عرضت منذ بداية العام، فكيف نثق في الاستفتاء، وخاصة أن هناك جوائز قد تم اضافتها - حسب المزاج - لم يشار اليها في ورقة الاستفتاء أصلا. علي أي الاحوال، مادام النجوم والسينمائيون سعداء بهذه الجوائز «المضروبة» فلا بأس ولكن لايجب أن نعطيها أكثر مما تستحق من القيمة والتقدير.. أما مسألة المنحة التليفزيونية «100 ألف جنيه»، فهي ثابتة ولمن تتم زيادتها طوال ال15 سنة القادمة، وقد ارتفعت قيمة الاعلانات، كثيرا ولم يعد هذا المبلغ يمثل أي اغراء للمنتج السينمائي.. كما أن حرص المحطات والقنوات الفضائية علي عرض اعلانات الافلام وأغانيها بشكل مكثف وبدون مبالغ مالية يجعل المنحة التليفزيونية بلا قيمة. أما الاستفتاء نفسه الذي وزعت جوائزه يوم الاثنين الماضي في حفل ختام مهرجان الاسكندرية الخامس والعشرين «10 أغسطس»، فهو «غير منضبط» ويحمل بعض التناقضات، مثلا أفضل فيلم «احكي ياشهر زاد» - وهو يستحق أن يكون - لم يحصل مخرجه أو مؤلفه «يسري نصر الله - وحيد حامد» علي جائزة الاخراج أو السيناريو، فكيف أصبح أحسن فيلم إذن ولتدارك هذا العيب الذي يفسد أي مسابقة أو استفتاء، فقد تقرر أن تكون هناك جائزة لوحيد حامد أطلقوا عليها «التفوق»، ولم تكن في ورقة الاستفتاء كما أن الفيلم الذي حصل علي ا لجائزة الثانية «1-صفر» حصل علي جائزة الاخراج لكامله أبوذكري والسيناريو لمريم نعوم، وكان صاحب النصيب الأكبر في عدد الجوائز الفرعية.. كيف؟.. ولماذا إذن لم يصبح أحسن فيلم؟! أن استفتاء مهرجان الاسكندرية «مضروب».. ولكن لماذا؟.. هذه قصة أخري.