مصر لمن؟ سؤال سأله من قبلنا ونسأله اليوم وعندما أنظر إلى أحفادى أسأل نفسى.. يا ترى أى مستقبل ينتظرهم؟ مصر بتاريخها العريق الممتد عبر مئات القرون التى خلت.. تقاطر على حكمها الفراعنة والأباطرة والملوك والرؤساء ورغم غلظة وقسوة بعض من حكمها وتحكم فى شعبها بالحديد والنار! إلا أنهم كلهم ذهبوا وبقيت مصر.. وبقى شعب مصر.. القرآن الكريم يحكى لنا ويقص علينا بعض قصص هؤلاء الجبابرة الذين تصوروا أنهم يملكون مصر بأرضها وأنهارها وبشرها! يقول جل جلاله فى سورة الزخرف: على لسان فرعون مصر وهو يخاطب قومه.. «ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون.. أم أنا خير من هذا الذى هو مهين ولا يكاد يبين.. فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين.. فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين».. صدقت يا ربنا فى كلامك الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه.. صورت لنا يا مولانا فى كلمات بليغة كيف كان يرى الفرعون نفسه! وكيف كان يستخف بقومه الذين أطاعوه والذين وصفتهم يا مولانا بأنهم كانوا قوما فاسقين.. قراءتى لهذه الآيات يجعلنى أطرح بعض الأسئلة التى تحيرنى وأحاول العثور على إجابات شافية تجعلنى أفهم من هم القوم الذين وصفتهم الآيات بالقوم الفاسدين.. هل كان الفرعون يخاطب الشعب الذى يحكمه حينذاك وهم جموع الشعب المصرى! أم أن القوم الفاسدين الذين كان يخاطبهم الفرعون هم حاشيته وأهله وعشيرته المقربين! وهل الأجواء التى نعيشها فى هذه الأيام من القرن 21 بعد الميلاد تشبه أيام الفرعون الذى استخف قومه فأطاعوه؟ أطرح هذه الاسئلة لأننى أريد أن أفهم! رئيسنا الحالى شبهه المعارضون له بعد إعلانه الذى أطلق عليه الإعلان الدستورى بأنه فرعون جديد، وعلى الجانب الآخر شبهه البعض من أهله وعشيرته بأنه أشبه بنبى الله موسى وشبهه واحد آخر بأنه مثل ذى القرنين الذى قال لمن طلبوا منه إقامة سد لحمايتهم أعينوننى بقوة وسخر الذى شبه مرسى بذىالقرنين بمن بنى السد العالى وقال: «مقالش كنا هنبنى وادىإحنا بنينا السد العالى»! المعارضون للرئيس مرسى شبهوه بالفرعون لأنه أصدر قرارات أو إعلاناً دستوريا يحصن جميع قراراته السابقة واللاحقة من الاعتراض عليها! أى أن كل كلمة يقولها أو قانون يصدره لا يحق لمخلوق أن يعترض أو يطعن عليه! وكأن كلماته وقراراته وحى من السماء لا يحق لبشر أن يعترض عليها! المعارضون يقولون أليست هذه القرارات إعادة انتاج للفرعون الذى قال لقومه.. «يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى.. أفلا تبصرون» يعنى وكما فهمت أن فرعون موسى يقول لأجدادى أنتم والأرض التى تعيشون عليها والأنهار التى تشربون منها ملكى أنا.. مش شايفين ياولاد..! واللى هيعترض على كلامى سأعلقه على جذوع النخل وأقطع يديه ورجليه من خلاف! فهل وبعد آلاف السنين علينا أن نوافق على ما يقوله حاكمنا! وإذا اعترضنا خرج علينا من يقول لنا.. «أنتم مخطئون».. «أنتم لا تفهمون».. الذين تشبهونه بالفرعون هو مثل نبى الله موسى ومثل ذى القرنين الذى بنى سد «يأجوج ومأجوج» الذى يفوق سدكم العالى اللى غنيتم له وصدعتونا به! ولكن المعارضين يردون بهدوء لم نر سدوداً بناها مرسى سوى سد محمد محمود وسد قصر العينى وسد أبواب الرزق فى وجوهنا! هكذا قال ويقول الذين نزلوا إلى ميدان التحرير وميادين مصر يوم الثلاثاء الماضى وهم آلاف من أطياف الشعب المختلفة.. عمال.. فلاحون.. طلبة.. مثقفون.. رجال سياسة.. تلاميد مدارس.. كلهم خرجوا ليقولوا لا ويسألون حاكمهم لماذا تتجاهلنا.. ولماذا فى كل مرة تخرج إلى من تسميهم أهلك وعشيرتك لتخطب فيهم وتخبرهم بقراراتك.. ألسنا من الشعب الذى تحكمه.. أم أنك تعتبرنا شعبا من بلد آخر! أو كأنك تقول لنا أنا لا أثق فيكم! لماذا لا تخرج إلينا وتخاطبنا وتتحدث معنا ولماذا لا تتراجع عن قراراتك إذا كانت خاطئة أنت رجل مسلم ودائما تتأسى بنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الرسول عليه الصلاة والسلام كان الصحابة يراجعونه فى قراراته وكانوا يوجهون إليه السؤال الخالد! أهو وحى السماء؟ فإذا كانت إجابة الرسول الكريم ب«لأ».. قالوا رأيهم وكان صلى الله عليه وسلم يستمع إليهم ويأخذ بآرائهم.. حتى إخواننا من المسيحيين لهم حق عليك كمواطنين ورعايا يجب عليك أن تسمعهم وتعرف مشاكلهم ولماذا اعترضوا على قراراتك وما ينوى المنتمون إليك فى التأسيسية من وضع بنود فى الدستور تنتقص من حقوقهم! مرة أخرى يا سيادة الرئيس لا تصم اذنيك عما ينادى به الشعب أيا كانت نسبته! وأرجوا ألا تسلك طريق العناد الذى سلكه من قبلك! الشعب المصرى صبور ويمد حبال الصبر! أما إذا غضب كفاك الله شر غضبه . نشر بالعدد 625 بتاريخ 3/12/2012