أسرار لا يراها العالم إلا داخل المتحف المصري الكبير: مسلة معلّقة ودرج ملوك ونافذة تكشف الأهرامات من داخل القاعات

لم يعد المتحف المصري الكبير مجرد منشأة لعرض القطع الأثرية، بل تحوّل إلى مدينة حضارية متكاملة تمزج بين عبقرية المصري القديم وأحدث ما وصل إليه التصميم المتحفي في العالم.

فالمتحف، المشيد على مساحة تتجاوز نصف مليون متر مربع بجوار أهرامات الجيزة، يقدم تجربة لا تشبه أي متحف على وجه الأرض، حيث يعيش الزائر رحلة فعلية داخل التاريخ، لا مجرد زيارة تقليدية لقاعات عرض.

منذ اللحظة الأولى عند بوابة الدخول، يصطدم الزائر بأيقونة لم تُنفذ عالميًا من قبل: أول مسلة معلّقة في التاريخ. المسلة مصممة بحيث يرى الجمهور النقوش والخرطوش الملكي الذي ظل مخفيًا آلاف السنين داخل قاعدة المسلة. العملية كانت رحلة هندسية معقدة استمرت أشهر، وتم تنفيذها على قاعدة عملاقة مقاومة للاهتزازات والزلازل، لتصنع مشهدًا بصريًا لا يمكن تكراره في أي متحف آخر حول العالم.

وبعد تجاوز باحة المسلة، يبدأ الصعود عبر الدرج العظيم، وهو واحد من أضخم عناصر العرض المعماري في أي متحف عالمي. يقف على هذا الدرج أكثر من 70 تمثالًا لملوك مصر عبر عصور مختلفة، بدءًا من الدولة القديمة وصولًا إلى العصر الروماني، ليبدو الدرج وكأنه موكب ملكي صامت يستقبل الزائرين. المعروضات موزعة وفق أربعة محاور: تطور الملامح الملكية، معابد ومقابر الملوك، العلاقة بين الملوك والمعبودات، ثم الانتقال إلى عالم الخلود وتوابيت السلاطين والملكات.

وفي أعلى الدرج، تفاجئ المتحف زواره بمشهد لا يتكرر: نافذة ضخمة تطل مباشرة على أهرامات الجيزة، وكأن الأهرامات معروضة داخل المتحف نفسه في لوحة طبيعية حية، تؤكد أن المتحف ليس بعيدًا عن التاريخ، بل جزءًا من قلبه.

أما نقطة الجذب الأكبر عالميًا فهي قاعات الملك توت عنخ آمون، حيث تُعرض مقتنياته كاملة لأول مرة على مساحة 7 آلاف متر مربع، بعدما كان العالم يشاهد أقل من نصفها فقط. أكثر من 5 آلاف قطعة، بعضها لم يره الجمهور يومًا، من العرش الذهبي وحتى أدوات الحياة اليومية، بأساليب عرض تفاعلية تمنح الزائر إحساسًا بالعودة إلى عصر الملك الشاب.

ولأن المصريين القدماء لم يعرفوا الحضارة فقط فوق الأرض، بل فوق النيل أيضًا، ينفرد المتحف بعرض مركبي خوفو داخل جناح مصمم خصيصًا لعرضهما جنبًا إلى جنب، بعد تنفيذ واحدة من أعقد عمليات النقل والترميم في تاريخ الآثار، باستخدام عربة ذكية تم تصنيعها خصيصًا لهذا الهدف.

كافة هذه العناصر – المسلة المعلقة، الدرج العظيم، نافذة الأهرامات، توت عنخ آمون الكامل، ومراكب خوفو – جعلت المتحف المصري الكبير ليس مجرد الأكبر عالميًا من حيث المساحة، بل الأكثر تفردًا بوصفه المتحف الوحيد الذي يتيح للزائر أن يرى تاريخ مصر القديمة حيًا أمامه، في بناء حديث يعيد تعريف معنى المتحف في القرن ال21.