المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد    الاستعدادات النهائية لجولة الإعادة بانتخابات النواب في الشرقية (صور)    طالبات البحر الأحمر الأزهرية يتألقن في التصفيات النهائية لمسابقة الملتقى الفكري    بالفيديو.. تفاصيل بروتوكول التعاون بين "الإفتاء" و"القومي للطفولة" لبناء الوعي المجتمعي    تراجع أسعار الذهب محلياً خلال التعاملات الصباحية.. والجرام يفقد 30 جنيهاً    المشاط: نمضي نحو نموذج اقتصادي مبني على الإنتاجية والصناعية والتصدير    وزير الإنتاج الحربي: الطلمبات الغاطسة تحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومي    بدء تحرك القافلة ال95 للمساعدات تمهيدًا لدخولها غزة عبر معبر رفح    وزير الخارجية يؤكد أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار بغزة    لا نريد الحرب ولكننا مستعدون.. رسالة روسية ترسم خطوط حمراء أمام أوروبا    نتنياهو يقتحم ساحة حائط البراق لإحياء عيد الأنوار اليهودي    ترامب يقاضى BBC ويطالب ب 10 مليارات دولار تعويض.. اعرف السبب    برشلونة ضيفا على جوادالاخارا في كأس ملك إسبانيا    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    من المرشح الأبرز لجائزة «ذا بيست» 2025    الأهلي يقترب من حسم صفقة سوبر.. وتكتم على الاسم    الداخلية: ضبط أكثر من 36 طن دقيق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    من قلب غرفة العمليات، محافظ دمياط يقود مواجهة الأمطار الغزيرة ويعلن حالة الطوارئ الشاملة    طالب يقتل صديقه بسبب مشادة كلامية فى المنوفية    «منى زكي في تحدٍ مزدوج».. سيدة نفوذ على المنصات.. و«كوكب الشرق» يتصدر السينما    ندوة الإفتاء تناقش تحقيق التوازن بين الكشوف العلمية الحديثة والاجتهاد الفقهى    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    منها التهاب المعدة | أسباب نقص الحديد بالجسم وعلاجه؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمدرسة كفر عامر ورضوان الابتدائية بكفر شكر    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بمدينة الشهداء بالمنوفية    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    صعود شبه جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات الثلاثاء    مجسمات ضوئية واحتفالات متنوعة.. ارتفاع نسب الإشغال الفندقي بمنتجعات جنوب سيناء مع اقتراب الكريسماس    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    الأهلي يوافق على عرض إشتوريل برايا لضم محمد هيثم    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    البدري: الشحات وأفشة مرشحان للانضمام لأهلي طرابلس    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    وزير التموين يفتتح اليوم مجمعا استهلاكيا جديدا ضمن Carry On    وزارة الصحة توجه رسالة مهمة للحماية من مضاعفات الإنفلونزا.. اعرفها    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الثلاثاء 16-12-2025 فى المنوفية    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    محافظ أسوان: صرف العلاج لأصحاب الأمراض المزمنة كل شهرين    عمرو أديب لمحمد صبحي: هيئة الترفيه لا علاقة لها بفيلم «الست».. هل الدولة ستتآمر على نفسها؟    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة تركت المستفيدين وحدهم في الصحراء .. والحلم بدأ يتحول إلي كابوس!
أحمد كمال زكي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 01 - 08 - 2009

إذا أردت أن تقتل مشروعا كبيرا، فضع في طريقه العراقيل وأطلق عليه جحافل الروتين.. وإذا أردت أن تغتال حلما، فابتكر له المشاكل وقاوم أية محاولة لإيجاد الحلول والتيسير علي الناس.. وهذا ما حدث - ويحدث - مع مشروع "ابني بيتك"، بعد أن نجح في خلق حالة خاصة بين المستفيدين منه.. باعتباره مشروعا متجاوزا لطابور الإحباطات، ومبشرا بمجتمع جديد ينهض علي سواعد الشباب، ويستمر بأفكارهم وإصرارهم علي إنجاز البيت الحلم.. لكن الواقع دائما أسوأ كثيرا من الأحلام!
فقد تم الإعلان عن المشروع في إطار البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك، ولم يكن القائمون عليه يتخيلون أن يصبح مشروعا قوميا بحق وحقيق، ولم يكن يتخيل المتقدمون إليه أن يخلق بينهم حالة خاصة تجمعهم علي حلم امتلاك بيت - أو فيلا كما يسميها البعض! - هم الذين يبنونه "طوبة طوبة"، ويضعون فيه عصارة أملهم وتحويشة عمرهم.. كان المشروع كغيره من مشاريع وزارة الإسكان.. قطعة أرض بسعر رمزي قدره 70 جنيها للمتر، بشرط أن يقوم المستفيد ببناء نصف المساحة في خلال سنة، ليحتفظ بأرضه ويحصل من الدولة علي 15 ألف جنيه كدعم لا يرد، وكانت الوزارة قد حددت للمشروع 20 ألف قطعة علي مستوي الجمهورية.. فتقدم أكثر من 100 ألف مواطن يرغبون في بناء بيوتهم.. وتحول المشروع من "عادي" إلي "استثنائي" بعد إصدار الرئيس مبارك قرارا بحصول كل المتقدمين للمشروع وتنطبق عليهم الشروط علي قطع أراض.. وأسقط في يد الوزير أحمد المغربي والوزارة طبعا لأن الذين تنطبق عليهم الشروط وصل عددهم إلي 92 ألفا، وهذا يعني بحسبة بسيطة ضرورة توفير 72 ألف قطعة إضافية علي مستوي الجمهورية.. وبالفعل نجحت الوزارة في توفير جميع قطع الأراضي المطلوبة.. وبدأ الحلم ينمو، ويكبر، وبدأ المستفيدون من المشروع يرون أنفسهم في أحلامهم الوردية وهم يبنون بيد، ويزرعون الحديقة باليد الأخري!
لكن الواقع جاء كالعادة ليحيل الحلم إلي كابوس.
فهناك تخبط شديد في المشروع.. وروتين يجعل القرارات غير ثابتة وأحيانا متضاربة، والصورة غير واضحة، والمعلومات غائبة أو مغيبة.. الوزارة تركت المستفيدين في مواجهة العربان والبلطجية, والمقاولون استغلوا الظروف لمص دم الشباب الغلابة الذين لا يعرفون شيئا عن المقاولات ولا البناء.. والاستغلال والاحتكار أعلنا عن وجهيهما القبيح دون أن يتحرك أحد ويعطف علي الشباب الذين يتحركون وعلي رقابهم سيف الوقت.. ومكاتب هندسية فاشلة وجدتها فرصة لاستغلال المستفيدين الراغبين في عمل تعديلات في الرسومات الهندسية.. فأضافوا أعباءً أخري علي الأعباء الموجودة أصلا.. ووجد المستفيدون أنفسهم بمفردهم في صحراء جرداء.. لا يتورع أحد فيها عن استغلالهم والحصول منهم علي ما معهم وكأنهم من أثرياء الانفتاح.. وبدأت الصورة الوردية تتحول إلي اللون الأسود، ورحلة بناء البيت تتحول إلي رحلة عذاب.. تنتقم فيها الدولة من الشباب الذين ارتكبوا جريمة نكراء حينما صدقوها واندفعوا وراء أحلامهم المشروعة بامتلاك بيت حتي لو كان مثل "علبة سردين"!
وضاقت الدنيا في وجوههم أكثر من المساحة الخانقة التي تعطفت عليهم بها الوزارة.. وفكروا في لحظة يأس في اللجوء إلي حماية الدولة.. فذهبوا إلي وزارة الإسكان وقالوا إنهم تعرضوا لعمليات نصب كثيرة من مقاولين مزيفين ومهندسين جهلة وفاشلين ومزورين، ومجرمين هاربين من القانون وجدوا فرصة للتربح من وراء المشروع مستغلين غياب وزارة الداخلية وانشغالها بالتعذيب والتنكيل بالمواطنين، وخوف الناس علي مصالحهم.. وفي النهاية اقترح المستفيدون من المشروع علي الوزارة أن تقوم هي بعملية البناء من خلال إسناد العملية إلي شركة كبيرة.. في مقابل أن يدفع المستفيد المبلغ مرة واحدة أو علي مرتين للوزارة أو للشركة التي تقوم بإنجاز المشروع.. لكن الوزارة رفضت بدعوي أن اسم المشروع "ابني بيتك".. وليس "تعالَ لأبني لك بيتك"!
منطق أعوج وعجيب.. وطبقا له فللوزارة الحق في أن تسحب من كل المستفيدين قطعهم لأنهم لم يبنوا بيوتهم بأنفسهم ولكنهم استعانوا بمقاولين أخذوا المبلغ الذي يريدونه وبنوا لهم بالطريقة التي يرونها.. منهم من غالي في مطالبه، ومنهم من غش في مواد البناء، ومنهم من أخذ المبلغ كله، و"فص ملح وذاب".. وقليلون هم الصادقون في عملهم من المقاولين أو المهندسين!
ولم ييأس المستفيدون فذهبوا إلي بنك التعمير والإسكان وعرضوا عليه الأمر، ووافق رئيس البنك من حيث المبدأ، ووعد بدراسة الموضوع، والدراسة جاءت في صالح الاقتراح، وتحدد مبلغ يدفع مقدما، ويتم تقسيط الباقي بحيث يدفع المستفيد 400 جنيه شهريا.. وفرح المستفيدون وهللوا.. لكن حتي الآن لم ترد الوزارة لا بالرفض ولا بالقبول.. ويبدو أنها تدخر ردها لما بعد الانتهاء من المشروع!
وبالتدريج بدأ الحلم الذي عاشه 92 ألف مستفيد من المشروع علي مستوي الجمهورية يتحول إلي كابوس.. حيث تحاصرهم المشاكل من كل مكان.. وتقف الدولة تتفرج عليهم مستمتعة لتري كيف يتصرفون، حتي أصبح الأمر أقرب إلي لعبة القط والفأر.. فالأجهزة تتحايل للإيقاع بالمستفيدين حتي تضيع عليهم الدعم المادي، والمستفيدون يصرخون ولكن صراخهم يضيع في الصحراء.. ورغم اقتراب المشروع من نهايته مازالت ملامح الخدمات والمرافق غير واضحة المعالم في كثير من المناطق، وهو أمر غريب، حيث تفرض الدولة علي المستفيدين أن ينتهوا من البناء في 15 شهرا - بعد أن تفضلت مشكورة بمد فترة السماح بالبناء ثلاثة أشهر - ولكنها هي نفسها لا تفعل المطلوب منها بالنسبة للخدمات والمرافق.. فقد انتهي بعض المستفيدين بالفعل من بناء بيوتهم، بعد أن باعوا شققهم واقترضوا لاستكمال بناء الحلم، وأصبحوا مجبرين علي الإقامة في بيتهم بعد بنائه.. لكنهم عندما ذهبوا لم يجدوا سوي صحراء ليس فيها إلا الذئاب والزواحف والعربان.. فالخوف يحيطهم من كل جانب.. لا ماء، ولا كهرباء، ولا خدمات، ولا حياة.. ولا وجود للدولة علي الإطلاق!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.