مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان ببداية تعاملات الاثنين 14 يوليو 2025    الدولار ب49.43 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 14-7-2025    سعر السمك (بلطى وسردين) والجمبري في الأسواق اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    ارتفاع حصيلة ضحايا اشتباكات السويداء في سوريا ل 114 قتيلا ومصابا    حركة الكرامة في السويداء: ما تشهده المحافظة من توتر لا يخدم مصلحة أي طرف    مطار "لندن ساوث إند" يعلق جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ركاب صغيرة    95 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    شوبير يعلن عن تقدمه ببلاغ للنائب العام ضد لاعب الأهلي    كلاكيت ثالث مرة.. نتيجة تشيلسي تتكرر والبطل يظل أوروبي    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    شوبير سيتقدم ببلاغ للنائب العام ضد نجم الأهلي السابق.. ما السبب؟    ملف يلا كورة.. مستقبل وسام مع الأهلي.. مفاوضات الزمالك.. وتتويج تشيلسي    وزير الطوارئ السوري يعلن موعد السيطرة الكاملة على الحرائق في ريف اللاذقية    هيئة الأرصاد تحذر: حالة الطقس اليوم في مطروح الإثنين 14 يوليو 2025    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    توقعات الأبراج اليوم الإثنين 14 يوليو 2025.. «السرطان» يواجه تقدم مهني وانسجام عاطفي    ضبط مستأجرين تعتدوا على مالكة شقة وابنتها بالدقهلية (صور)    السيسي في قمة الاتحاد الإفريقي: تعزيز التكامل القاري ودعم السلم والأمن أولويات مصر في إفريقيا    9 صور لتسليم ترامب جوائز نهائي بطولة كأس العالم للأندية للاعبين    ليسوا ريال مدريد أو إنتر ميامي بالفعل.. تشيلسي يكتسح سان جيرمان ويتوج ب كأس العالم للأندية    فقد أعصابه.. إنريكي يعتدي على جواو بيدرو بعد خسارة نهائي كأس العالم للأندية    إعلام إيراني: لا صحة لإغلاق المجال الجوي الإيراني مجددا    حزب المؤتمر: وضعنا خطط عمل مشتركة للوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    سر موتهم لا يزال مجهولًا.. دفن الجثة الرابعة للأشقاء المتوفين بالمنيا    الكهرباء: عودة 5 وحدات غازية للعمل بمحطة الشباب المركبة بالإسماعيلية    مع السقا وفهمي.. لاعب الأهلي يشاهد فيلم "أحمد وأحمد" (صورة)    حدث بالفن | عزاء المخرج سامح عبدالعزيز ونقل لطفي لبيب إلى المستشفى    "ليه ميدخلش بالجلابية؟".. رسالة غاضبة من وائل شيتوس إلى مسؤولي الأندية    ثروت عكاشة رئيسا لنادي أدب أسيوط    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    80 رحلة يوميا.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المحافظات الإثنين 14 يوليو    مساعد وزير الداخلية الأسبق: ترخيص «التوك توك» ضرورة أمنية (فيديو)    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. شروط القبول والالتحاق بالكليات والمعاهد الحكومية    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    زاخاروفا: القضية الأوكرانية أولوية في الاجتماع بين لافروف وروبيو    الإكوادور تعرض مكافأة 100 ألف دولار للقبض على نائب متهم باغتصاب قاصر    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    محمد على رزق يتحدث عن أول لقاء مع الراحل محمود عبدالعزيز.. ماذا قال؟    4 أبراج «عندهم بُعد نظر».. حكماء يفكرون خارج الصندوق وبارعون في فهم الناس    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    تعظيم سلام لوزارة الداخلية    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة المدينة المغلقة.. آخر مناورة إسرائيلية لضرب مفاوضات الهدنة في غزة
نشر في صوت الأمة يوم 12 - 07 - 2025

نتانياهو يوعد ترامب بتسهيل المفاوضات.. ووزير دفاعه يعيد طرح التهجير بنقل سكان رفح لمنطقة معزولة تمهيدًا لترحيلهم
خبراء ل"ضوت الأمة": الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب لا تسعى لإنهاء الحرب لكن إرضاء واشنطن.. والسيطرة على محور "ميراج"



بين ركام الحرب الممتدة في قطاع غزة وتزايد المعاناة الإنسانية، تتكثف التحركات السياسية والدبلوماسية ما بين القاهرة والدوحة وواشنطن في محاولة للوصول إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار. في قلب هذه المساعي، تطرح مصر وقطر مقترحًا معدلًا يأخذ بعين الاعتبار النقاط الأساسية التي وضعها المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في وقت تشير فيه المعطيات إلى اقتراب حقيقي من التوصل لاتفاق، مدفوعًا بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اعتبر أن إنهاء الحرب يمثل أولوية قصوى لإدارته.
في المقابل، تقف إسرائيل، وتحديدًا رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، في موقع بالغ الحساسية، حيث يسعى الأخير لاستثمار التطورات لصالحه سياسيًا وشخصيًا، من خلال زياراته المتكررة إلى واشنطن، وآخرها الزيارة التي خاضها منتصف الأسبوع الماضي، وسط حالة من الشكوك حول نوايا تل أبيب في الالتزام بأي اتفاق طويل الأمد.
وتحظى المبادرة التي اقترحتها مصر وقطر بموافقة مبدئية من حركة حماس التي أبدت ردًا إيجابيًا، مقابل موافقة رسمية من الجانب الإسرائيلي، بحسب مسؤولين أمريكيين، وهو ما قد يمهد الطريق لتوقيع اتفاق لمدة شهرين، كما ورد في تقارير البيت الأبيض.
ترامب صرّح مؤخرًا بأن اتفاق وقف إطلاق النار بات قريبًا جدًا، وأن إدارته تعمل على ضمان تطبيقه خلال "أسابيع قليلة"، وأكد أن إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى، لاحتواء التصعيد الإقليمي، خاصة بعد توقف العمليات المباشرة بين إسرائيل وإيران.
ويتزامن ذلك مع ضغوط متزايدة تمارسها واشنطن على إسرائيل لقبول الاتفاق، مع ربط بعض المساعدات العسكرية المستقبلية بالتزام تل أبيب بخارطة الطريق السياسية المطروحة.
وجاءت زيارة نتنياهو إلى واشنطن في سياق سياسي داخلي بالغ التعقيد، فالرجل الذي يواجه تحقيقات فساد معلقة، ويحاول الحفاظ على وحدة ائتلافه اليميني المتشدد، يرى في الدعم الأمريكي، وخاصة من ترامب، طوق نجاة شخصي، ووفق مراقبون فإن نتنياهو لم يستهدف فقط من الزيارة مناقشة ملف غزة، بل يعمل على إظهار نفوذه الشخصي على ترامب والحزب الجمهوري، والحصول على تعهدات أمريكية بعدم التوصل لأي اتفاق مع إيران قد يضعف موقف إسرائيل في المنطقة.
فيما يرى البعض أن الزيارة يستهدف أيضا من ورائها نتنياهو الحفاظ على الدعم العسكري والمالي لإسرائيل وإرضاء حلفائه المتشددين في اليمين المتطرف عبر الحديث عن توسيع الاستيطان في الضفة الغربية وربما بناء مستوطنات في غزة.
زيارة نتنياهو، بحسب بعض المحللين، ليست سوى حملة علاقات عامة موجهة للداخل الإسرائيلي، لتعزيز صورته كرجل المرحلة، رغم الانتقادات الدولية والمحلية، وفي خضم هذه التطورات، فجّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مفاجأة بالكشف عن خطة لبناء ما سماها "مدينة إنسانية مغلقة" فوق أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، خطوة انتقدت من قبل الإسرائيليين نفسهم ووصفها المحامي الإسرائيلي ميكائيل سفارد بأنها "جريمة ضد الإنسانية"، كونها تهدف عمليًا إلى نقل سكان رفح إلى منطقة معزولة، تمهيدًا ل"ترحيلهم خارج القطاع".
ويعتبر البعض أن هذا المشروع، إن تم تطبيقه، قد ينسف أي جهود دولية للسلام، ويفتح الباب أمام موجة جديدة من الإدانات، خاصة مع تصاعد أصوات في المجتمع الدولي تحذر من التهجير القسري كأحد أشكال الإبادة الجماعية.
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن إطلاق كاتس، لخطط أطلق عليها اسم "المدينة الإنسانية" لتهجير سكان غزة، هي في الواقع خطة تطهير عرقي، إذ لا يمكن اعتبار أي رحيل طوعيا عندما يكون البديل هو الجوع أو السجن لأجل غير مسمى في ظروف غير إنسانية، موضحة أن أفكارا كانت تعتبر سابقا غير قابلة للتطبيق وغير مقبولة، أصبحت بالفعل واقعا، مستشهدة بنظام "توزيع المساعدات الإنسانية" الذي تديره ما تسمى بمؤسسة غزة الإنسانية الخاصة والذي يوقع الفلسطينيين الجائعين في فخ الموت، وقتل المئات بالفعل.
وقالت الجارديان إن خطاب إسرائيل يهدف لطمس حقيقة الفظائع المرتكبة، ومنح المتواطئين فرصة للنأي بأنفسهم عما يحدث، وذكرت الصحيفة أن وزراء الاتحاد الأوروبي سينظرون الأسبوع المقبل في المراجعة الداخلية لاتفاقية التجارة بين الاتحاد وإسرائيل، وحثتهم على اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها مؤكدة أنه إذا أراد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام، فعليه الإصرار على سلام حقيقي، بدلا من "الانبهار بسراب ريفييرا بنيت على أنقاض غزة".
وخلال لقائه بترامب، حاول نتنياهو ترويج رواية "الإنجازات العسكرية" في غزة، وقال: "حررنا 205 رهائن من أصل 255، ونحن مصممون على استعادة الجميع أحياء أو أموات"، لكنه لم يقدم أي التزام صريح بوقف العمليات العسكرية، بل شدد على ضرورة القضاء على قوة حماس بالكامل، وضمان أن "لا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل مستقبلًا".
وفى اجتماع ال90 دقيقة الذى جمع ترامب ونتانياهو مساء الثلاثاء الماضى، قال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إن إسرائيل وحماس حلتا ثلاثًا من أصل أربع قضايا متبقية خلال "محادثات القرب" في الدوحة، وقال: "نأمل أن نتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع".
وأشارت مصادر أمريكية إلى أن الجانبين الأمريكي والإسرائيلى ناقشا خرائط إعادة الانتشار، حيث تطالب حماس بانسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي إلى نفس خطوط وقف إطلاق النار التي كانت قائمة قبل انهيار وقف إطلاق النار السابق في مارس ، وهو ما ترفضه إسرائيل، موضحة أن أحدى القضايا التي تم حلها الآن هي إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث قال مصدر إن الطرفين اتفقا على أن تسلم المساعدات في مناطق غزة التي ينسحب منها جيش الدفاع الإسرائيلي من قبل الأمم المتحدة أو منظمات دولية غير تابعة لإسرائيل وحماس ما يعني أن مؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، لن تتمكن من توسيع عملياتها في غزة، وقد تضطر إلى التراجع عن بعضها، لكن هناك خلاف آخر تم حله يتعلق بمطالبة حماس بضمانة أمريكية بعدم قدرة إسرائيل على استئناف الحرب من جانب واحد بعد انتهاء وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا.
وقال نتنياهو لفوكس بيزنس إنه "يعتقد أن هناك فرصة جيدة لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوما وهو ما سيقربنا من أهدافنا"، مضيفاً: "نتحدث عن وقف إطلاق نار لمدة 60 يوما يتم خلالها إعادة نصف الرهائن الأحياء والمتوفين".

هدنة قريبة
ويرى الدكتور محمد عثمان، الباحث في العلاقات الدولية، أن المساعي الدبلوماسية الراهنة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد بلغت مرحلة متقدمة، مرجحًا أننا "في أقرب نقطة الآن لإبرام اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت بين حماس وإسرائيل"، غير أن بعض التفاصيل الفنية لا تزال تعيق التوصل إلى تصور نهائي للاتفاق، أبرزها آليات إدخال المساعدات الإنسانية، وانتشار القوات الإسرائيلية داخل القطاع.
وأوضح عثمان ل"صوت الأمة" أن حركة حماس تطالب، بحسب مصادر، بعودة القوات الإسرائيلية إلى ما قبل خطوط القتال التي سادت قبل استئناف الحرب في مارس الماضي، في حين تصرّ إسرائيل على البقاء في المناطق التي احتلتها والتي تتجاوز 65% من مساحة قطاع غزة، فضلًا عن تمسكها بآلية توزيع المساعدات الحالية التي تدار بشكل مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ورفض العودة للآليات السابقة التي كانت تشرف عليها الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية، وشدد عثمان على أن إسرائيل لا تسعى في هذه المرحلة إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، بل إلى التوصل إلى هدنة طويلة الأمد ترضي الجانب الأمريكي وتتيح لها استعادة المزيد من الرهائن، دون الالتزام بإيقاف الحرب نهائيًا.
وبخصوص التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير في غزة والضفة الغربية، أكد عثمان أن هذا السلوك "جزء من سياسة إسرائيلية معتادة"، إذ دأبت إسرائيل على تصعيد عملياتها العسكرية قبل التوصل إلى أي وقف لإطلاق النار. وقد تكرر هذا النمط قبل الهدنة السابقة في غزة، وأيضًا في لبنان، بل وحتى في إيران قبيل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، حيث نفذت إسرائيل أحد أكبر الضربات الجوية ضد أهداف إيرانية، ورغم ذلك، يرى أن فرص التوصل لاتفاق لا تزال "معتبرة وقوية"، وإن لم تكن "حتمية"، نظرًا إلى "التعنت الإسرائيلي".
وفي ما يخص دور الوسطاء، أشاد عثمان بالدور العربي، لا سيما مصر وقطر، مؤكدًا أن الدولتين تلعبان دورًا محوريًا في الوساطة، خاصة أن موقفيهما منحازان للحقوق الفلسطينية، وهما حريصتان على إيجاد حل نهائي للحرب، يمهّد لمسار سياسي في إطار استئناف عملية السلام، بما يقود إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، أما الولايات المتحدة، فرأى أنها "وسيط ضرورة"، نظرًا لقدرتها على التأثير على إسرائيل، لكنه أشار إلى أنها "وسيط غير نزيه، ومنحاز بالكامل للجانب الإسرائيلي"، بل وصفها ب"الشريك في الجرائم الجارية بغزة"، مؤكدًا أن الجرائم تُنفذ بالسلاح الأمريكي، وأن آلية المساعدات الجديدة المهينة للفلسطينيين تُدار من قبل مؤسسة أميركية يقودها ضباط سابقون في الجيش الأميركي، بموافقة ومباركة إدارة ترامب.
وأضاف أن واشنطن تسعى حاليًا إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط ووقف القتال في غزة ولو مؤقتًا، لأن ترامب يرغب في التفرغ لملفات دولية أخرى، مثل التوتر مع الصين والحرب في أوكرانيا، ويرى أن الشرق الأوسط قد استهلك أكثر مما يستحق من الجهود الأمريكية، إلا أن ذلك "لا يعني أن الولايات المتحدة مهتمة بتحقيق سلام حقيقي مبني على الشرعية الدولية"، على حد تعبيره.
وفي ما يتعلّق بتصريحات نتنياهو التي امتدح فيها ترامب، معتبرًا أنه يستحق جائزة نوبل للسلام، قال عثمان إن هذه التصريحات تهدف إلى "مداعبة غرور ترامب"، الذي يظن – كما قال – أنه يستحق نوبل رغم عدم تحقيقه لأي اختراق حقيقي في أي صراع عالمي. واعتبر أن نتنياهو يستخدم هذا الخطاب لتحقيق مكاسب سياسية، وضمان استمرار الدعم الأمريكي، وتليين الموقف الأمريكي إزاء إسرائيل في ما يتعلق بالحرب على غزة، لا سيما أن الولايات المتحدة تضغط حاليًا باتجاه هدنة مؤقتة لمدة 60 يومًا.
وأشار إلى أن زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن، وهي الثالثة خلال أقل من ستة أشهر، تعكس عمق العلاقة بين حكومته وإدارة ترامب. لكنها في الوقت ذاته لا تعني – بحسب عثمان – أن إسرائيل تتحكم في القرار الأمريكي. فالولايات المتحدة، برأيه، "هي من تدير دفة العلاقة، وتحدد مقتضيات مصالحها في المنطقة، وإسرائيل تنصاع لهذا الإطار"، رغم أن الرؤى بين الطرفين تتطابق في معظم الملفات.
وضرب عثمان مثالًا بالحرب الأخيرة مع إيران، موضحًا أن واشنطن كانت تهدف إلى الضغط على طهران للعودة إلى المفاوضات، وتقييد قدراتها النووية، بينما كانت إسرائيل تسعى إلى تدمير تلك القدرات بالكامل وإسقاط النظام الإيراني. وخلص إلى أن الولايات المتحدة لَجَمت إسرائيل، وأدارت الحرب وفقًا لأولوياتها، ويرجّح أن يتم التعاطي مع ملف غزة بالمنطق نفسه.
وفي ما يخص اللقاء الأخير بين ترامب ونتنياهو، نقل عثمان ما ورد في بعض التقارير التي تحدّثت عن أن الاجتماع، الذي استمر 90 دقيقة، كان متوترًا، بسبب إصرار ترامب على التزام إسرائيل بهدنة مؤقتة لمدة 60 يومًا، وأشار إلى أن الأيام المقبلة، خصوصًا بعد زيارة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى الدوحة، قد تكشف مدى صحة هذه التسريبات.
أما بشأن تصريحات نتنياهو حول وجوب نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، فاعتبرها دليلاً على أن إسرائيل لم تتخلَّ عن هدفها الأساسي وهو التهجير القسري، وقال إن هناك تطابقًا واضحًا بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي بهذا الشأن، لافتًا إلى أن ما يسمى ب"الهجرة الطوعية" ما هو إلا غطاء لسياسات التهجير، التي تواجه حتى الآن رفضًا عربيًا ودوليًا واسعًا.
وختم عثمان بالتشديد على أن مصر ترفض هذا المخطط بشدة، وتعمل كحجر عثرة أمام تنفيذه، مؤكدًا أن مصر والأردن يرفضان استقبال اللاجئين الفلسطينيين، فيما تسعى إسرائيل لإيجاد دول بديلة لترحيلهم إليها. ورغم أن بعض الفلسطينيين قد يبدون تجاوبًا محدودًا بسبب الوضع الإنساني الكارثي، فإن الرهان يبقى على الصمود الفلسطيني ورفضهم مغادرة أرضهم، إلى جانب الرفض الإقليمي والدولي المتزايد لخطط التهجير.

معوقات إسرائيلية
من جانبه أكد الدكتور مراد حرفوش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن الجهود المبذولة حاليًا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بلغت ذروتها، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرّح أكثر من مرة بأن التوصل إلى اتفاق بات قريبًا، وأضاف أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أعلن مؤخرًا أن أربع نقاط خلافية تم تجاوزها، وبقيت نقطة واحدة عالقة تتعلق بمحور "ميراج" الذي تسعى إسرائيل للسيطرة عليه عسكريًا وسياسيًا.
وأوضح حرفوش ل"صوت الأمة" أن الهدف الإسرائيلي من السيطرة على هذا المحور هو الدفع بالفلسطينيين نحو منطقة عازلة جنوب قطاع غزة، تمهيدًا لحشرهم في بقعة جغرافية محددة فوق أنقاض محافظة رفح، وهو ما يُعد مرحلة انتقالية نحو تنفيذ مخطط تهجير جماعي للفلسطينيين، وفق رؤية الاحتلال التي عبّر عنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بإعلانه إقامة "مدينة إنسانية" جنوب القطاع.
وأشار إلى أن هذه النقطة – رغم حساسيتها – قد يتم تجاوزها بفعل *الضغوط الأمريكية خاصة في ظل سعي إدارة ترامب إلى إنجاز "صفقة" خلال هذا الأسبوع، على حد تعبيره.
ويرى حرفوش أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفع من سقف التفاوض بشكل مقصود، ويواصل ارتكاب المجازر في غزة، متبعًا سياسة "المفاوضات تحت النار" لابتزاز الجانب الفلسطيني والضغط على المقاومة، وأكد أن هذه الاستراتيجية متكررة في كل الجولات السابقة، حيث لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية أثناء التفاوض، بل تواصلت عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في القطاع.
وفي الضفة الغربية، أشار إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية لم تتوقف منذ سنوات إذ يتم يوميًا تنفيذ عمليات هدم، واغتيالات، واعتقالات تطال المئات، إضافة إلى دعم الاحتلال لعصابات المستوطنين في مهاجمة الفلسطينيين وممتلكاتهم، كما أشار إلى أن *الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى فرض السيادة الكاملة على الضفة من خلال سياسة تقطيع الأوصال، والإغلاقات، ونشر أكثر من 900 حاجز وبوابة حديدية مما يكرّس واقعًا استعماريًا قمعيًا يخدم مشروع "حسم الصراع" الذي تتبناه حكومة نتنياهو.
وحذر من أن مخططات حكومة نتنياهو تشمل أيضًا تسريع التهويد في القدس، واقتحام المسجد الأقصى حيث تشهد الباحات اقتحامات متكررة من قبل وزراء في الحكومة الإسرائيلية ومجموعات المستوطنين بهدف فرض أمر واقع ديني، وهو ما يتم بالتوازي مع اعتقالات جماعية تطال الفلسطينيين في القدس، وفرض عقوبات جماعية عليهم ضمن سياسة عنصرية ممنهجة.
وحول الزيارة الثالثة لنتنياهو إلى واشنطن خلال ستة أشهر، قال حرفوش إنها تعكس عمق العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل وإدارة ترامب، التي تقدم دعمًا سياسيًا وعسكريًا غير محدود للاحتلال، مؤكّدًا أن التنسيق بين الطرفين يشمل ملفات تتجاوز القضية الفلسطينية، مثل لبنان وسوريا، لافتاً إلى أن هذا الحراك السياسي يتم بتنسيق امريكي – إسرائيلي مباشر، إذ يرى ترامب أن وقف إطلاق النار في غزة شرط أساسي لتمرير "الصفقة الإبراهيمية" الجديدة* وهو ما يجعل وقف القتال أولوية مرحلية بالنسبة للإدارة الأمريكية، على عكس توجهات الاحتلال.
وأكد حرفوش أن مشروع تهجير الشعب الفلسطيني هو فكرة قديمة وجزء من أجندة اليمين الإسرائيلي، لكنه وجد زخمًا إضافيًا بعد السابع من أكتوبر، خصوصًا بعد تصريحات ترامب التي تحدث فيها عن ضرورة تحسين ظروف الفلسطينيين عبر نقلهم إلى دول أخرى، واعتبر حرفوش أن نتنياهو وجد في هذه الرؤية تقاطعًا مع أجندته التهجيرية، وهو ما شجعه على تسريع تنفيذ هذا المشروع، إلا أن حرفوش شدد على أن تنفيذ هذا المخطط "غير ممكن" لعدة أسباب، أهمها *صمود الشعب الفلسطيني ورفضه للتهجير وتمسكه بأرضه، إضافة إلى الموقف العربي، خصوصًا موقف جمهورية مصر العربية الرافض بشكل قاطع لفكرة التهجير القسري من غزة، نظرًا لما يشكله من خطر على الأمن القومي المصري.
وأوضح أن هذا الرفض لا يقتصر على الدول العربية، بل يشمل أيضًا *مواقف دولية رافضة، منها الاتحاد الإفريقي، روسيا، الصين، ودول أوروبية، لكن هذه المواقف – رغم أهميتها – غير كافية وحدها لمنع المخطط، إذا لم تقترن بتحرك فعلي وردع سياسي ودبلوماسي للانتهاكات الإسرائيلية.
وثمّن حرفوش الدور العربي، مؤكدًا أن مصر وقطر تبذلان جهودًا كبيرة منذ اليوم الأول للعدوان، سواء عبر استضافة المفاوضات أو عبر تقريب وجهات النظر، مشيرًا إلى أن البلدين يسعيان إلى وقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين.
أما الولايات المتحدة، فاعتبرها طرفًا منحازًا وليست وسيطًا نزيهًا، بل شريكًا في الحرب، من خلال الدعم العسكري والسياسي المستمر لإسرائيل، وتوفير الذخائر والأسلحة، والدفاع عنها في المحافل الدولية، بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية، رغم مذكرة الاعتقال الصادرة ضد نتنياهو لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وقال حرفوش إن ترامب يسعى حاليًا لتحقيق وقف إطلاق النار، ليس من منطلق أخلاقي أو إنساني، بل في سياق حساباته داخلية وسعيه لإثبات أنه "رجل سلام" يستحق جائزة نوبل،
ورغم أن ترامب دعم إسرائيل خلال حروبها الأخيرة ضد غزة ولبنان وإيران، إلا أن الضغط الأميركي على إسرائيل من أجل هدنة مؤقتة يبدو حقيقيًا، مع اقتراب هذا الأسبوع الحاسم، والذي سيتضح فيه مدى جدية واشنطن في التوصل إلى اتفاق، أو ما إذا كانت تماطل لدعم نتنياهو واستكمال مشروع "حسم الصراع"، الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية نهائيًا.
وختم حرفوش بالتأكيد على أن أي فرصة لتحقيق أمن وسلام في المنطقة لا يمكن أن تتحقق دون طرح رؤية سياسية عادلة، أساسها حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة**. وبدون ذلك، فإن كل الجهود تبقى في إطار إدارة الصراع لا حله، على حد قوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.