عام مر على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقبله عام كانت تعيش مصر فيه حرب وجود حقيقية، وقبل كل ذلك سنتان من السيولة السياسية وتوقف شبه كامل لعجلة الإنتاج وجمود في عمل الجهاز الادارى لبلد كان يعانى اساساً إشكاليات هيكلية عميقة ترسخت على مدى عقود مضت، وبعيد عن هذا وذاك كنا أمام دولة غير قادرة على تقديم الخدمات بشكل منتظم للمواطنين نتيجة انخفاض حجم الاحتياطيات النقدية من البنك المركزى ويعنى هذا عدم وجود سيوله لشراء القمح أو المواد البترولية اللازمة لحركة حياة المواطنين، وكذلك حالة الفوضى الأمنية التي أدت الى انهيار السياحة التي كانت أهم مصادر العملات الأجنبية . بحسابات المنطق والعقل كانت مصر على حافة الدولة الفاشلة التي تعنى انه لا دولة، وعلى كل مواطن على أرض هذا البلد أن يقضى احتياجاته من الأمن والصحة والتعليم وحتى شبكات المجارى بنفسه، فحجم الاحتياطي النقدى وقتها لم يكن يكفينا لإستيراد العجز من المواد البترولية لتشغيل ماكينات رفع المياه للمنازل وتوليد الكهرباء والصرف الصحى لشهر يوليو واغسطس 2013، ووسط هذه الظروف كان العالم متجه بانظاره الى الصراع الدائر في اوراسيا، ولم يكن يعنية ما قد يجرى في مصر، وهناك ايضاً من كان ينتظر أن تسقط مصر لتمرير مشروع جديد في الإقليم يستهدف سيطرة الميليشيات على حركة منطقة الشرق الأوسط. وسط هذه الحالة قامت ثورة 30 يونيو 2013 التي كانت هبه للهوية الاجتماعية المصرية بوسطيتها ورونقها الحضاري، وقد استجاب الجيش الى مطالب الشعب، بنظرتين، الأولى هي أن الشعب المصرى استشعر الخطر القريب على مستوى نظر الجمهور العام من بقاء الاخوان في السلطة، وقد رأى ما حدث في ليبيا وسوريا والخوف من اخونه الدولة وسيطرة فصيل واحد على السلطة، والثانية هو أن حياة ال90 مليون مصري بكل طوائفهم قد باتت معرضه لخطر الفوضى، فالجيش من مؤشرات الاحتياطات النقدية وتراجع الحالة الأمنية وحالة الشلل السياسي رأى أن البلد تنجرف الى ما هو اخطر من الحرب الاهلية، ألا وهو الفوضى الشاملة وأعمال النهب والسلب والقتل الجماعى والدفن الجماعى والتهجير، وكذلك هروب السكان من المناطق السكنية ما ازدياد وانتشار السلاح في كل المدن، وليس هذا من قبيل المبالغة، فلك ان تتخيل أنك في بلد بلا ماء ولا كهرباء ولا صرف صحى ولا مصالح حكومية وبنزين ... في الطبقة الوسطى من الموظفين أنت لا تملك نقوداً فنقودك في البنك وماكينات البنوك لا تعمل او كسرت وسرقت والبنوك بطبيعة الحال مغلقة، أما بالنسبة لمن ليس لهم نقوداً في البنوك من عمال اليومية فإن الوضع اكثر بشاعه مما يظن كثيرون، ناهيك عن انهيار العملة نفسها ليصبح الجنيه بلا قيمة فالدولار مثلا سيعادل 500 جنيه مثلاً. سنة على حكم الرئيس السيسي لا يمكن الحكم عليها بالمشاريع أو بحسابات النمو الاقتصادى الذى تحقق فعليا، ولا بالنجاح الأمني في مواجهة الإرهاب، انها سنة تحمل مسؤليتها رئيساً، وسنة جازف بحياته هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، من أجل شيئ واحد، هو أن لا نعيش في مخيمات على الحدود، وحتى لا نجد انفسنا نقف بالطوابير أمام مبانى الأممالمتحدة لنتلقى معونة الأسبوع، وحتى لا نضطر الى العمل برواتب في مليشيات تؤجرها المافيا حتى لحماية انفسنا، أو ان نبقى عرايا في الشوارع بعد تسلب منا بيوتنا بفعل المسلحين. لا انتظر من السيسي أكثر من أنه استطاع أن ينتقل بمصر من اللادولة الى الدولة، واليوم فإن اهم ما أعطاه لأمتنا هو الامل .... أختلفوا معه كما تشاءون وانتقدوا كما تحبون وأنا معكم فالسلبيات موجوده وكثيره، أحرسوا الديمقراطية وحقوق الانسان، لكن لا تنسوا أنه لولا تحمله للمسئولية قائد للجيش ثم رئيساً للجمهورية منذ عامين لكانت اقصى حرية تنالوها هى الاختيار الى اى مخيمات ستلجأون.