بين الحين والآخر تجرب «يسرا» حظها فى الكوميديا، حيث شاهدناها مؤخراً فى فيلم «بوبوس» حيث شاركت «عادل إمام» البطولة ولكن التجربة لم تكن لصالحها وعاودت الأمر فى «جيم أوفر» وأيضا النتيجة تؤكد أنها هُزمت وهى تنتظر أن تلتقى بعد أسبوع الجمهور مجدداً ولكن هذه المرة فى مسلسل «شربات لوز» الذى يعرض فى رمضان لعل وعسى تحقق انتصاراً فى الكوميديا ولو عبر شاشة التليفزيون يمحو هزائمها المتكررة فى مجال السينما الكوميدية. بقدر ما تتسع أمامها الشاشة الصغيرة بقدر ما تضيق الشاشة الكبيرة فلقد أصبحت «يسرا» فى المعادلة التليفزيونية تشكل رقماً لا يمكن تجاهله ولها دائماً حضورها الرمضانى، بينما على المقابل صار تواجدها السينمائى محدوداً بل ومحفوفاً بالمخاطر والهزائم بعد أن أدارت السينما ظهرها لهذا الجيل الذى كانت «يسرا» أبرز نجماته. لا تطيق «يسرا» الغياب عن السينما فلديها إحساس جارف بأن السينما تساوى الشهيق والزفير رغم أن الكثيرين من جيلها وجدوا أن الحل ليس فى التواجد بأى كيفية ولكن فى اختيار الفيلم.. ربما كانت «إلهام شاهين» هى الأكثر واقعية فى هذا المجال ولهذا ابتعدت عن السينما وعادت من خلال فيلمى «خلطة فوزية» و «واحد صفر» فكان تواجدها السينمائى يليق بها برغم ملاحظاتى على «خلطة فوزية» إلا أنه فى حده الأدنى يحسب لها لا عليها. السينما المصرية متخبطة منذ قيام ثورة 25 يناير والنجوم أيضاً لا يعرفون بالضبط ما هى الخطوة التالية. شركات الإنتاج يحركها فقط مؤشر الربح والخسارة ولا شىء آخر، السينما المصرية فى الأسابيع الأخيرة حققت فى شباك التذاكر إيرادات مرتفعة رغم التهاب الموقف سياسياً إلا أن كل ذلك لم يدفع السينمائيين إلا لضخ مزيد من الأفلام فى دور العرض قبل أن يأتى رمضان وتغلق دور العرض فى العادة أبوابها، وهكذا وجد فيلم «جيم أوفر» طريقه للسينما على اعتبار أن الناس عاودت الذهاب إليها ولهذا قرر المنتج «محمد السبكى» عرض فيلمه لكى يناله شىء من رائحة الحبايب أقصد من الأفلام التى سبقته وحققت إيرادات مرتفعة مثل فيلمى «المصلحة» و«حلم عزيز» إلا أن الحقيقة هى أن «جيم أوفر» وقف فى نهاية الصف!! فكرة الفيلم تجد لها تنويعة فى أكثر من فيلم أجنبى ويقف فى المقدمة «In low Monster» الحماة المتوحشة الذى لعبت بطولته «جين فوندا» و «جينفر لوبيز» ولكن فى كل الأحوال يظل المأزق الأكبر ليس فى السرقة ولكن التشويه ثم ما الذى تريد أن تقوله فى تلك العلاقة الملتبسة بين فتاة صغيرة وفقيرة عاملة نظافة فى أحد الفنادق الكبرى أدت دورها «مى عز الدين» و«يسرا» التى تؤدى دور والدة الشاب الذى أحب تلك الفتاة وقرر الارتباط بها رغم الفروق المادية والاجتماعية بينهما. السيناريو يحاول دائماً أن يسعى مسرعاً لتلك المواجهة بين «يسرا» و«مي» ولهذا يبحث عن مبررات درامية واهية لكى تصبح المواجهة مباشرة بينهما من خلال سفر ابن «يسرا» وفى نفس الوقت تستغنى القناة الفضائية عن خدمات «يسرا» لتتفرغ للصراع مباشرة مع «مى» فى الفيلم وتحتدم المعارك.. إلى هنا الأمر لا غبار عليه ولكن سحباً كثيفة من الأتربة والغبار تتجمع عندما نرى بعد ذلك الكثير مما يجرى بين «يسرا» و «مى» المفروض أنه يقع تحت قائمة الكوميديا أكرر المفروض لأن المخرج «أحمد البدرى» اعتقد أن الضحك يساوى التفتفة والنفنفة والصفعات والركلات والشقلبة والبحلقة والمكياج الصارخ وهو المفهوم الخاطئ للضحك باعتباره مرادف المبالغة فى الفعل ورد الفعل. تستطيع تقسيم الفيلم درامياً إلى ثلاثة أقسام، فى الأول ضربات من «يسرا» إلى «مى»، القسم الثانى تكتشف «مى» المكيدة وتوجه لها نفس المعدل من الضربات.. الثالث وهو أن يصبح اللعب على المكشوف بين الطرفين وكل منهما توجه ضربات مباشرة للطرف الآخر وتنتهى بشريط مسجل يوم خطوبة «مى» هى تنظف الغرف فى الفندق. السيناريو يضع دائماً نفس العناصر التقليدية صديقة للبطلة «مى» يقابلها مديرة منزل «يسرا» وفى نفس الوقت تؤدى دور صديقتها، لعبت الدور «إيمان السيد».. تشكى كل واحدة للصديقة همومها بينما يلعب دور ابن «يسرا» المطرب «محمد نور» ويحقق فشلاً ذريعاً فى أولى تجاربه فهو يفتقد موهبة التمثيل وبالطبع هذه مسئولية المخرج.. ويؤدى «عزت أبوعوف» دور طبيب «يسرا» وحبيبها ولكنه ظل حتى نهاية أحداث الفيلم يبحث عن دور. هل لا يزال الجمهور يضحك عندما يرى دخان المدفأة التى تلقى فيها «مى» وقد صبغ وجهها باللون الأسود.. هل من الممكن أن يضحك الناس عندما يشاهدون «يسرا» وهى تضرب صفعات متتالية على وجه «مى» وبعد أن تنتهى من الصفعات تبدأ فى الركلات، هل من الممكن أن تضحك وأنت ترى «يسرا» وهى ترتدى زياً يشبه ملابس الهنود الحُمر ثم يحدث فى النصف الثانى العكس حيث تتلقى «يسرا» هذه المرة الصفعات والركلات من «مى».. أتصورها مشاهد من الصعب أن تضحك الجمهور لا زمان ولا الآن.. كنت فى دار العرض ولم أعثر على ما تصور صناع الفيلم أنه ضحك!! يقولون إن هذه هى الكوميديا الخفيفة.. ما رأيناه لا يمت بصلة قربى أو نسب للكوميديا ولا حتى للتهريج لأن التهريج له أيضاً قواعد. المخرج سبق له تقديم عدد من الأفلام التجارية التى حققت إيرادات مثل «على الطرب بالثلاثة» و «عمر وسلمى 3» وكان يعتمد فيها على أغان شعبية ورقصات ولكن هذه المرة ليس لديه شيء ولهذا لم يستطع الفيلم أن يحقق أى تماس مع الجمهور. «مى عز الدين» مشروع لنجمة ولكن مع إيقاف التنفيذ حاولت وكان مثلاً لها قبل أربع سنوات فيلم «أيظن» نجحت فيه كبطلة ولكنها لم تستطع أن تواصل الطريق وتوقف مشروعها كنجمة شباك ولا أتصور أن لقاءها مع «يسرا» أضاف لأى منهما أى شىء فلا هى نجحت فى منح «يسرا» جمهوراً من الشباب ولا «يسرا» منحتها ثقلاً فنياً يليق بالكبار.. أتصور أن كلاً منهما خصمت من الأخرى الكثير!! المخرج لم يقدم أى لمحة فى التنفيذ تشى بأى إضافة أو وجهة نظر سواء فى اختيار زاوية التصوير أو التكوين الدرامى أو حركة الممثل أو الموسيقى وكأنه يقدم فيلماً قبل اختراع السينما!! من المؤكد أن «يسرا» تنتظر أن تلتقى مجدداً الجمهور فى رمضان مع المسلسل الكوميدى «شربات لوز» هى تضع آمالاً كبيرة فى أن يحقق لها المسلسل نجاحاً جماهيرياً تغفر به ما تقدم وما تأخر من ذنوبها السينمائية هذا المحتوى نشر بعدد 605 بتاريخ 16/7/2012