“جيم اوفر” game over مصطلح يتصدر الشاشات الاليكترونية بعد انتهاء أي لعبة، وغالبا ما يظهر في بعض الالعاب عندما يفشل اللاعب في تجاوز مراحل اللعبة حتي النهاية فيكون ظهوره ايذانا ببدء محاولة جديدة، وهو أيضا اسم أحدث عمل سينمائي يعرض للنجمة يسرا، والذي عادت به للشاشة الكبيرة بعد آخر افلامها “بوبوس” مع عادل امام في صيف 2009. فهل كانت “يسرا” تلعب مباراة اعتزالها مبكرا ورضخت للاغراءات التي قدمت لها ، أم انها كانت بالفعل تقتل وقت فراغها؟ يسرا من أهم ممثلات مصر بلا شك ، وراءها رصيد كبير من الاعمال المتميزة ، «حدوتة مصرية، إسكندرية كمان وكمان، المهاجر، إسكندرية نيويورك، الإرهاب والكباب، المنسي، طيور الظلام، مرسيدس»، كما أن أفلامها الأخيرة، «دم الغزال ، وعمارة يعقوبيان»، كانت تحمل قيمة إنسانية وفنية، ربما تكون حالة الكساد السينمائي والعزوف الجماهيري بعد ثورة 25 يناير، تسرب القلق لكثير من النجوم من عودة السينما مرة أخري في القريب العاجل، بدليل لجوء الكبار منهم للدراما التليفزيونية (عادل امام- محمود عبد العزيز- محمد سعد – احمد السقا- كريم عبد العزيز- محمد هنيدي ) وبالضرورة ما جعل يسرا بكل تاريخها الفني تعتقد أن “جيم اوفر” فرصة لا يمكن التفريط فيها في ظل الظروف الحالية، رغم أنها تحجز مكانا علي الخريطة الرمضانية بمسلسل “شربات لوز”، وربما يكون شغف التجربة والمغامرة بتقديم شيئ جديد. ماذا كانت تريد يسرا من تقديمها لفيلم “جيم أوفر”؟ هل كانت تريد أن تؤكد بأنها مازالت تحتفظ بلياقتها الرياضية وتستطيع أن تقفز وترقص وتغني وتمثل وتضحك وتبكي في بروجرام واحد، ام حاولت محاكاة ماري منيب في عصرها الذهبي فسقطت في براثن التقليد والاستخفاف، ورضخت بكامل إرادتها لعبقرية المخرج أحمد البدري وجهنمية المنتج محمد السبكي اللذين يسجلان باسمهما براءة اختراع تقديم «بعرور ودينا وسعد الصغير» في سلسلة أفلام فاشلة استغلت معاناة الناس وحرضتهم علي الاسفاف بتقديم احط الالفاظ والايحاءات، وما الذي يجعل نجمة بحجم يسرا أن تطيع كل ما يملي عليها وكأنها مسلوبة الارادة، حتي الايفيهات المبتذلة فشلت في تمريرها وبدت وكأنها تتسول الضحك من داخل قاعة العرض، هل شعرت يسرا بالفروق الجوهرية بين مدرسة صلاح ابو سيف (البداية) وشاهين (المهاجر) مرورا بيسري نصرالله وشريف عرفة وخيري بشارة حتي مروان حامد لتصل إلي حضانة “البدري” بكل ما تحمله من سذاجة وسخافة وسطحية. عندما نتصدي لفيلمها الأخير فلا نتردد في وصفه بالسقطة الفنية لنجمة كبيرة، ليس لأنه مقتبس عن فيلم “حماة متوحشة” 2005 لجين فوندا وجنيفر لوبيز، ولا نستطيع ان نعقد مجرد مقارنة بين يسرا وجين ، فالمسافات شاسعة بين البساطة والتكلف، خفة الدم وثقله، وليس لكم الافتعال والمبالغة التي حظي بها الفيلم وابطاله، فالمبالغة أحيانا تثري العمل عندما ترتبط بالمتعة البصرية دون تسول أو احتيال، وانما تأتي السقطة لأن يسرا استهانت بجماهيرها بتقديمها فيلما تجاريا من ألفه ليائه، ليست هناك أدني مشكلة في ان تخفق نجمة في عمل ما، ترتبك فيه حساباتها الفنية، وانما المشكلة الرئيسية هي استغلال الجماهير وخداعها ، ورغم ان البرومو الذي يذاع علي القنوات الفضائية يؤكد مضمون الفيلم وتفاهته، لكن الكثيرين راهنوا علي رصيد يسرا الفني والذي اتسم بالقيمة والتميز، فذهبوا لمشاهدتها واصابتهم الصدمة والدهشة عندما رأوا نجمتهم اللامعة ينطفئ بريقها ويتلاشي. في فيلم “امرأة آيلة للسقوط” قدمت يسرا ضمن احداث الفيلم اغنية “كهربا” ورغم ان الاغنية بها ما بها من كلمات وايحاءات لكنها كانت ضمن سياق درامي للعمل وعبرت عن ملامح الشخصية التي تؤديها، اما في “جيم اوفر” التي تلعب فيه شخصية اعلامية مرموقة جاءت أغنيتها نتيجة اغراض تجارية محضة، وبغرض معابثة الجمهور ومغازلته، فما المعني من أن تقول “وحياة الكاشا ماشا لطيرك يا فراشة.. متخلنيش اسيح واكشف ع المستور، ايام مكنتي بتمشي بجلابية كستور”، المقصود بلا شك أنها تخاطب جمهور بعينه يتوق لسماع هذه الكلمات المبتذلة، وهو تقليد يتبعه “السبكية” في كل افلامهم، حيث يبحثون عن كلمات رخيصة تحمل ايحاءات جنسية ليسوقوا بها افلامهم، والمدهش أنها تجد صدي عند البعض. ان الاحداث السياسية الجارية اصابت كثيرا من الناس بالاكتئاب والملل، وباتوا في امس الحاجة لاعمال كوميدية خفيفة الظل، ممتعة أو حتي (نصف تافهة) تخرجهم من دراما الواقع الخانقة، عمل كوميدي يضحكون علي أحداثه، ليس عملا يضحك عليهم ويستغلهم ويصيب بعضهم بالكمد والغيظ. من ضمن طرائف الفيلم يأتي مشهد الفينالة ويظهر منتج العمل “محمد السبكي” طالبا من يسرا أن تكف عن ازعاجها لبطلة الفيلم مي عز الدين التي تشاركها العمل مشيرا للعاملين بالفيلم انزال تترات النهاية (كل ده يحصل والفيلم شغال) ثم يفاجئ الجمهور بالمخرج أحمد البدري هو الآخر قائلا لها “روحي شوفيلك مسلسل اعمليه” ويحملوها حملا من امام الكاميرا لينتهي الفيلم!!! حاولت قدر اجتهادي أن اضحك من احداث الفيلم ولكني فشلت، ووجدت نفسي متلبسا بالضحك علي يسرا وما تفعله، وهو الشيء الذي احزنني كثيرا، فرغم كل شيء تمثل يسرا قيمة كبيرة في السينما، ولها علينا الاحترام والتقدير، ولكن لنا عليها ايضا نفس الاحترام والتقدير.