حالة من التحول الإرادى واللاإرادي، هى التى تسيطر الآن على نسبة كبيرة من اعلاميى وسياسيى مصر، تعدت هذه النسبة حاجز ال 95 %، وربما يكون هذا الأمر هو السبب وراء ظهور نظرية التخوين والتآمر التى بدت هى السمة الغالبة على الشارع المصرى بكل اطيافه وانواعه، نسى هؤلاء المتحولون والمتلونون ان هناك ارشيفاً مسجلاً بالصوت والصورة، ومنشور فى جميع جرائد مصر سوف يعود يوما ما لينتقم منهم ويفضحهم امام العامة، «صوت الأمة» تكشف خلال السطور القادمة المواقف الحقيقة لهؤلاء المتلونين بعد مرحلة من التنقيب فى ارشيفهم، سواء المسجل منه على القنوات الفضائية أو منشوراً فى الجرائد، أو حتى منشورا على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي. فعندما ننظر الى مواقف الاعلامى «عمرو أديب» نجد أن هناك تحولاً سريعاً وكبيراً فى ارائه ومواقفه من قبل النظام البائد، والرئيس المخلوع، ففى يوم 25 يناير 2010 اى قبل الثورة بعام واحد، أجرى حوار مع عمرو أديب فى برنامج «بدون رقابة» الذى يذاع على قناة «LBC»، وسأل أديب وقتها عن خطه الأحمر الذى لا يمكن ان يتخطاه ولا ينتقده، فكانت اجابته «الرئيس»، واصفا ً المخلوع «بالقيادة التاريخية» التى لا يمكن ان تتكرر مرة أخرى، مضيفاً أن أى رئيس سيأتى بعد مبارك لن يعتد به، لان هذه القيادة لن تكرر فهو رجل محترم «يقصد مبارك»، وبعدها بأشهر معدودة وقبل ايقاف برنامجه الذى يذاع على قناة اوربت قال أديب متحدثاً عن كيفية تعامل مبارك مع اصوات المعارضة، «يكفى ان مبارك لبس ثوب الشجاعة كعادته عندما لم يتعرض لهؤلاء المعارضين»، ولم يغلق قنواتهم، ولا الجرائد التى يعملون بها، وأضاف قائلاً انه فى عهد «محمد حسنى مبارك» لم يغلق برنامج ولم يقصف قلم، ومع الخطاب الثانى للمخلوع اظهر «اديب» استماتة فى الدفاع عن المخلوع مطالباً بعودة الشباب من ميدان التحرير، وبقاء «مبارك» حتى نهاية مدته، حيث قال: «حسنى مبارك مش فى الانتخابات الجاية، حسنى مبارك بكل حكمة قرر اختيار الدولة، وملاحقة الفاسدين، على هذه الحركة ان تعود الى البيوت، اظن ان كل اللى طلب فى الاسبوع اللى فات تحقق، لم يكن احد يتوقع أن يقول الرئيس انه لم يكن طالب سلطة او جاه، هذا الرجل قرر ان يتحمل المسئولية ويرحل، بعد ثلاثين سنة خدمة، الآن مفيش مظاهرات من اللحظة»، ومع سقوط مبارك، واعلانه تخليه عن السلطة، تحول «اديب» من مدافع عن مبارك الى ثائر يهجوه ويسبه، كما يهجوه ثوار التحرير، حيث قال فى اول ظهور تليفزيونى له بعد التنحى على قناة «اون تى في»: احنا كنا فى عصر اسود ومهبب، كان بيرفض يشغلنى يقصد - مبارك - ، وكنت اقول للناس والله العظيم تلاتة هيقعوا، وكان اصحابى يقولون عليه اجمد من ربنا، يعز من يشاء ويذل من يشاء، واحد جه قالى على فكرة، روح افتح محل جزم، عمرك ماهتشتغل تانى ياعمرو، وعماد اديب ذلوا اهله، علشان كان بيقول كلمة حق، احنا النهاردة بنحتفل بانتهاء الذل». ومن عمرو أديب الى اخيه الأكبر الاعلامى «عماد الدين أديب» والذى كان دائم الانتقاد للإخوان، فى فترة الانتخابات الرئاسية، حتى فوز مرسي، وكان دائماً ما يركز فى حلقات برنامجه الذى يذاع على قناة CBc على عرض مساويء الإخوان وخيانتهم للثورة، وتحول النقد فى احدى حلقات أديب الى السخرية من الإخوان فى حال وصولهم للحكم، ومع فوز «مرسي» رفض أديب التعليق بنفس الطريقة التى عبر بها اخوه الاصغر عن رفضه لتولى الاخوان، والتزم «أديب» الصمت حتى جاء قرار مرسى باحالة كل من «طنطاوي» و«عنان» الى التقاعد، ورأى أديب انها فرصة سانحة لتكوين علاقة ود جديدة مع النظام والرئيس الجديد، فخرج أديب على كل وسائل الاعلام مشيداً بقرار «مرسي» إشادة لم يؤدها اعضاء جماعة الإخوان المسلمين انفسهم التى ينتمى اليها الرئيس «مرسي» واصفاً اياه بالرجل السياسى الذكي. ويختتم اديب مديحه لمرسى بقوله: «ما قام به فى أربعين يوماً يعادل أكثر من أربعين عاماً فى حكم وقرارات مصر، لا سيما اختيار الفريق عبدالفتاح السيسى وزيرا للدفاع». ومن عماد الدين اديب الى زوجة اخيه عمرو اديب الاعلامية «لميس الحديدي»، التى كانت تعمل بحملة «جمال مبارك رئيساً»، والتى ظلت مؤيدة لبقاء النظام شأنها شأن زوجها عمرو أديب، إلا أنه بمجرد اعلان التنحي، اقامت لميس الحفلات ببرنامجها، واعلنت فرحها بسقوط «مبارك» واصفة اياه بالطاغية. أما بالنسبة للاعلامى «خيرى رمضان» فكان التحول أكثر وضوحا، وخصوصاً فيما يتعلق بقضية ايقونة الثورة المصرية الشهيد «خالد سعيد»، كان خيرى قد قال عن خالد سعيد قبل الثورة، انه «حشاش»، ويتعاطى المخدرات، بالاضافة إلى وصفه لخال سعيد بالبلطجى الذى لا يستحق الا ما جرى معه، ومع قيام الثورة، غير خيرى من تصريحاته قبل خالد سعيد، وقال ان خالد سعيد شهيد، ولا يجوز التحدث عنه الا بما يليق بمنزلته، كأحد أسباب ثورة الخامس والعشرين من يناير. أما الاعلامى «مجدى الجلاد» فعلى الرغم من محاولاته المستميتة لارتداء زى المعارضة، والثوار، إلا أن الارشيف انتقم منه وازاح عنه الغطاء، حيث كان لمجدى الجلاد تصريح قبل شهور من ثورة 25 يناير على قناة مودرن مع الاعلامى معتز مطر، قال فيه انه يتمنى ان يتولى جمال مبارك رئاسة الجمهورية، نظراً لما له من خبرة اقتصادية ستنهض بالبلاد، بالاضافة الى انه شاب طموح، وكبقية زملائه سريعا ما ناقض نفسه بهجومه على جمال مبارك، وبمواجهة الاعلامى «حافظ المرازي» بهذا الفيديو شن الجلاد هجوماً شرساً على جمال، وقال انه ضيع ابوه وبلده، وضيع نموذج القدوة للشباب المصري، واضاف انه كان بيعتمد فى كل حاجة على ابوه، وهكذا مواقف مجدى الجلاد دائماً.. بحسب المصلحة وبحسب التعليمات الأمنية!. أما الاعلامية منى الشاذلي، فمواقفها تتسم دائماً بالغموض، الا ان ارتباطها الوثيق بالنظام البائد والرئيس المخلوع، لم يمكنها من اخفاء مشاعرها وحزنها على سقوط النظام، حيث خرجت منى فى برنامجها «العاشرة مساءً» الذى يذاع على قناة دريم قبل التنحى بيوم واحد لتبكى على مبارك احر البكاء، وتصفه بالبطل الحقيقي، وتقول عنه ان هذا الرجل الكريم، قضى سنواته بكل محبة واخلاص من اجل هذا الشعب وهذا الوطن، من اجل ان نحيا حياة كريمة، ونستنشق نسيم الحرية، إلا أن محاولات منى وبقية الكتيبة لم تجد جدواها عند ثوار التحرير وقتها فما كان من منى إلا أن تخلع عباءة النظام القديم، وترتدى عباءة الثوار شأنها شأن بقية زملائها. كما كان للاعلامى «يسرى فودة» تصريحات مشابهة لتصريحات منى الشاذلي، حيث قال فودة ايضاً بعد الخطاب الثانى لمبارك فى مداخلة اجراها مع زميلته «ريم ماجد» فى برنامجها الذى يذاع على قناة «ONTV»: «الخطاب الثانى خطاب عاطفي، ومبارك له انجازاته، التى لا يمكن ان ننكرها، والبدء فى عملية الاصلاح يحتاج الى وقت، والأمر المطمئن لى وجود شخصيتين امثال عمر سليمان واحمد شفيق، الشخصيتين الوطنيتين، والاداريتين اللى هيحافظوا على مصر». وأشار فودة فى مداخلته الى كلمة مبارك التى قالها فى الخطاب الثاني: «ان حسنى مبارك الذى يحدثكم الآن هو حسنى مبارك الذى عاش على ارض هذا الوطن وحارب من اجله»، معلقا عليها بقوله: «ان مبارك تحلى بالشجاعة والوطنية عندما قال هذه الكلمات»، وتسببت هذه التصريحات فى صدمة كبيرة لدى الشارع الثوري، وخصوصاً ان فودة كان يعد احد اعلاميي الثورة، الا ان هذه التصريحات افقدته مكانته عند الثوار. اما «توفيق عكاشة» صاحب قناة الفراعين ومقدم البرامج بها قبل اغلاقها، فهو نجم الموسم الحالى فى التحول، ومن الصعب حصر المواقف المتحولة لتوفيق عكاشة، الا اننا سنعرض خلال السطور القادمة ابرز موقفين متناقضين، وهما موقفه من الفريق أحمد شفيق قبل الانتخابات الرئاسية، وموقفه من مبارك قبل وبعد التنحي، قال «عكاشة» عن «شفيق» قبل الانتخابات الرئاسية انه « بتاع امريكا وخاين اكثر من مبارك، وتاجر باموال وزارة الطيران، وطالبه بوقتها بالتنازل لصالح اللواء عمر سليمان، اما بالنسبة لمبارك، فكان عكاشة لا يترك مناسبة الا ويمدحه فيها بداع وبغير داع، ومن ابرز التعليقات التى كان يقولها عكاشة على انجازات مبارك «حسنى مبارك يا معلم خليت الشبكة تتكلم»، الا انه انقلب عليه بعد تنحيه 360 درجة، وبعد ان كان يصفه بالمعلم، راح يوصفه بالبقرة الضحوك، التى اغرقت البلاد، وكان دائماً ما يذكر عماشة انه كان ينصحه بالقضاء على الفساد، إلا أن مبارك كان لا يستمع اليه. ومن توفيق عكاشة، الى منافسه على لقب نجم الموسم هذا العام فى التحول، النائب السابق «محمد أبوحامد» الذى ظهر مع بداية انعقاد جلسات مجلس الشعب بعد الثورة وكأنه المعارض الشرس للمجلس العسكرى وللنظام الفاسد، ولكن فجأة ظهر الوجه الحقيقى لمحمد أبوحامد وتحول من الثورة الى الثورة المضادة، وبعيداً عن هذا التحول الذى مازال يحير الكثير، كان هناك تصريح لمحمد أبوحامد يصف فيه اللواء «عمر سليمان» بالعمى والكساح، إلا أنه بعد التحول صار من انصار عمر سليمان، وعندما توفى «سليمان» نعى أبوحامد، اللواء عمر سليمان، وقال: «إن سليمان قضى عمره كله فى خدمة الشعب المصرى وحفظ الأمن القومى المصرى والمساعدة على تحقيق السلام بالمنطقة. أما الشيخ محد حسان كان يصف الاضرابات والاعتصامات قبل الثورة بالفوضى التى تخرب البلاد، والتى لا ترضي الله عز وجل، وكان ذلك هو نفس رأيه فى الايام الاولى للثورة، حيث خرج على قناة الجزيرة، وافتى بان الخروج على الحاكم حرام شرعاً، كما انه خاطب شباب التحرير بالرجوع من الميدان وأداً للفتنة، كما أنه فى احدى خطبه حيا مبارك على ما قاله وقت حصار غزة، واعتبره بطلاً مغواراً نجح فى حل الامة، وعلى الرغم من انه احد دعاة السلفية التى من المفترض انهم اشد الناس كرهاً لأمن الدولة، الا انه فى احدى اللقاءات التليفزيونية، حيا ضباط امن الدولة، وطالب الدعاة بعدم الخروج علي اوامرهم، وبعد الثورة انضم حسان الى فرقة المدافعين عن العسكر. تم نشر المقال بعدد 610 بتاريخ 20/8/2012