"سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    ارتفاع أسعار النفط 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز على بيانات اقتصادية    خبير علاقات دولية: انتشار الصراعات أحد أسباب تزايد معدلات الإنفاق العسكري عالميا    مباشر مباراة أرسنال ضد تشيلسي في دربي لندن - (0-0)    تطورات مثيرة في مستقبل تشافي مع برشلونة    فريق سيدات يد الأهلي يتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    حسام حسن يستقر على ضم ثنائي جديد من الأهلي    الونش دهس السيارات.. حادث تصادم على طريق جسر السويس و3 مصابين (تفاصيل)    خالد الجندي عن مسجد السيدة زينب بعد تطويره: تحول إلى لوحة فنية (فيديو)    هالة خليل: أتناول مضادات اكتئاب في التصوير.. ولا أملك مهارات المخرج    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    عمرو نبيل مؤسس شُعبة المصورين يضع روشتة علاج لإنهاء أزمة تصوير جنازات المشاهير والشخصيات العامة    «الرقابة الصحية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة «جهار _ إيجيكاب»    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    بشرى سارة.. تعديل كردون مدينة أسوان وزيادة مساحته ل 3 أضعاف    يبقى أم يرحل؟ جوريتسكا يتحدث عن مستقبله مع بايرن ميونيخ    العميد يؤجل طلب إضافة عناصر لجهاز المنتخب لبعد مباراتي بوركينا فاسو وغينيا    صدمة في ليفربول| غياب نجم الفريق لمدة شهرين    البرلمان الأوروبي يوافق على القواعد الجديدة لأوضاع المالية العامة لدول الاتحاد الأوروبي    خرجت بإرادتها لخلافات عائلية.. إعادة فتاة الصف الثانية بعد 48 ساعة اختفاء.. صور    "تعليم البحيرة": تخصيص 125 مقرًا للمراجعة النهائية لطلاب الإعدادية والثانوية - صور    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    المشدد 15 عامًا ل4 مدانين بالشروع في قتل سائق وسرقته بكفر الشيخ    .. وبحث التعاون مع كوريا الجنوبية فى الصناعات البحرية    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    أوكرانيا: روسيا ستقصف أماكن غير متوقعة.. ونحن نستعد لصد أي هجوم    مصر رئيساً لاتحاد المعلمين العرب للدورة الثالثة على التوالي    بدء حفل فني على مسرح قصر ثقافة العريش بحضور وزيرة الثقافة    عمرو يوسف يكشف عن حقيقة وجود جزء ثاني من «شقو»    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بكلمة وزير الأوقاف عن غزة بمؤتمر رابطة العالم الإسلامي    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    "بقى فخم لدرجة مذهلة".. خالد الجندي يشيد بتطوير مسجد السيدة زينب |فيديو    بشرى لأهالي سيناء.. 36 ألف وحدة سكنية و200 فيلا برفح والشيخ زويد    تعديل رسوم التراخيص والغرامات للعائمات الصغيرة بقناة السويس    دراسة: الوجبات السريعة تسبب تلف الدماغ عند الأطفال    غدا.. تدشين مكتب إقليمي لصندوق النقد الدولي بالرياض    للحوامل.. نصائح ضرورية لتجنب المخاطر الصحية في ظل الموجة الحارة    حذر من تكرار مصيره.. من هو الإسرائيلي رون آراد الذي تحدث عنه أبو عبيدة؟    كشف ملابسات سير النقل الثقيل في حارات الملاكي بطريق السويس الصحراوي    التوقيت الصيفي 2024.. مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى أهل مصر بمطروح    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضا    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    مجرد إعجاب وليس حبا.. رانيا يوسف توضح حقيقة دخولها فى حب جديد    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا مقام بنهر الطريق بكفر طهرمس    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة ال9 لمصر واليونان وقبرص.. بين هندسة ترتيبات الإقليم وطمأنة حلفاء المتوسط
نشر في صوت الأمة يوم 19 - 10 - 2021

رسخت الشراكة المصرية القبرصية اليونانية نمطًا جديدًا من التحالفات في منطقة شرق المتوسط، حيث أصبحت حائط صد ضد أية تهديدات تؤثر على مصالح تلك الدول بشكل خاص، واستقرار الإقليم بشكل عام، وتحولت إلى شكل من أشكال التحوط –السياسي والعسكري والأمنى- للدول الثلاث في إقليم شهد نوعًا من الاضطرابات السياسية.

وأكدت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات للباحث محمود قاسم، أن الأطراف الثلاثة "مصر وقبرص واليونان"، قد حرصت على تعزيز العلاقات فيما بينهما على جميع الأصعدة والمستويات، عبر عدد من التفاهمات واللقاءات، وتأتي زيارة الرئيس السيسي للعاصمة اليونانية "أثينا" لبحث سبل وآليات تطوير العلاقات ومتابعة المشروعات محل التوافق، علاوة على التنسيق المشترك في القضايا محل الاهتمام على الصعيد الإقليمي والعالمي.

وتُعقد القمة التاسعة وسط سياقات مؤثرة، إذ يجري إعادة ترتيب وهندسة التفاعلات فى المنطقة سواء في الشرق الأوسط بشكل عام أو فيما يرتبط بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بوصفها إقليمًا فرعيًا يحظى باهتمام عدد من القوى الإقليمية والدولية، وذلك لعدد من الاعتبارات يأتي في مقدمتها الوفرة الهيدروكربونية والطفرة التي حققتها اكتشافات الغاز الطبيعي في تلك المنطقة.

وترتيبًا على ما سبق يمكننا الوقوف على السياق العام المصاحب لتلك الزيارة، لمعرفة أهمية ودلالة عقد تلك القمة في هذا التوقيت فيما يلي:

أولًا) التعاطي مع الترتيبات الإقليمية، تدخل منطقة الشرق الأوسط في مرحلة جديدة من التفاعلات التي تشبه إعادة هندسة المنطقة، وهو ما بدا واضحًا في أعقاب وصول الإدارة الامريكية الجديدة، ويأتي في مقدمة تلك التطورات ترجمة الولايات المتحدة الأمريكية لرغبتها في تقليل الانخراط في الشرق الأوسط من خلال الانسحاب من أفغانستان، الأمر الذي قد يترك فراغًا يحتاج للتعاطي معه وفق رؤية مشتركة بين الدول الثلاثة، خاصة في ظل التقديرات الرامية لاستعادة التنظيمات والجماعات الإرهابية لنشاطها في ضوء تلك التطورات.

لا ينفصل عن ذلك محاولة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وما يمكن أن يرتبه من تحولات على صعيد القوى الإقليمية والدولية؛ إذ إن تحول واشنطن تجاه منطقة (الإندو-باسيفك) قد يتيح مساحة حركة لعدد من القوى الطامحة في لعب دور مؤثر في الشرق الأوسط، ما يعني أن التنسيق بين الدول الثلاث في إطار التعاون والشراكة الثلاثية ووضع خطوط عامة للتحركات المستقبلية والتأكيد على الثوابت المشتركة بينهما قد يكون أمرًا ضروريًا وسط تلك التحولات.

ثانيًا) الحرص على دورية الانعقاد، شكلت منطقة شرق المتوسط محفزًا لدعم العلاقات الثلاثية بين أطراف التحالف، حيث باتت تلك المنطقة ضمن الدوائر الحيوية للدولة المصرية، بل أصبح الحفاظ على استقرارها ضمن أولويات السياسة الخارجية المصرية وأمنها القومي. وقد برز التحالف المتوسطي في وقت مبكر من وصول الرئيس "عبد الفتاح السيسي" للحكم، فبعد نحو خمسة أشهر صاغت الأطراف الثلاثة آلية للتعاون، تحديدًا في نوفمبر 2014.

ومنذ ذلك الوقت حرصت الدول الثلاث على دورية انعقاد تلك القمة، فلم يمر عام واحد منذ القمة الأولى دون انعقادها. هذه الديمومة في الانعقاد تُضفي على التحالف نمطًا مؤسسيًا، هذا بجانب أن هناك تناوبًا في عملية الانعقاد؛ إذ قامت كل دولة حتى الآن باستضافة القمة ثلاث مرات، هذا النمط يُبرز مستوى التوافق والتنسيق بين تلك الدول، وإيمانها بضرورة البناء على ما سبق ومواصلة التشاور فيما قد يطرأ من تغيرات.

ثالثًا) دعم الشراكة متعددة الأوجه، تدخل العلاقة بين الأطراف الثلاثة ضمن أنماط الشراكة الاستراتيجية متعددة الأوجه، والتي تشكلت خلال السنوات الماضية وفقًا لعدد من المسارات؛ فعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي كانت الزيارات المتبادلة سواء على المستوى الرئاسي أو الوزاري مؤشرًا واضحًا على مستوى التعاون، فخلال العام الراهن على سبيل المثال قام رئيس وزراء اليونان بزيارة مصر (يونيو2021)، وعقدت مصر وقبرص قمة (سبتمبر2021) والتي شهدت تدشين اللجنة العليا للتعاون الثنائي على المستوى الرئاسي للمرة الأولى. وبصفة عامة فقد كان الرئيس "عبد الفتاح السيسي" أول رئيس مصرى يزور قبرص في إطار آلية التعاون الثلاثي.

وبخلاف الزيارات المتبادلة تجتمع الدول الثلاث ضمن إطار عدد من التحالفات الجماعية لعل أبرزها مساهمة مصر وقبرص واليونان في تدشين منتدى غاز شرق المتوسط وتحويله إلى منظمة إقليمية مقرها القاهرة. وكذلك يعد تدشين منتدى الصداقة في أثينا (فبراير 2021) دليلًا على رغبة تلك الأطراف في دعم وتعزيز التحركات الجماعية.

علاوة على ذلك، شهدت العلاقات العسكرية تناميًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، سواء من خلال اتفاقيات وبروتوكولات التعاون العسكري، أو عبر المناورات والتدريبات العسكرية وفي مقدمتها تدريبات "ميدوزا" والتي انطلقت نسختها الأولى عام 2015 وصولًا ل "ميدوزا 10" (ديسمبر 2020). وكذلك، شهد العام الجاري عقد تدريبات ومناورة "بطليموس 2021" (سبتمبر2021) بين مصر وقبرص. وتدخل هذه المناورات ضمن أدوات التعاون العسكري والتي تستهدف اختبار جاهزية الجيوش، والتدريب على التصدي للتحديات ومواجهة المخاطر، ونقل وتبادل الخبرات بين الدول الثلاث، وتعد أيضًا ضمن أدوات الردع الموجهة للخصوم.

رابعًا) طمأنة حلفاء المتوسط، تحمل القمة رسالة واضحة تبعث بالاطمئنان لكل من قبرص واليونان؛ إذ تأتي القمة بعد نحو شهر من جولة المباحثات الاستكشافية الثانية بين مصر وتركيا، في دلالة على أنه في حالة امتثال أنقرة للشروط المصرية، فلن يكون ذلك على حساب مصالح كل من قبرص واليونان، إذ ستظل مصر داعمة للثوابت التي أعلنت عنها خلال السنوات الماضية ويأتي في مقدمتها احترام قواعد القانون الدولي، وعدم انتهاك المياه الإقليمية لدول المتوسط، علاوة على الموقف المصري الواضح من القضية القبرصية والرامي إلى توحيد الجزيرة.

خامسًا) التأكيد على محورية الطاقة، ساهمت المسارات القانونية التي انتهجتها الدول الثلاث عبر توقيع اتفاقيات لترسيم الحدود البحرية فيما بينها في تحفيز وتشجيع التعاون في مجال الطاقة، وقد انتهى الأمر بتوقيع مذكرات تفاهم للربط الكهربائي بين مصر وكل من قبرص واليونان، فبعدما نجحت مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، ووقف استيراده، بدأت مساعيها للتحول إلى مركز إقليمي لنقل الطاقة لدول المتوسط ومن ثم باقي دول أوروبا.

وتمتلك القاهرة المقومات التي تؤهلها للعب هذا الدور، سواء من خلال مزيد من الاكتشافات في المياه الإقليمية المصرية، أو عبر استغلال وتوظيف البنية التحتية المصرية ممثلة في محطة "إدكو" " ودمياط" والتي تصل طاقتهما الاستيعابية إلى نحو 19 مليار متر مكعب سنويًا في تسييل الغاز، هذه العوامل مجتمعة تساهم في تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة ليس فقط لدول المتوسط وأوروبا بل لعدد من الدول الأخرى، وهو ما ظهر من خلال التوافق حول إحياء الخط العربي لنقل الغاز من مصر إلى لبنان عبر سوريا والأردن.

سادسًا) مجابهة التحديات المشتركة، يستهدف التعاون الثلاثي تشكيل حائط صد جماعي ضد أية تهديدات ومخاطر يمكن أن تؤثر على المصالح الوطنية لتلك الدول، وفي مقدمتها مكافحة الظاهرة الإرهابية والفكر المتطرف، علاوة على التهديدات الأخرى المتمثلة في الهجرة غير الشرعية والعمل على ضبط الحدود، خاصة أن مصر لديها خبرة كبيرة في التعاطي مع هذه التهديدات، فلم تسجل مصر حالة هجرة غير شرعية واحدة عبر أراضيها منذ 2016، وهو ما يمثل ضامنًا ومصدرَا إضافيَا لأمن الدول الأوروبية، ما يضع مصر شريكًا أساسيًا لتلك الدول في مجابهة تلك الظاهرة.

سابعًا) تأكيد تقارب الرؤى وتطابقها، تشير القمم التسع التي عقدت طيلة الأعوام الماضية لحجم التناغم والتوافق في الرؤى بين الدول الثلاثة والذي وصل إلى حد التطابق، خاصة في القضايا المحورية التي يمكن أن تؤثر على استقرار وأمن المنطقة، ولعل التوافق بشأن ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، بعيدًا عن تجديد دورة الصراع، والتأكيد على حتمية استكمال خارطة الطريق وصولًا للانتخابات نهاية العام الجاري دليلًا واضحًا على ذلك، علاوة على الموقف الموحد تجاه القضية الفلسطينية والقبرصية وغيرها من القضايا محل الاهتمام المشترك، إذ تنطلق تلك الدول من فرضية أن إنهاء الصراعات ومنع تجددها سيقود بشكل مباشر لدعم وتعزيز السلام والاستقرار في الإقليم والعالم.

واختتمت الدراسة أنه يُنظر لانعقاد القمة التاسعة في ضوء مستوى التناغم والتعاون بين الدول الثلاث، وقد تطورت تلك القمم بشكل ملحوظ سواء عبر القضايا التي تناقشها أو من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي خرجت عنها، وعلى أية حال ستظل تلك الشراكة تتمتع بمحورية وأهمية كبيرة، وستحظى دومًا بمزيد من الزخم في ظل رغبة كافة الأطراف في دعم وتعزيز مصالحهم عبر تبني نوعًا من الدبلوماسية النشطة خلال الفترات القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.