مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ يبحث استعدادات العام الراسي الجديد 2025/2026    بعد قليل.. الوطنية للانتخابات تعلن النتيجة النهائية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ    البنك الأهلى يخفض عمولة تدبير العملة إلى 3% على معاملات البطاقات الائتمانية    هشام طلعت مصطفى يتصدر قائمة «فوربس» ب 4 جوائز للأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط    وزارة الصحة في غزة: 227 شهيدًا جراء المجاعة وسوء التغذية بينهم 103 أطفال    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    ديمبلي: التتويج بدوري أبطال أوروبا كان أمرًا جنونيًا    إيفرتون يضم جاك جريليش رسميا    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شخص بالإكراه: الفيديو خارج مصر    محافظ الدقهلية يشارك في فعاليات مؤتمر "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للسماح بدخول الصحفيين الدوليين لغزة دون عوائق    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    غدا.. المسرح يحتفي بعيد وفاء النيل في مكتبة القاهرة الكبرى والهناجر    جنات تتحدث عن تصدرها التريند ب "ألوم على مين"    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    محافظ الجيزة ينعي وفاة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق    وكيل صحة الإسماعيلية تُفاجئ وحدة أبو صوير البلد لمتابعة إنتظام سير العمل وتحيل المقصرين للتحقيق    «الإعلام والتحليل الرياضي من التفاعل الجماهيري إلى صناعة التأثير».. ورشة عمل بماسبيرو    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    قيادات الطب العلاجي يتابعون سير العمل بمستشفى نجع حمادي العام    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    حزب الوعي: زيارة الرئيس الأوغندي لمصر يعكس الإرادة السياسية لقيادتي البلدين    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    وزير الصحة يبحث مع مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب تعزيز البرامج التدريبية    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    النزول بسن القبول بمرحلة رياض الأطفال في كفر الشيخ    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لسنا في حاجة إلي قانون جديد للإرهاب فالنصوص التشريعية الحالية.. تكفي وتزيد
المستشار ماهر الجندي يكتب:

· لايماري أحد في أن الاستقلال القضائي والاستقرار التشريعي هما من السمات الرئيسية للدولة القانونية، التي تتخذ من مبدأ سيادة القانون أساساً لنظام حكمها
· كلمة أخيرة أراني أهمس بها في أذن المشرع الجنائي أقول له فيها الأولي بك أن تصدر قانونا جديدا للعقوبات وللإجراءات الجنائية يجاريان عصرهما بدلا من التفكير في إصدار قانون جديد للإرهاب
في الاونة الأخيرة، تعالت صيحات البعض في مصرنا الغالية تنادي بضرورة اصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب. وهي صيحات تعلو وتخفت بين الحين والآخر، تماما كالمد والجزر، فكلما تعرضت البلاد لحادث إجرامي
عارض، يندرج تصنيفه الأمني تحت مسمي «الإرهاب» تطفو هذه الأصوات فوق تلك الومضة الإرهابية الطارئة مطالبة بسن هذا القانون، لكن سرعان ما تختفي الأصوات بعد اندثارها ونسيان تأثيرها مع مرور الأيام.
ولايماري أحد في أن الاستقلال القضائي، والاستقرار التشريعي، هما من السمات الرئيسية للدولة القانونية، التي تتخذ من مبدأ سيادة القانون أساساً لنظام حكمها، وهو ما ينبغي معه، أن يتحلي مشرعوها دوماً ببعد النظرة وعمق البصيرة عندما يتحركون بعجلة التشريع الجنائي فيها، في اتجاه مواجهة الظواهر الإجرامية الخطيرة التي تستهدف الاخلال بأمن البلاد وزعزعة الاستقرار في المجتمع وإدراكه بأوخم العواتب.
ومصر بحكم دستورها الصادر عام 1971 دولة قانونية، وحتي أنها من قبل ذلك بأكثر من مائة عام كانت من أسبق دول العالم إعلاء لكلمة القانون، ولذلك شهدت وعلي مدار السنوات التي خلت نهضة تشريعية شاملة، فرضتها عليها الأحداث الكبري التي طرأت علي حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ولعل مجال التجريم والعقاب، كان أكثر المجالات حظا في التعديلات التشريعية التي طرأت عليه سواء في جانبه الإجرائي أو في شقه الموضوعي وربما كان مرجع السبب في ذلك هو حلول الظواهر الإجرامية الجديدة بالمجتمع التي تشكل الإضرار الجسيم به، والاخلال بأمنه وسلامة أفراده مما فرض علي المشرع الجنائي ضرورة التصدي لها بالتجريم والعقاب.
وخلال السنوات الأخيرة نكبت البلاد بأحداث إجرامية دامية فجرتها بعض عناصر السوء والشر من خلال تنظيمات إرهابية ضارية، استهدفت الاطاحة بنظام الحكم القائم وإحلال ما يسمي بالدولة الإسلامية بدلاً منه وقد أودت تلك الأحداث الخطيرة بحياة المئات من أبناء الشعب المصري، فضلاً عما خلفته من دمار وخراب في المواقع والمنشآت.
وشاءت الأقدار، أن أكون أحد رجالات النيابة العامة الذين تولوا التحقيقات في هذه الأحداث، وباشروا الادعاء العام ضد جناتها أمام محاكم أمن الدولة العليا.
ففي عام 1974 وقعت أحداث «تنظيم الكلية الفنية العسكرية» الذي شكله العميل الوافد إلي البلاد صالح سرية وضم إليه مجموعة من طلاب هذه الكلية والجامعات وراح ضحيتها 17 قتيلا من حراس الكلية وفي عام 1981 وقعت أحداث «تنظيم الجهاد» التي راح ضحيتها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وبعض كبار المسئولين في الدولة بساحة العرض العسكري بمدينة نصر يوم 6 أكتوبر كما أدت إلي قتل 120 واصابة أكثر من 1000 من رجال الشرطة والمواطنين وفي عام 1987 وقعت أحداث «تنظيم الناجون من النار» الذي ارتكب أعضاؤه محاولات الاغتيال السياسي لكل من محمد النبوي إسماعيل وحسن أبوباشا وزيري الداخلية الأسبقين، والكاتب الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الحالي.
وغني عن البيان أن النيابة العامة لم تجد ثمة صعوبة في انطباق الوقائع الإجرامية الخطيرة التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية السالف ذكرها، علي الجرائم التي نص عليها قانون العقوبات في أبوابه المختلفة، والتي بمقتضاها أيضا أصدرت محاكم أمن الدولة العليا، أحكامها الرادعة علي جناتها بعقوبات تتراوح بين الاعدام والاشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة ولم تطالب هذه المحاكم في أحكامها باصدار قانون خاص بمكافحة الإرهاب.
وعسي أن يوفقني الله قريبا، إلي أن أكتب وعبر هذه الصحيفة الوقرة وتحت عنوان «شاهد علي العصر» حكاية الإرهاب ومصر كاشفاً ولأول مرة عن خباياه وأسراره من خلال قضاياها التي عشتها محققا ومدعياً عاماً.
وحتي يحين وقت هذا النشر، فإنني أبادر إلي القول بأن التحقيقات الي أجرتها النيابة العامة ثم المحكمة من بعد في قضايا التنظيمات الإرهابية الثلاث السالف ذكرها، قد أثبتت أن الإرهاب قد جاء إلينا محمولا علي تيارات وافدة من الخارج مستهدفاً قلب نظام الحكم القائم في البلاد بالقوة وإنه ولئن كان الإرهاب ظاهرة عالمية خطيرة اجتاحت بعض بلدان العالم خاصة أمريكا وانجلترا واليابان وأسبانيا، إلا أنه في مصر لم يبلغ حد الظاهرة.
وإذا كان الالتزام القومي يفرض علي ولاة التشريع في بلادنا أن يرصدوا عن كثب حركة الجريمة الإرهابية ابتغاء اصدار القوانين الكفيلة بوقاية المجتمع من مخاطر الإرهاب الوافد علي البلاد، أو التي تتكفل بسد الثغرات القانونية التي يكون التطبيق العملي للقوانين القائمة قد كشف عنها، إلا أن الأحداث الإرهابية القليلة مجهولة الهوية والهدف ومقزمة الحكم والأثر والتي أقدم علي ارتكابها فيما بعد ثلة من المجرمين الجبناء بوسائل وأدوات هزيلة وبدائية ومضحكة قد داعبت وعلي ما يبدو فضول المشرع الجنائي وأغرته علي الخروج عن الحدود الآمنة لمقتضيات التشريع وضوابطه حيث كان اصداره المفاجئ للقانون رقم 97 لسنة 1992 الذي اقتحم به نصوص قانون العقوبات الوادعة المستقرة.
والمتأمل لاحكام هذا القانون المفاجئ، لايجده أنه قد أتي بجديد مطلوب أو بنص مرغوب في مجال التجريم والعقاب يهدف الي سد نقص موجود أو تأثيم فعل مباح أو تشديد عقوبة قائمة وإنما فقط راح يضع تعريفاً للإرهاب ويعيد صياغة النصوص العقابية القديمة في قوالب لغوية جديدة حرص علي أن تكون ألفاظ «الإرهاب» ضمن تراكيبها ولذلك تميز هذا القانون بالطابع الشكلي، وهو الأمر الذي أكده المشرع في تقسيمه الباب الثاني من قانون العقوبات إلي قسمين، صدر القسم الأول منهما بالمادة «86» المستحدثة التي نص فيها علي أن المقصود بالإرهاب هو «لجوء الجاني إلي استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الاخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الاشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العباة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح» ثم جاء المشرع في المواد التالية وكرر نفس النصوص العقابية القديمة مع تعديل في بعض عباراتها وتشديد العقوبات الواردة بها إلي الإعدام أو السجن المؤبد إذا اتخذ الجاني من الإرهاب وسيلة لتحقيق أو تنفيذ أغراضه، أو كان قد تولي الزعامة أو القيادة في التنظيم الإرهابي، أو قام بامداد هذا التنظيم بالمعونات المادية أو المالية، أو بالاسلحة والذخائر والمفرقعات في حين أبقي المشرع علي مواد القسم الثاني من القانون الأصلي مع ادخال بعض التعديلات الطفيفة في الصياغات أو في تغليظ العقوبات.
ولا بأس في إصدار المشرع الجنائي لهذا القانون المفاجئ، الذي يصح التعبير عنه بأنه قانون للإرهاب ومن ثم فقد اتخذ في الافهام موقع القبول والقناعة.
لكن الذي لايبدو مفهوما هو المفاجأة الأخري التي فجرها المشرع الجنائي بعد ذلك وقبل أن يجف مداد كلماته التي صاغ بها القانون رقم 97 لسنة 1992 سالف الذكر فقد راح يصدر القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام القانون المذكور ثم تلي ذلك باصداره القانون رقم 147 لسنة 2006 بتعديل بعض نصوص القانونين السابقين وبديهي أن اصدار المشرع هذين القانون 95 لسنة 2003 و147 لسنة 2006 يدل علي أن قانون عام 1992 لم ينل حظه من الدراسة والبحث والاستقصاء.
ومن المعلوم في أعراف التشريع أن كثرة التعديلات القانونية التي يجريها المشرع علي القوانين القائمة في أزمنة متقاربة إنما تعكس الاضطراب وعدم الاستقرار في الأداء التشريعي، وتعبر في ذات الوقت عن تغليب العواطف الجياشة علي العقول الرشيدة في هذا المجال.
ومن أسف فإن المراقب للتعديلات القانونية التي أجراها المشرع الجنائي علي قانون العقوبات منذ صدوره عام 1937 وحتي الآن يجد أنها فاقت الاربعين تعديلاً لدرجة أن تلك التعديلات الكثيفة قد طغت علي الاصل العام لهذا القانون بحيث بات متعذراً علي رجال القانون ملاحقة هذه التعديلات ومتابعتها لتحديد أي منها هو المنطبق علي واقع الحال عندهم ونفس الذي قيل في شأن قانون العقوبات يقال أيضا بالنسبة لقانون الاجراءات الجنائية الذي توقف مشروع تعديله فجأة منذ سنوات دون سبب معلوم.
وكلمة أخيرة أراني أهمس بها في إذن المشرع الجنائي أقول له فيها الأولي بك أن تصدر قانونا جديدا للعقوبات وللإجراءات الجنائية يجاريان عصرهما بدلا من التفكير في اصدار قانون جديد للارهاب.. فالنصوص التشريعية الحالية تكفي.. وتزيد.. حتي تبزغ شمس الاصدار المأمول في القريب.
مع دعائي لك بالتوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.