· القضاء المستقل هو صمام الأمان لكل حاكم يريد أن يثبت حكمه يخطئ من يعتقد أن غضب القضاة «خمد» وأن الأزمات التي تواجههم قد انتهت فقد اشتعلت أزمة جديدة منذ أيام علي خلفية الإعلان عن تشكيل مجلس القضاء الأعلي وهو ما أثار اعتراضات عديدة يعبر عنها المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض، رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق والذي فجر كثيراً من المفاجآت في الحوار التالي. لماذا الاعتراض علي تشكيل مجلس القضاء الأعلي؟ - نحن نعتبر المجلس ضمانة من ضمانات استقلال القضاء بأن يكون أمر القضاة بأيديهم وهو يدعم الاستقلال علي أساس أن السلطة التنفيذية لا تكون لها أي تدخل في شئون السلطة القضائية. ولكن التشكيل الجديد فاجأنا وكذلك ظروف تقديمه تدعو للريبة. وكيف؟ - لأنه لو أراد وزير العدل ارسال مشروع وأخذ الموافقة عليه فكان أمامه متسع من الوقت ليناقش صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع وهو مجلس الشعب فلماذا الانتظار بعد انتهاء دورة مجلس الشعب، وقبل أن تنتهي ولاية مجلس القضاء الأعلي ب48 ساعة. والمعروف أن أي قانون لا يصدر في غيبة مجلس الشعب - إلا في حالة الضرورة والتي أعتقد أنها غير متوافرة!. ما الحال إذا صدر القانون؟ - لو صدر سيكون معيباً يعيب استعمال السلطة. وأعتقد أن وزير العدل أخطأ خطاً جسيماً في أن يعرض علي رئيس الجمهورية لأن المحكمة الدستورية العليا ستلغي قراره وبذلك أساء لرئيس الجمهورية إساءة بالغة. وكذلك فإن المجلس الذي أراد الوزير تعديله يتبقي له 48 ساعة وتنتهي ولايته وسيخرج منه 5 أعضاء علي المعاش وكنت أتوقع من المستشار مقبل شاكر أن ينأي بنفسه عن هذا. فلماذا أراد تعديل اختصاص القادمين بعده؟! فهذه سقطة كبري لا تغتفر له هو وكل الزملاء الذين وافقوا علي المشروع. ما توقعاتك لموقف نادي قضاة القاهرةوالإسكندرية؟ - نحن مختلفون صحيح ولكننا سنتخذ موقفاً موحداً لكن للأسف بيان نادي قضاة القاهرة هزيل ولا يعبر عن خطورة الموقف الذي ليس باستقلال القضاء. وأقول للرئيس مبارك: يجب طرح القانون في الدورة البرلمانية القادمة حتي لا يتعرض لخطر الإلغاء الذي يمس رئيس الجمهورية الذي يجب أن نحرص علي قراراته ونبرئها من عيب البطلان. وعلي الرئيس الامتناع عن اصداره لاتاحة الوقت الكافي لدراسته. وإذا صدر القانون ستكون معركة شرسة يتصدي لها القضاة بكل قوة مهما كان الثمن. قلت إن القانون في هذا الوقت يثير الريبة فهل تقصد أنها ضربات استباقية لتيار الاستقلال؟ - الأمر فيه غموص يفتح باب الاحتمالات، فربما يتعلق الأمر بالانتخابات القادمة وعملية التوريث لأن مجلس هذا شأنه سيكون له يد في اختيار القضاة المشرفين علي الانتخابات ويستبعد من يريد منهم.. وهو ما فعله ممدوح مرعي نفسه عندما استبعد ألف قاض في انتخابات الرئاسة بحجة أن لديهم ميولاً سياسية، وهذا ما أوصله للوزارة!. وربما يتعلق الأمر بتيار الاستقلال حتي لا يتمكن من العودة فكلها احتمالات لا نستطيع الجزم بأحدها. اسمح لي بسؤال قد يبدو صادماً.. هل القضاء المصري نزيه ومستقل؟ - هو والحمد لله «نزيه» لكنه غير كامل الاستقلال ولذلك نطالب بالتبعية للتفتيش القضائي وإلغاء الندب.. وإذا لم يشعر المواطن أنه يقف أمام قاض مستقل يستطيع مساواته برئيس الجمهورية فهو ليس استقلالاً. وللأسف أصبحنا نسمع أن المتقاضين يسألون عن شخصية القاضي وهذه كارثة تفتح المجال للتعليق علي الأحكام القضائية. وهذا ما تريده الحكومة لأن القاضي المستقل يستطيع أن يحكم ضدها. والقضاء المستقل هو صمام الأمان لكل حاكم يريد أن يثبت حكمه. هل هناك ضغوط تمارس علي بعض القضاة لإصدار أحكام بعينها؟ - لا توجد ضغوط مادية مثل «أحكم بكذا أو لا تحكم بكذا» لأن هذا يعد جريمة. لكن ما يحدث هو اختيار قاض معين لقضية معينة لضمان الحكم.