قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن عملية «عاصفة الحزم» أمر مشروع وهدف نبيل ورد فعل لما قامت به جماعة الحوثى من اعتداء على الشرعية فى اليمن، لافتا إلى أن تصوير العملية بأنها حرب سنية شيعية، عمل رخيص. وأكد شومان، أن «عاصفة الحزم»، حرب على البغى والعدوان واغتصاب السلطة، وما يقوم به التحالف العربى المشترك لتفويت الفرصة على المتآمرين والمتربصين الساعين لنشر الفوضى والدمار فى المنطقة. وأضاف وكيل الأزهر أن «إيران تسعى لتحويل الكثير من الدول العربية إلى دول شيعية»، وفى الوقت نفسه قال أن «داعش» بغاة ولو حكم الأزهر بتكفيرهم لصار مثلهم ووقع فى فتنة التكفير. وعن موقفه، من تأكيد علماء السعودية أن «عاصفة الحزم» جهاد فى سبيل الله، لأنها ضد نظام فاسد وجماعة متطرفة، قال شومان إن العمليات العسكرية التى تقوم بها المملكة ومصر ومن يشاركهما فى التحالف العربى الإسلامى لعودة الشرعية فى اليمن، أمر مشروع فرضته التطورات الأخيرة فى اليمن، وهذه العمليات هى عمليات دفاعية لنصرة الشعب اليمنى وإنقاذ اليمن من الفوضى والانهيار التام. وتابع أن تأييد الأزهر للمملكة فى تحركها العسكرى ضد جماعة الحوثى ودعمه لعملية «عاصفة الحزم» يأتى فى إطار حتمية تصدى الدول العربية والإسلامية لأى خطر يهدد الدين والوطن، خصوصا أن التدخل العربى والإسلامى لعودة الشرعية وإعادة الاستقرار والهدوء لليمن إنما جاء بعد استنفاد جميع الوسائل والسبل السلمية المشروعة وعدم استجابة الحوثيين للمناشدات المحلية والإقليمية والدولية، بالعدول عما أقبلوا عليه واللجوء إلى الحوار لحماية الدولة والشعب اليمنى من الانزلاق فى أتون الحرب. وردا على بعض الأصوات التى تشكك فى عملية «عاصفة الحزم» قال شومان يجب أن نؤكد أن المملكة لم تشن هجوما على الحوثيين، وإنما هبت لرد اعتداء الحوثيين على إخوانهم اليمنيين لدعم الشرعية واستعادة الاستقرار. أما هدف عملية «عاصفة الحزم» فهو هدف نبيل ورد فعل لما قامت به جماعة الحوثى ومن يدعمها فى الداخل والخارج، ولا ينبغى أن يكون ذلك محل خلاف، فالجميع يعلم أن عملية «عاصفة الحزم» إنما جاءت اضطرارا لتلبية استغاثة الشعب اليمنى والحفاظ على وحدة التراب اليمنى وسلمه الاجتماعى، فهى عمل دفاعى وليس هجوميا اقتضته الأحداث فكان لزاما على الجميع أن يهب لنصرة اليمن وحماية أراضيه. ومن هذا المنطلق جاءت «عاصفة الحزم» لترفع ما حل بهم وبدارهم من قوارع تدمى القلوب وتبكى العيون، بالإضافة إلى حماية الحرمين الشريفين من أن تطالهما أيدى العابثين. وعن تأكيد الأزهر أن «عاصفة الحزم» صفحة جديدة فى الشرق الأوسط، قال شومان "لا شك أن «عاصفة الحزم» بداية مرحلة جديدة فى تاريخ العرب والمسلمين وصفحة جديدة فى سجل الشرق الأوسط، ومن خلال متابعة الأزهر للوضع الذى آلت إليه الأمور فى اليمن، وما شهده من انتشار لأعمال العنف وظهور بذور الطائفية عقب انقضاض جماعة الحوثى على المؤسسات الشرعية باليمن، كان من الطبيعى جدا أن يبارك الأزهر جهود قادة الدول العربية فى مواجهة التحديات التى تهدد الأوطان. وثمن عاليا هذه الصحوة العربية التى بدأت تدوى فى المنطقة بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» سواء على مستوى الشعوب أو الحكومات، قائلا "الأزهر يرى أن استجابة الدول العربية لدعم الشرعية فى اليمن وتدخلها للدفاع عن أمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه، يأتى فى إطار مسئولياتها التاريخية تجاه الأمن القومى العربى". وأضاف أن الأزهر قدر المبادرة غير المسبوقة التى وضعت حدا حاسما وسريعا لكل من يسول له غروره العبث بأمن ووحدة الأمة العربية والتدخل فى شؤونها أو اللعب على وتر الفتنة الطائفية والمذهبية، وهى مبادرة مباركة تحفظ أمن دول المنطقة وتحمى شعوبها وتحرس آمالهم وطموحاتهم وتدعم حقهم فى ردع المعتدى ورده إلى النسيج المجتمعي. وعن دور إيران لضرب وحدة الدول العربية فى المنطقة، قال شومان إن إيران تسعى لتحويل الكثير من الدول العربية إلى دول شيعية، ولا أدل على ذلك مما يحدث فى العراق وسوريا ولبنان، واليمن أخيرا وليس آخر، وهو مخطط يهدد أمن المنطقة بل يساعد مخططات خارجية أخرى تسعى لزعزعة الاستقرار فى أوطاننا العربية والإسلامية، وخير دليل على ذلك وجود التنظيم الإرهابى المسمى «داعش» فى المنطقة، وما يقوم به تحالف «عاصفة الحزم» يأتى من منطلق تفويت الفرصة على المتآمرين والمتربصين بالدول العربية والإسلامية الساعين لنشر الفوضى والخراب والدمار فى المنطقة، وأعتقد أن هذا المخطط لن يتم بإذن الله بفضل يقظة الشعوب العربية وحكمة القادة العرب وحسن تقديرهم للأمور واتخاذ القرارات المناسبة فى الأوقات المناسبة. وعن استيعاب جماعة الحوثى الدرس أم أنها ستظل فى مقاومتها وإرهابها؟، قال شومان أتمنى أن تنصت هذه الجماعة وغيرها من الجماعات الباغية لصوت العقل وتغلب المصلحة العامة على مصالحها الضيقة حتى نتلاشى وقوع المزيد من الضحايا ونجنب المنطقة العربية بأسرها حروبا لا يعرف مداها إلا الله، لكن أعتقد أن جماعة الحوثى لن تستوعب الدرس سريعا وأن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تتمكن «عاصفة الحزم» من قطع خطوط إمداد هذه الجماعة بالمال والسلاح وكسر شوكتها على الأرض وإيصال رسالة قوية على المستويات كافة لمن يدعمها فى الداخل والخارج. وحول داعش قال إن ما تقوم به «داعش» وأخواتها من الجماعات المنتسبة إلى الإسلام أمر مؤسف لا يقبله عقل ولا شرع، وأن ما يحملونه من فكر متطرف هو أخطر بكثير من الأعداء التقليديين لأمتنا العربية، لأن هذه التنظيمات تدين ديننا وتتحدث لغتنا وتندس بيننا وتتخذ الفكر سلاحا لها وهو أخطر بكثير من السلاح العسكرى. وحول قضية تكفير داعش قال شومان أعضاء «داعش» بغاة أشاعوا الفساد فى الأرض، لذا وجبت مواجهتهم وقتالهم بكل قوة. وهذا أمر واضح لا لبس فيه، فالذى يحمل السلاح ويستحل الدماء الحرام ولا يفرق بين أتباع دين ودين، ولا بين صغير وكبير، ولا بين مدنى وعسكري، ولا رجل وامرأة لا يجدى معه إلا السلاح الذى لا يسمعون إلا صوته. أما الحوار فهو يجدي، بل إنه ضرورى مع المضللين الذين استهواهم فكر هؤلاء من شباب المسلمين فى الشرق والغرب ممن لا يحملون هذا الفكر المسموم عن قناعة، هؤلاء الشباب يجدى معهم الحوار ودحض شبهات المبطلين الذين يتسللون إليهم من خلالها، وهذا ما يفعله الأزهر عبر اللقاءات والندوات والقوافل الدعوية التى تجيب عن الأسئلة الحائرة فى أذهان هؤلاء الشباب المغرر بهم بكل صراحة ووضوح. وأعلن أن الازهر أنشأ مرصدا إلكترونيا لرصد ما تبثه هذه الجماعات وفى مقدمتها «داعش» من سموم فكرية تحاول بها تجنيد شباب المسلمين لانتهاج طريقهم الدموي، ويقوم بالرد على هذه الشبهات وهذه الأفكار المتطرفة مختصون يجيدون لغات مختلفة ليردوا بنفس اللغة التى بثت بها هذه الأفكار، وسيعلن عن إطلاقه رسميا قبل نهاية هذا الشهر . وأضاف أما قضية تكفير «داعش»، فالأزهر وعلماؤه لا يستطيعون أن يحكموا بالكفر على مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، مهما بلغت ذنوبه، بل إنه من المقرر فى أصول العقيدة أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية ونبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأن الذنوب مهما بلغت لا تخرج العبد من الإسلام. ولو حكمنا نحن الأزهريين بتكفير عناصر «داعش» لصرنا مثلهم ووقعنا فى فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن للأزهر أن يقبله منهجا، فالأزهر كما هو معلوم للجميع يمثل الإسلام الوسطى المعتدل. وحول تجديد الخطاب الدينى قال أن تجديد الخطاب الدينى يحتاج تضافر جهود مؤسسات الدول العربية والإسلامية كافة، حتى الدول ذات الغالبية غير الإسلامية يلزمها أن تتجاوب مع جهود الدول الإسلامية، لأن غالب الشر يتطاير من هناك، بدليل أن معظم أفراد «داعش» ليسوا من الدول العربية أو الإسلامية. وإصلاح أو تجديد الخطاب الدينى وحده لن يقضى على الإرهاب، لكن يلزم أيضا بالتوازى مع ذلك بل قبله حل مشكلات البطالة والفقر والمرض والأمية.. وغير ذلك من الأسباب التى تمثل بيئة حاضنة للفكر الداعشى.