لدى البعض شغف بالعيش فى "المراحل الانتقالية" فهى تلك المراحل التى يزدهرون فيها، لأنها المراحل التى يمتلكون فيها رصيدا يؤهلهم للخروج على الشاشات، بغض النظر عما يكون فى هذه المراحل "الانتقالية" من فوضى وانهيار للاقتصاد وانفلات أمنى، وغيرها من الأمورالمروعة. السفير معصوم مرزوق عضو حزب الكرامة يبدو أنه واحد من هؤلاء الذين يعشقون "المراحل الانتقالية" فالرجل طرح ما أسماه مبادرة لإنقاذ الوضع الحالى المتأزم – من وجهة نظره – يطالب فيها بإجراء استفتاء شعبى وبموجب هذا الاستفتاء تحل فيه كافة مؤسسات الدولة البرلمان والحكومة، وتمر البلاد بمرحلة انتقالية – ثالثة هذه المرة – يعاد فيها كتابة الدستور للمرة الثالثة أيضا، على أن يحكم البلاد مجلس انتقالى للحكم يتشكل من "الأحزاب" والقضاء وغيرهم. من حق الجميع أن يتكلم أن يطرح وجهات نظر، لكن من حقنا أيضا أن نهزأ من سذاجة الطرح، وعبث التخيلات والأوهام، ومن حقنا أيضا أن نتساءل عما جرى خلف الكواليس. ما علاقة الإخوان بالمبادرة يا سيادة السفير؟ أول ما يجب أن نتوقف عنه فى مبادرة السفير معصوم مرزوق، هو من يقف وراءها، فمن الغريب حقا أن يكون الموقع الإخبارى الوحيد الذى نشر عن المبادرة، هو موقع قناة الشرق الإخوانية، التى يشرف عليها أيمن نور بتمويل قطرى وتبث من تركيا!، لماذا هم فقط من نشروا أن معصوم مرزوق يعد لمبادرة وسوف ينشرها خلال أيام!. كيف يعلم أصلا هؤلاء القابعون فى تركيا داعمين للإرهاب ومكدرين صفو حياة المصريين، عن مبادرة يتم إعدادها فى مصر؟، من حقنا أن نستغرب وأن نتساءل ما هى صلة هؤلاء بالمبادرة، لماذا علم الإخوان وحلفائهم بالمبادرة المزعومة؟ قبل أى شخص آخر فى مصر؟. إحنا نجيب البرادعى.. ونعمل مجلس انتقالى لسنوات طويلة ضربت فيها ظلت أفكار مثل "المجلس الرئاسى المدنى" ، و"مجلس الحكم الانتقالى" تطرح، ودائما كان يطرح اسم الدكتور محمد البرادعى المقييم فى العاصمة النمساوية فيينا ليترأس هذا المجلس، بعد سنوات سنكتشف كم كان هذا الطرح ساذجا، وكيف أن هناك مجموعات من البشر منفصلة تماما عن الواقع، تخوض معارك وهمية لا تمت للشارع الذى تعب من المسار الفوضوى الذى سلكته البلاد. يبدو أن السفير معتصم مرزوق واصدقاؤه فى المبادرة لا يلتفتون إلى أن هذا الوضع الانتقالى أصبح من الماضى السحيق، فلقد أصبح لدينا اليوم مؤسسات واضحة للدولة، برلمان منتخب، رئيس منتخب، دستور توافق عليه الجميع فى لحظة كتابته، فلماذا يعيد الإنسان الكرة من جديد، ولماذا بعدماابتعدنا عن الفوضى يحاول البعض إعادتنا من جديد لهذه المنطقة؟.
الصوت العالى السياسة على طريقة "النخبة" لدى مصر "نخب سياسية" تختلف تمام الاختلاف عن مثيلاتها فى أى دولة أخرى، هى نخب مثلا عاجزة عن استكمال 5 آلاف توكيل لتأسيس حزب يعبر عنها، هى نخب بلا أى عمق فى الشارع المصرى، هى نخب عجزت عن ممارسة السياسة وفضلت بدلا منها "الصوت العالى" والهتافات المدغدغة للعواطف. يمكن للنخب التى لا يعجبها أن تسلك المسار المعروف، فلدينا انتخابات برلمانية يمكن أن يستعدوا لها ستجرى بعد عامين، هل تستطيع هذه النخب أن تقدم ولو 50 مرشحا فيها؟، المشكلة الحقيقية أنهم بلا أى تواجد فى الشارع، مجموعات تحاور نفسها على "فيس بوك" لا تتعدى 50 ألف شخص فى أفضل الأحوال من شعب يبلغ تعداده 100 مليون شخص. إذا كنت يا سيادة السفير تطمح وأصدقائك فى استكمال اصوات ما لا يقل عن 30 مليون شخص لتأييد مبادرتك فى الاستفتاء الذى تود أن تطرحه، إذا كنت قادرا على هذا فلماذا لا تستطيعون حتى جمع 5 آلاف توكيل لاستكمال حزب العيش والحرية الخاص بخالد على، إذا كنت يا سيادة السفير تطمح فى الحصول على 30 مليون شخص فى هذا الاستفتاء فلماذا لا تتقدمون لأى انتخابات وتفضلون دوما سلوك طريقكم المفضل "المقاطعة" ليس الانتخابات الأخيرة فقط، بل منذ انتخابات 2011. موقف غامض ومريب من الإخوان الإخوان أعداء لهذا الشعب، هذه عبارة لا يمكن أن يختلف عليها محب لوطنه، إلا أن المشكلة الحقيقية أن بيان معتصم مرزوق صمت عن مسألة الإخوان، بل تكلم عن "الإفراج عن سجناء الرأى" فى مصر!، هل يعتبر مثلا السفير معصوم مرزوق مرشد الإخوان محمد بديع من "سجناء الرأى"؟ هل يعتبر إرهابى مثل صفوت حجازى هدد المصريين بالقتل سجناء رأى؟، هل يعتبر أشخاص عليهم أحكام بالسجن هددوا المصريين بالقتل من مهربهم فى تركيا "ضحايا رأى" مثل محمد ناصر المذيع الإخوانى على قناة مكملين مثلا ؟. ما الذى لا يعجبكم فى الدستور؟ شيء مضحك للغاية أن يكون أصدقاء السفير معصوم مرزوق هم من شاركوا فى كتابة الدستور، ويكون أول ما يريده السفير فى مبادرته هو تعطيل العمل به، بل وتشكيل لجنة لإعادة كتابته !!، أليس هذا هو الدستور الذى شارك فى كتابته عمرو الشبكى، ومحمد غنيم، ومسعد ابو الفجر، ومحمد سامى العضو فى حزبكم؟. اليوم اكتشفت فجأة أنه دستور يحتاج للتعطيل بل والتعديل؟، بقدر ما هو أمر هزلى فهو أمر يفضح طريقة تفكير هذه النخب، النخب التى كتبت الدستور نفسه تريد تعطيله، هو عشق للعيش فى الحالة الفوضوية، تلك الحالة التى لا تتطلب جماهير ولا ديمقراطية ، ولا مؤسسات دولة، بل تطلب فقط الصوت العالى وهذا ما يملكونه.