داهم العصر المادى كل شىء، حتى روابط الأسرة والأخوة فلم يعد هناك مجال لأى شىء، وأنا أحتاج إلى علماء النفس يقولون لنا: إحنا رايحين على فين ؟. جرائم أيامنا تحتاج إلى الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى حتى يقول لنا لماذا تحدث الجرائم البشعة فى الأسرة قديما؟ وعلى فين رايحين؟ لا عاطفة ولا رحمة ولا حب، جرائم مفزعة تحدث كل يوم، دعونا نرى أطراف الجريمة.
دكتورة أمراض نساء ناجحة فى عملها جميلة جدا، وبالرغم من أنها من أسرة متوسطة، لكن كانت مجدة فى دراستها، حتى أصبحت طبيبة ناجحة، وبسبب رقتها وجمالها وقع فى غرامها رجل أعمال ثرى جدا، تزوجها ونقلها نقلة اجتماعية كبرى، وأصبحت تسكن فيلا فى التجمع لكن لم يستمر زواجها طويلا، فقد مات الزوج فى حادث سيارة وكانت حاملا وأنجبت ولدا وورثت من زوجها الكثير، وكان لها شقيقان «ص» وهو متزوج ويسكن فى الوايلى، ولديه خمسة أولاد، فشل فى دراسته فلجأ إلى أخته لمساعدته، فاشترت له «تاكسى» يعمل عليه ويكسب رزقه منه، وشقيقها الثانى «ح» وهو فى الخامسة والعشرين، فشل فى دراسته هو الآخر وعمل سمكريا، ولم يحقق الكثير، فاشترت له هو الآخر «تاكسى» ومن هنا وقعت الجريمة. فقد تلقى رئيس مباحث العياط اتصالا من شخص ما، قال فيه إنه شاهد سيدة أنيقة جميلة فى تاكسى وشاهد رجلين ينهالان عليها ضربًا، وتجمع المارة وحجزوا التاكسى ومن بداخله وبانتقال الشرطة وجدوا السيدة الأنيقة فى حالة إعياء كامل وتم نقلها إلى المستشفى وقالت فى التحقيق معها: أنا الدكتورة «م» فوجئت بأخى « ص» يطرق باب الفيلا وعندما فتحت كان حزينا وتصورت أن أمى أصابها مكروه عندما قال أسرعى وانزلى معى، وركبت سيارته التاكسى وكان أخى «ح» فى السيارة، وعندما انطلقت السيارة ظل «ح» يضربنى وانعقد لسانى ولم أدر شيئا وسمعت «ص» يقول سنذهب إلى العياط وانهال هو الآخر على بالضرب. سألتهما: ماذا حدث؟ أخرجا إيصالات أمانة وطلبا منى التوقيع على كل واحد منها، وكان المبلغ 300 ألف لكل واحد منهما، انخرطت فى البكاء وقبل ان أوقع عليها أغمى على ولم أوقع ولا أدرى لماذا فعلا هذا. فى التحقيق مع الشقيقين قال الشقيق الأول: نعم ضربناها إنها غنية ونحن فقراء، وتعيش لوحدها مع طفلها الصغير وأنا مزنوق أنا وأولادى الخمسة وزوجتى فى شقة ضيقة فى حى فقير، حاولنا أن نحصل منها على أى مساعدة ولكن رفضت، تملك الكثير وتعيش فى النعيم، ونحن نعيش فى الجحيم، عرضت عليها أن ننتقل ونسكن معها حتى نملأ عليها الفيلا لكنها رفضت، كل ما فعلته اشترت لى تاكسى، وكان لا بد أن ننعم بما هى فيه، والأخ الثانى قال وهو يضع وجهه فى الأرض خجلا: أنا السبب فى ما وصلنا إليه، فبينما هى كانت مجتهدة كنا نحن نجرى فى الأندية ونحلم أن نصبح لاعبى كرة ولنا شهرة، لكن أصدقاء السوء والمخدرات والسهر والفساد أخذونا خارج الملاعب، وفى الحقيقة أنها عطفت علينا كثيرا فى البداية، واشترت لكل واحد منا «تاكسى» ولكننا انجرفنا فى طريق السوء، فرفضت أن ترانا، وكان عندها حق ففكرنا فى خطفها خارج الفيلا وبعيدا عن أعين الخدم وكنت أنا وأخى نضربها بعد أن رفضت التوقيع على إيصالات الأمانة. أغلق محضر التحقيق ووجهت لهما تهمة الخطف والابتزاز لكن الأخت الطبيبة انخرطت فى البكاء وطلبت أن تتنازل عن حقها ويغلق المحضر، ولم يكن أمام النيابة إلا تحقيق رغبتها بعد أن نال كل منهما درسا لن ينساه، لكن هل تكون هى النهاية؟ أم أن العصر المادى الذى داهم كل شىء وضاعت العاطفة والمحبة والرحمة فى الأسر؟ أما الجريمة الأخرى البشعة فتتلخص فى زوج وزوجة وبعد عشر سنوات «عشرة وإنجاب أربع أطفال ولدين وابنتين فى المدارس» أصيب الزوج بمرض السكر وبدأت المشاكل بين الزوج والزوجة وعصبية الزوج وتطاوله على زوجته بالضرب والألفاظ النابية، وبدأت الخلافات بينهما، ما جعل الزوجة تطلب الطلاق وحصلت جلسات صلح ومحاولات من كل أطراف أسرة الزوجين فى محاولة إعادة المياه إلى مجاريها، كما يقولون، ولكن أصرت الزوجة على الطلاق، ورفعت قضية خلع، ثار الزوج وطالب أسرة زوجته بالحضور فحضروا لمحاولة الصلح وإقناع الزوجة بسحب القضية، وأثناء الجلسة ثار الزوج ودخل المطبخ وخرج وهو يحمل «جركن» ويسكبه على الجالسين وكان به «بنزين» وكانت بيده ولاعة السجاير، وأشعل النار فيهم وأمسكت النيران بكل الموجودين ما جعل الزوجه تسرع وهى مشتعلة إلى البلكونة تطلب النجدة ولكن سقطت قتيلة، وكذلك أمها وأبوها وأختها وأطفالها الأربعة، وأحد جيرانهم، دخل لينقذهم، أما الزوج فقد أسرع إلى البلكونة التى هى فى الدور الخامس وقفز ولقى حتفه فى الحال. الشقيقة الثانية للزوجة القتيلة تقول: حرمنا من أختى وبابا وماما وعمى والأطفال، وخرب البيت، وكل واحد راح عند ربه، هى طلبت الطلاق وحريتها، هو رفض الطلاق، وتصور أن قضية الخلع إهانة له، الزوج كان غامضا ولن نصل إلى فكره برغم أنها أرادت الطلاق والتنازل عن كل حقوقها، حتى الأطفال، ولكنه رجل مريض دمرنا وقتل أختى والعائلة بكاملها، وقفز ليسقط قتيلا، والغريب أن هذه الجريمة حدثت فى الإسكندرية بلد ساحلى يتسم بالهدوء والسكينة، فقد ضاعت المودة والرحمة بين الأسر وربنا يستر.