هذي بلادي لي بها نخلة .. وقطرة في السحاب .. وقبر يحتويني .. هي عندي أجمل من مدن الضباب .. من مدن لاتعرفني .. أجوب الشوارع فيها وحيداً.. أعتقد أن هذا هو الشعور الطبيعي لأي إنسان سوي تجاه وطنه ، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس العاقل من عرف الخير من الشر ، إنما من عرف خير الشرين . إن ما يحدث في مدينة عفرين السورية "التي انتهكت صفاء سمائها أسلحة الأتراك" يدمي القلب و يستحق التأمل وفهم الأغراض والنوايا الحقيقية للطامعين ، وما يحدث اليوم يكمل سواد الصورة وبشاعتها ويوضح لنا خير الشرين . فعندما نقرأ أنباء قصف الجيش التركي لمدينة سورية بمعاونة من يطلقون على أنفسهم ( معارضة ) وأن يصل الحال بأن تنشر وكالة الأناضول التركية أمس صورة لجندي تركي يرفع علم بلاده على جبل "دارمق " بعفرين السورية ، حينها نتعرف على حقيقة هؤلاء المعارضين المزيفين ، فالمعارضة الحقيقية لابد أن تكون من أجل صلاح الوطن وإعلاء مصلحته ، لا ضياعه وتسليمه للمحتلين ، فهل يعقل أن يساند معارض دولة خارجية على قصف واحتلال أراضي وطنه وقتل وتشريد أهله مهما اختلف معهم ؟ بالطبع لا أبدا ، فهؤلاء ليسوا معارضين بل هم مدمرون وأعداء للأوطان مهما حاول البعض تجميل حقيقتهم القبيحة. وها هي سوريا أصبحت سداحا مداحا للطامعين ، ها هي سوريا الدولة القوية أرض الرخاء والعزة والكرامة أصبحت لقمة سائغة في فم الأعداء .. إن ما يحدث في سوريا أشبه بكابوس لم يكن أحد يتخيل منذ عدة سنوات أن يصبح واقعا أليما نعيشه .. أهذه هي الديمقراطية المنشودة ؟ هل يعقل أن أناسا يضيعون وطنهم ويشردون شعبه من أجل السلطة ، مهما كان الحاكم ظالما ؟ وهل كان وجود بشار الأسد رغم كل سطوته أسوأ مما وصل إليه الحال الآن ؟ وها هو لايزال هناك ولم يتخل عن السلطة ، والنتيجة الوحيدة هي خراب البلاد وتشتت العباد . والسؤال المطروح الآن هو هل يا ترى كان في اختفاء الحاكم من الصورة حل للأزمة وانتهاؤها ؟ الإجابة هنا (ليبيا ) فهي نموذجا مشابها في الإطاحة برئيس أردنا جميعا أن تصبح ليبيا بدونه، وساعد حينها من يطلق عليهم ( المعارضين !) القوات الخارجية والغرب فيما أرادوا إقناعنا أنه ( التخلص من الحاكم الظالم ) وفي حقيقة الأمر كان نهب خيرات البلاد وتقسيمها هو الهدف الأساسي وها قد كان . لا ننكر أن سطوة بعض الحكام وتجبرهم كان سببا رئيسيا في رغبة الشعوب في التخلص منهم ، ولكن لا أستطيع استيعاب فكرة أن يضيع أناس وطنهم من أجل التخلص من حاكم ، فيصبحون بلا حاكم ولا وطن ! ألم يفكر هؤلاء أين يستطيع المواطن ممارسة حقوقه الديمقراطية إن لم يمارسها على أرض وطن موحد ومستقر ؟ وما قيمة تلك الديمقراطية في حياة شعب تفرق في بقاع الأرض وأصبح أغلبه نازحا في المخيمات ؟ إن الحفاظ على الوطن وعلى وحدته وجيشه وشعبه هي الغاية الأسمى لأي إنسان وطني عاقل حتى وإن كان معارضا ، وكل يوم يتاكد لنا أن ما شاهدناه من سيناريوهات تتحدث عن الديمقراطية لدول كانت يوما ما قوية ، لم تكن إلا مخططا للتقسيم والفناء والاستيلاء على الثروات ، وأصبحت الصورة واضحة للجميع والهدف مفهوم لكل ذي عقل ، والعاقل من يتعلم الدرس ، فالخسارة تعلم المكسب . نسأل الله الفرج لأشقائنا في الدول المجاورة المكلومة ، ونسأله الأمن والأمان والسلامة من كل شر لمصر أرضا وجيشا وشعبا .. ونحمد الله الذي أنقذنا من مصير مشابه كان مرسوما بدقة ولكن لطف الله كان هو الأقرب ، وها هي مصر موحدة .. صامدة.. ملاذ لمن لا ملاذ له .