· عبدالغفار شكر: الاحتجاجات علي كل شكل ولون.. والمبادرات السياسية تراجعت هل تراجعت احتجاجات الشارع المصري؟ واين تلك المظاهرات الصاخبة والزخم الذي كان موجودا قبل بضع سنوات؟ لقد ظن الرأي العام في وقت من الأوقات أن تلك الاحتجاجات الوسيلة الوحيدة القادرة علي إجبار نظام الحكم علي اجراء اصلاحات حقيقية قبل فوات الأوان، وقيام ثورة شعبية لاتبقي ولاتذر! وتعاطف الكثيرون معها في مواجهة الاستبداد السياسي فما الذي جري لها؟ وأين الخلل الموجود بها؟ عبدالغفار شكر أحد القادة التاريخيين لليسار الوطني يقول ان احتجاجات الشارع أشكال وألوان، وفي رأيه أن المبادرات السياسية قد تراجعت بينما زادت الاحتجاجات الاجتماعية. ويشرح وجهة نظره قائلا: في ديسمبر سنة 2004م انطلقت حركة كفاية وبعدها شهدنا نشأة الجبهة الوطنية برئاسة عزيز صدقي- رحمه الله- ثم انطلقت حركة استقلال القضاء وكان واضحا خلال تلك الفترة أن هناك حراكا سياسي حقيقيا خاصة في مواجهة تعديلات الدستور إلا أنه حدث تراجع وفي مقابل ذلك تصاعدت الاحتجاجات الاجتماعية وتمثلت في اضرابات العمال بالعديد من مواقع الانتاج وحققت نجاحا ملحوظا عندما دخل موظفو الضرائب العقارية علي الخط ونجحوا في إنشاء أول نقابة مستقلة منذ أكثر من نصف قرن. سألته عن أسباب تراجع حركات الاحتجاجات السياسية فرد قائلا: مجتمعنا مش سياسي.. السياسة نزعت منه بعد قيام ثورة يوليو وقبلها كانت الجامعة معملا لتفريخ القادة وحاليا لايوجد وعي سياسي كاف بين الناس والقبضة البوليسية والإعلام الحكومي يلعبان دورا أساسيا في صرف الرأي العام عن المطالبة بإصلاحات حقيقية وأحزاب المعارضة لاتقوم بدورها وهي محاصرة في مقارها ولاتحاول الخروج منها وباختصار القوي السايسية مشلولة في الوقت الحالي. سألته: وهل يعني ذلك أنه لايوجد أمل في تغيير حقيقي قادم من الشارع؟ أجاب: الأمر مرتبط بزيادة الوعي بين الطبقات الساخطة والعمال المتمردين بأن مطالبهم لن تتحقق إلا بزيادة جرعة الحرية في البلد وهذا الأمر يحتاج إلي وقت حتي تتوحد الاصلاحات السياسية مع المطالب الاجتماعية.وفي عام 2008م كانت هناك مفاجأة في الشارع المصري.. ظهر علي «الفيس بوك» شباب 6 أبريل وارتبط بالاحتجاجات التي جرت بالمحلة وأخذ هؤلاء الشباب يدعون عبر الانترنت إلي التضامن مع العمال المحتجين ولأول مرة في عالمنا العربي كله رأينا من يدعو للانتفاضة الشعبية عبر المواقع الالكترونية والمدونات، مما لفت نظر الجميع لأهمية تلك الرسائل خاصة أجهزة الامن، فسارعت إلي مطاردة المدونين وظهر هؤلاء الشباب بعد ذلك في الشارع وكانت لهم عدة انشطة وتم اعتقال العديد منهم. أحمد الصياد- قيادي عمالي وله تاريخ حافل في التظاهرات والاحتجاجات الشعبية -يعترف بانحسارمؤقت لحركة الشارع والسبب في ذلك أن الاحتجاجات الاجتماعية التي اشتد عودها مؤخرا مازالت مطالبها جزئية وتهدف إلي تحقيق مكاسب فئوية لها فهي لا تفكر مثلا في اصلاحات سياسية لتحسين اوضاعها أما النخب السياسية فهي لم تستطع الالتحام بالجماهير والناس اللي تحت ولاتزال معزولة فإذا نجحت حركات التغيير في الجمع بين الاصلاحات السياسية والمطالب الاجتماعية فإن هذا سيكون نجاحا كبيرا للحركة الوطنية كلها. المحامية وفاء المصري من أبرز الناشطات في حزب الكرامة تحت التأسيس الذي يرأسه حمدين صباحي ومن قيادات حركة كفاية تري أن هناك أحداثا حركت الشارع السياسي قبل سنوات علي رأسها حرب العراق وحركة كفاية والتعديلات الدستورية وانتخابات رئاسة الجمهورية وحركة القضاة ولذلك رأينا في ذلك الوقت قوي سياسية مختلفة الاتجاهات شاركت في الاحتجاجات كالاخوان المسلمين وغيرهم لكن الاوضاع تغيرت حاليا، فقد نجحت الحكومة في شق صف القضاة وأحكمت القوي البوليسية قبضتها وتراجعت مساحة الحرية النسبية التي كانت موجودة والإخوان يفضلون العمل وحدهم وتراجعت الحركات السياسية مقابل تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية وما نشهده حاليا حيوية غيرمنظمة تفتقد مطالب عامة برغم أهمية تلك الاضرابات وتأثيرها علي قطاع واسع من الناس. وتري وفاء المصري أن النجاح له خلطة تتكون من عدة عناصر حتي يفرض الشارع الاصلاحات التي يريدها علي النظام المستبد الذي يحكمنا ومن أهم تلك المواصفات أن تكون أجندة التغيير مصرية خالصة ولذلك فإن شباب 6 أبريل يستحقون الاحترام كله عندما فصلوا من صفوفهم كل من حاول الاتصال بالخارج والنجاح كذلك مرتبط بقدرة الحركات الاجتماعية علي التنظيم النقابي والسياسي فيجب أن يكون هناك برنامج عام تتبناه قوي الاحتجاج والحركة الوطنية تشكو من عدم وجود جسر يربط قوي التغيير السياسي بالاحتجاجات الاجتماعية وهذا ما نحاول الآن أن نفعله ولعل ائتلاف المصريين من أجل التغير الذي نشأ مؤخرا خطوة في هذا الاتجاه مع ملاحظة أنه لايمكن لقوي بعينها وحدها أن تنجح في التغيير بل لابد من تضافر القوي الوطنية كلها، خاصة مع تردي الاوضاع وكل يوم أسوأ من اللي قبله ولابد من وضع نهاية لهذا الظلم والاستبداد الذي يحكمنا ولذلك تتضاعف مسئولية قوي التغيير الموجودة في الشارع المصري وصدق من قال «اشتدي يا أزمة تنفرجي».