إزالة 282 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بسوهاج خلال أيام العيد    صناع الخير عضو التحالف الوطني ينشر بهجة عيد الأضحى بين الأسر الأولى بالرعاية    زيلينسكي: بوتين لا يريد السلام بل الهزيمة الكاملة لأوكرانيا    الأهلي يتحرك ل ملعب تشيس ستاديوم استعدادا لمواجهة باتشوكا وديا    إقبال كبير للمواطنين على ممشى أهل مصر بنهاية ثالث أيام عيد الأضحى    فرج فودة.. القاتل الحقيقي!    أخبار مصر اليوم.. السيسي يصدق على تعديل قانوني مجلس النواب والشيوخ    خالد عيش: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع يعكس الالتزام بالمعايير الدولية    الباليه الوطنى الروسى على المسرح الكبير    طريقة عمل الريش البقري بالبطاطس، أكلة مميزة فى العيد    إصابة جندي إسرائيلي بجروح بالغة إثر تعرضه للقنص في حي الشجاعية بغزة    المجلس الوطني الفلسطيني: إسرائيل حوّلت غزة إلى مقبرة جماعية    لجنة تعاين حريق محل أخشاب بفيصل    إعلام عبري: جثة السنوار في قبضة إسرائيل    التعليم العالي تنشر حصاد العام المالي 2024/2025 للتصنيفات الدولية: ظهور لافت للجامعات    هويلوند يرد على تقارير رحيله عن مانشستر يونايتد    أكلات عيد الأضحى.. طرق تحضير الكوارع وأشهى الأطعمة    إحياء سبع آلاف سنة    فضيلة الإمام الأكبر    رونالدو يكشف: عملت مترجمًا ل ميسي!    في ثالث أيام العيد.. مدير معهد بحوث أمراض النباتات يتفقد محطة سدس    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    الخليفي: ديمبيلي يحافظ على الصلاة.. والتسجيل في إسبانيا أسهل من فرنسا    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    درة تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال احتفالا بالعيد والجمهور يعلق (صور)    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    بنسب إشغال تصل إلى 100% جولات مستمرة من الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    4 أبراج جريئة في التعاملات المالية.. عقلانيون يحبون المغامرة وخطواتهم مدروسة    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    أمين المجلس الأعلى للآثار يتفقد أعمال الحفائر بالأقصر    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    أسعار البيض بالأسواق في ثالث أيام عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة السودان
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 03 - 2017

قامت الشيخة موزا بنت ناصر، والدة أمير قطر، بزيارة مفاجئة إلى السودان ثم تونس، في زيارة لم تخلو من مظاهر الاستقبال الرسمي، حيث قدمت موزا مساعدات اقتصادية للبلدين.

المفاجئ هو عودة موزا للعمل الرسمي بشكل علني، للمرة الاولي منذ انقلاب الدوحة الصامت عام 2013- حينما ازاح الأمير تميم الترويكا القطرية الحاكمة، الأمير حمد بن خليفة آل ثاني والوالدة موزا وحمد بن جاسم رئيس الوزراء، بدعم أمريكي، وتفاصيل هذا الانقلاب واسبابه ليست خافية على أحد وذكرتها تفصيلياً في كتاب «أمريكا والربيع العربي»، (يناير2014).

مع ذلك كفل المال للمخاليع الثلاثة أن يظل لهم نفوذ داخل وخارج قطر، إلى أن رأينا موزا تزور شمال إفريقيا، خاصة أهرامات البجراوية شمالي السودان.

وللسودان أهمية خاصة في حسابات قطر، فالعلاقات القطرية الإيرانية كانت بوابة قطر الى السودان، وذلك لآن النظام الإسلامي الحاكم في السودان هو صناعة إيرانية قبل ان يكون صناعة وهابية – إخوانية، وان كانت وهابية أو إخوانية النظام لا تقف عائق أم طهران مثلما كانت العلاقات بين إيران وحركتي حماس والجهاد في قطاع غزة.

يمكن القول أن علاقة السودان بمصر هي ذاتها علاقة لبنان بسوريا، إذ مهما انفصلت الدولتين سوف تجد القرار السياسي في بيروت هو صدي لقرار سياسي في دمشق، مثلما هي الخرطوم صدي سياسي للقاهرة، ولكن المد الإسلامي نال من السودان بانقلاب البشير واعوانه على حكومة الأحزاب عام 1989، وتساهلت القاهرة في متابعة الملف السوداني إلى أن استيقظنا يومًا والرئيس عمر البشير يوقع اتفاقية ماشاكوس، ما يعني عملياً الموافقة على قطم جنوب السودان عن شماله.

السودان بدون الرعاية والتواصل مع مصر يصبح دولة سهل أن يؤثر بها دول إقليمية اخري، وقد تنافست السعودية لاحقاً في هذا الملف مع إيران، وفي عام 2013- حاولت قطر هيكلة السودان وتأهيلها من اجل ان تصبح «دبي النيل»، ورضخ الرئيس البشير للمطالب القطرية بتعيين نائب وتعديل دستوري والتنحي عن الترشح للحكم في انتخابات 2015- وكانت قطر تتحرك في هذا الملف انطلاقًا من رفع العقوبات عن السودان بوساطة قطرية ما يجعل السودان تفاحة تسقط في يد الدوحة.

عين البشير رفيقه الفريق بكري حسن صالح نائبًا أول في ديسمبر 2013- وهو عسكري إسلامي مثل زمرة العسكريين الذي صنعوا انقلاب 1989 السوداني، وكان عضواً بمجلس قيادة الثورة ثم تنقل بين المناصب، مديرًا للمخابرات السودانية ووزيرًا للداخلية ووزيرا للدفاع، ثم أصبح اليوم المرشح الأول لخلافة البشير، الذى عينه في مارس 2017 رئيسًا للوزراء.

وكان منصب رئيس الوزراء غير موجود في السودان قبل أن تسفر جلسات الحوار الوطني الأخيرة عن استحداثه بموافقة البرلمان في ديسمبر 2016- وكان يفترض ان يتوافق النظام مع المعارضة على شخص رئيس الوزراء إلا أن البشير فاجأ الجميع بتعيين نائبه الأول رئيساً للوزراء.

البشير الذي خدع قطر عام 2015- وترشح للرئاسة رغم وعوده للدوحة عام 2013 بالتنحي لصالح نائبه الأول من اجل عصر قطري جديد للسودان، ولا يزال على رأس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ولكن قطر ابتلعت مراوغة البشير لمعرفة الدوحة حقيقة ان الرجل مهما راوغ إلا أنه يعيش فصله السياسي الأخير.

عقب زيارة موزا، أعلن عن لجنة تضم كافة الجهات ذات الصلة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودي، وإخراج المصريين منها بالطرق الدبلوماسية على حد وصف الإعلام السوداني، ما يعني أن السودان سوف يلجأ للتحكيم الدولي.

أن طموحات قطر حيال السودان أكبر بكثير من مثلث حلايب وشلاتين، اذ تنظر الدوحة إلى قطاع الغاز والنفط السوداني، صحيح انفصال جنوب السودان سلب الخرطوم 75% من آباره النفطية إلا أن الصين وروسيا لهم الصوت الأعلى في الربع الباقي، واخراجهم من السودان مطلب أمريكي- أوروبي تسعي قطر لتنفيذه من أجل إرضاء الغرب، كما جرت العادة القطرية.

إلى جانب ذلك يمكن تأهيل سواحل السودان على البحر الأحمر لمنافسة منتجات سيناء المصرية، بالإضافة إلى الآثار «المصرية - السودانية»، التي يمكن في ظل إهمال القاهرة أن تسلب اهتمام السياحة العالمية بأثار مصر إلى السودان، وذلك على ضوء وقوع هضبة الأهرامات في الجيزة غنيمة في يد ميلشيات نزلة السمان وآثار الأقصر وأسوان غنيمة في يد الفساد والإهمال والدواعش العاملين في الآثار والسياحة.

مع الدفع برئيس جديد للسودان بترتيب قطري، تقوم قطر بتحرير السودان من العقوبات الدولية وتنمية البنية التحتية وجذب الاستثمارات الأجنبية.

ولكن هل تستطيع قطر فرملة رؤية الغرب لتقسيم السودان إلى جمهورية السودان الوسطى وتضم ولايات جنوب جمهورية السودان، والسودان الغربي وتضم ولايات دارفور والسودان الشرقي وتضم بورسودان وجمهورية النوبة شمالاً، حيث يرى الغرب أن السودان يجب ان يصبح ولاية الخرطوم وبعض المدن المجاورة فحسب.

أم تساهم قطر في هذه اللعبة على أن تصبح جميع الجمهوريات السودانية الجديدة موالية لها، تجذب الاستثمار في جمهورية وتدس الفوضى على ضفاف النيل في جمهورية آخري من أجل امتداد تلك الفوضى إلى حصة مصر من مياه النيل؟

والسودان هو معبر إيران الأول للسلاح إلى سيناء المصرية وغزة الفلسطينية وتعتبر منطقة حلايب وشلاتين تحديدًا من أهم نقاط خط سير تهريب للسلاح والمخدرات من شمال وشرق السودان إلى الصعيد وسيناء ثم إلى غزة، وتفاصيل دور حلايب وشلاتين في خط سير قوافل المخدرات والسلاح معروف وسبق نشره في كتاب ربيع القومية المصرية (2015).

وفى يناير 2009- و في الساعات الأخيرة من عصر الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن اتفقت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مع نظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني على حق إسرائيل ومسئولية أمريكا على قصف قوافل السلاح التي تؤثر على امن إسرائيل في اى مكان في العالم ما أدى إلى غارة أمريكية على السودان عام 2009 في الأيام الأول من حكم الرئيس باراك أوباما، وهي غارة حققت في تفاصيلها عبر كتاب الحرب السرية (2012)، وقد تعددت لاحقًا الغارات الأمريكية والإسرائيلية على السودان تحت ستار الطائرات المجهولة، رغم انه في مصلحة أمريكا وإسرائيل أن يتدفق السلاح إلى سيناء ولكن ليس بأيدي ونفوذ إيراني.

والسودان لاعب مهم في الملعب الليبي شريطة أن يتم إعادة تأهيله ويجد من يدعمه سياسيًا ودبلوماسيا واقتصاديا، وقطر لن تنسي ان مصر هي من أخرجت الميلشيات الليبية الموالية للدوحة من الهلال النفطي الليبي مرتين حتى الآن وتسعي لاستعادة الغنيمة الليبية وطرد النفوذ المصري من شرق ليبيا.

وزير الخارجية الليبي الأسبق عبد الرحمن شلقمقال في كتابه «نهاية القذافي»، أن مسؤولين من قطر ابلغه عقب انحيازه لما يسمي إعلاميًا ثورة 17 فبراير أنه عقب سقوط بن على في تونس ومبارك في مصر رأى أمير قطر الشيخ حمد، أنه لو سقطت ليبيا سوف تصبح شمال إفريقيا من شرق مصر إلى غرب تونس مرورا بليبيا ولايات إسلامية إخوانية، وأنه يمكن أن يعلن نفسه خليفة للمسلمين وأن تكون تلك الولايات الثلاثة هم ولايات الخلافة القطرية، علمًا بأن شلقم من أهم المصادر التي يعتد بها لمعرفة كواليس هذه المرحلة على ضوء انشقاقه عن نظام القذافي.

وبعيدًا عن الحلم القطري في السيطرة على شمال إفريقيا، فأن الهدف الجديد لشبكات المصالح الغربية المتآمرة على المنطقة هو إعلان تنظيم ولاية الصعيد على غرار تنظيم ولاية سيناء، وهو هدف قديم لتنظيم القاعدة ولاحقًا تنظيم داعش والغرض منه هو تنظيم حملات تهجير للمسيحين في الصعيد على غرار ما جرى في العريش، ولكن الجديد اليوم هو تركيز المؤامرة على هذا المحور تحديداً لفتح جبهة جديدة تستنزف مصر سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

وسبق للجيش المصري أن نفذ أكثر من عملية في الصعيد منذ ثورة 30 يونيو 2013 لضرب خلايا جهادية.

والسودان هو نقطة تدفق تجارة السلاح غير المشروعة في الصعيد، ولكن الفترة المقبلة لن يدير هذه اللعبة عقول إجرامية بل استخباراتية في محاولة لترويع أهل الصعيد وتوليد حالة من الراي العام الصعيدي المؤيد لقيام دولة قبطية في الجنوب ولو بشكل فيدرالي، كما هو مخطط للمسيحين والكرد في سوريا، وذلك وفقًا لما يتوهم أنصار المؤامرة.

هكذا تعود موزا من بوابة السودان إلى العمل السياسي العلني مرة آخري، بحزمة مخططات حول السودان، لاستخدامه في بث الفوضى في جنوب مصر عبر إنشاء تنظيم ولاية الصعيد، والتدخل السوداني في ليبيا منافسة للتدخل المصري.

واستمرار تدفق السلاح من السودان عبر حلايب وشلاتين إلى دواعش سيناء برعاية إيرانية ودعم قطري، وبدء لعبة جديدة بحق نهر النيل على ضفاف انهار السودان بعد ما جرى على ضفاف انهار اثيوبيا، وإعادة هيكلة السودان بأسقاط العقوبات الدولية وتصعيد جيل جديدة من العسكريين الإسلاميين، وآثارة ورقة حلايب وشلاتين لتفخيخ العلاقات المصرية السودانية.

ولا مشكلة للدوحة ان تم التقسيم لان قطر وإيران سوف تتقاسمان النفوذ في جمهوريات السودان إلى أن تنتبه مصر والسعودية تحديدًا لمخاطر ما يجري بحق الدولتين في هذه المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.