أظهر ارتفاع حدة العمليات الانتحارية التي ينفذها تنظيم داعش ضد القوات العسكرية والمدنيين في بؤر تمركزه تحول التنظيم الإرهابي إلى مصدر للانتحاريين، عبر تطويره استراتيجيات «مناكفة الأنظمة» وشن الهجمات بإتقان ودقة. وكان آخر العمليات الانتحارية الأكثر دموية، والتي تبناها التنظيم في منطقة ريف حلب الشمالي والقريبة من مدينة «الباب» - معقل التنظيم سابقًا-، آخر الشهر الماضي، أسفرت عن سقوط ما يزيد على 80 مدنيًا وإصابة العشرات. بدأ التنظيم الإرهابي في استخدام تلك الاستراتيجية منذ بدء انضمام الأجانب إلى صفوفه، وخاصة القادمين من الدول الخليجية، واستخدم التنظيم هذا التكتيك ضد العمليات العسكرية ضده في العراق، وتسببت في وقوع خسائر بشرية كبيرة في القوات المناهضة له. وبحسب مراكز بحثية، فإن الآليات التي استخدمها التنظيم تخبر عن إعداد كتائب نخبوية وفق منظومة خاصة يتمكنون من خلالها اختراق الخطوط الدفاعية للقوات العسكرية، وتعتمد بشكل متقن على «فن التفجير»، من خلال تطوير المتفجرات والمفخخات وتأهيل أجيال الانتحاريين. نسب العمليات في دراسة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب، كشفت أن 62.5% من العمليات الانتحارية ارتكبها التنظيم في العراق، تزايدت حدتها مع بدء معركة الموصل، وأن 24.2% في سوريا، و5.3% بالحدود المتاخمة بين الدولتين، أما في ليبيا نُفذت 3.8% واليمن 1.7%، و1.7% بمنطقة «خراسان»، و0.7% في بنجلادش، بينما شهدت مصر 0.1% من العمليات الانتحارية، في الفترة من ديسمبر 2015 إلى ذات الشهر 2016. دول المنفذيين احتل دواعش دولة «طاجكيستان» المركز الأول من منفذي العمليات، تلاهم المغاربة والسعوديين بنسبة 17% لكلًا منهما، وجاء في المرتبة الثالثة «تونس» بنسبة 14%، تلاهم الروسيين ب 13%، والمصريين 11%، والفلسطينيين 9%، ثم دواعش إيران والصين بنسبة 7%، ثم ليبيا ب4%، وأخيرًا الجزائريين والفرنسيين والبريطانيين والأفغان واليمنيين والهنود والألمان بنسبة 2%. وخلصت الدراسة إلى أن 20% من منفذي الهجمات الانتحارية «أجانب»، أي لا ينحدرون من سورياوالعراق، حيث قُدّر عددهم 186 انتحاريًا، في حين نفذ الانتحاريون من العراق 182 عملية بنسبة 77%، في مقابل 104 عمليات انتحارية نفذها السوريون، بنسبة 65%. مصانع الانغماسيين ونشرت مواقع أجنبية أن تنظيم داعش المتطرف نفذ حوالي 923 عملية انتحارية، داخل حدود بؤر تواجده في سورياوالعراق وليبيا وأفغانستان ونيجيريا، بواقع ألف عنصر من مقاتليه تلقوا تعليمات وإعداد لعدة أشهر في معسكرات «الانغماسيين» التي أنشأها التنظيم بداية نشأته في سورياوالعراق وليبيا؛ حتى يشنوا عمليات انتحارية حول العالم. وأضافت أن «تنظيم داعش تمكن من عسكرة الانتحار بطريقة أكثر فاعلية واستدامة، أكثر من أي جهة أخرى، وأنه في الآونة الأخيرة لجأ إلى «الانتحار الدفاعي»؛ للتخفيف من حدة الخسائر التي يتعرض لها. «الانغماسيون» فصائل انتحارية مدربة على أعلى مستوى مهمتهم تنفيذ عمليات إرهابية في الحصون والمدرعات العسكرية بهدف إحداث فراغات أمنية وقتل أكبر عدد من الضحايا البشرية. كما أنهم يستخدمون في بعض الحالات السيارات المفخخة، التي يمكن تفجيرها عن بعد، والمهمات الرئيسة لهؤلاء تتمثل في الاستيلاء على مواقع العدو المهمة، وأسر قادته وتدمير آلياته العسكرية، ويخطَّط لهذه العمليات مسبقا. حرب الانتحار في تقرير نشره المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، أسماه «حرب الانتحار»، قال إن 84% من الهجمات الانتحارية التي نفذها داعش استهدفت القوات العسكرية، على عكس استراتيجيات تنظيم القاعدة التي تستهدف المدنيين بدرجة أولى. وتابع أن ما يناهز 70% من الهجمات الانتحارية، نفذها داعش بواسطة شاحنات مختلفة، والتي تجهز لضم أكبر عدد ممكن من الأجسام المعدنية والمسامير، من أجل خدمة الهدف النهائي المتمثل في مضاعفة حجم الانفجار وعدد القتلى، على حد السواء.