تحية كاريوكا.. راقصة أوقعت في شباكها 14 رجلا (بروفايل)‎

تتمايل يمينًا ويسارًا على أصوات الموسيقى الشرقية، تعلو الموسيقى فيتمرد جسدها معلنًا ثورته على جميع ما حوله، بليونة جسد ورشاقة وخفة ظل تداعب بجسدها أنغام الموسيقى لتخضع لها، وفي حالة اندماج تامة، تغازل الحاضرين بعينين جميلتين ليدخل السرور قلوبهم دون عناء، هكذا يبدو المشهد حين تقرر تحية كاريوكا الرقص، فهي التي رفضت إدخال الطابع الغربي على رقصها وفضلت أن يُصبح شرقيًا خالصًا، وكأن الحس الوطني وحبها لوطنها امتزج بعملها وموهبتها.
اسمها الحقيقي بدوية محمد علي النيداني، ولدت في 22 فبراير في عام 1919، بدأت الرقص في سن صغير حتى اكتشفتها محاسن محمد، ومن ثم تعرفت على بديعة مصابني، التي جعلتها تنخرط بالسينما والمسرح، نُسب إليها اسم كاريوكا نظرًا لقدرها على تأدية الرقصة المكسيكية «كاريوكا»، والتي أدتها عام 1940 في أحد عروض سليمان نجيب.
تزوجت تحية كاريوكا 14 مرة، وأصبحت صاحبة الرقم القياسي في عدد الزيجات بين الفنانات، تزوجت للمرة الأولى من أنطوان عيسى ابن شقيقة كبيرة راقصات الزمن الماضي بديعة مصابني عام 1939 وانفصلا في عام 1940، وفي العام نفسه تزوجت من أكبر أثرياء مصر في ذلك الوقت محمد سلطان باشا لستة أشهر، ثم انفصلت عنه عندما طلب منها التخلي عن الرقص.
أما الزيجة الثالثة، كانت من الضابط الأمريكي ليفي الذي أشهر إسلامه، واصطحبها إلى الولايات المتحدة، إلا أنها ما لبثت أن انفصلت عنه، لتعقبها الزيجة الرابعة من المخرج فطين عبد الوهاب إلا أنهما انفصلا بسبب غيرة الزوج الشديدة، من بعده تزوجت الفنان أحمد سالم الذي انفصل عن زوجته أمينة البارودي من أجل الزواج من تحية التي أحبته بجنون، وسافرت معه في رحلة إلى فلسطين قبل قيام الدولة العبرية، وهناك ترددت شائعات قوية عن وجود علاقة بين أحمد سالم وأسمهان، فانفصلت كاريوكا عنه قبل العودة إلى القاهرة.
وكانت الزيجة السادسة، من طيار الملك فاروق الخاص حسين عاكف ولكنهما انفصلا بعد شهرين فقط، بعدما ظهر رشدي أباظة في حياتها، تزوجته وسافرت معه إلى لبنان وهناك ضبطته في أحد ملاهي شارع الحمراء المعروف في وضع حميم مع الفرنسية آني بارينه ومن دون مقدمات أو مراعاة لأي قواعد أو أصول، جرّت المرأة الفرنسية من شعرها وضربتها بقسوة وطلبت منه الطلاق في الليلة نفسها.
بعد طلاقها من رشدي أباظة وبعد إنهاء أشهر العدة تزوجت من أحد ضباط الملك البكباشي (المقدم) مصطفى كمال صدقي الذي اعتقل بعد قيام ثورة 1952 فانفصلت عنه، ثم ارتبطت بالشاب عبد المنعم الخادم وكان مشهورًا بوسامته وثرائه وتهافت النساء عليه واستمرت على ذمته خمس سنوات ما شكل أطول زيجة لها حتى ذلك الوقت ولكنها انفصلت عنه عندما بدأ بدوره مطالبتها باعتزال الرقص وكان ذلك عام 1956.
ثم التقت البكباشي طبيب حسن حسين وتزوجته لكنها انفصلت عنه عندما علمت أن هناك علاقة بينه وبين المطربة اللبنانية الصاعدة وقتئذٍ صباح، ومن شدة حبها وصدمتها بزوجها ابتلعت كمية كبيرة من الحبوب بقصد الانتحار وتم إنقاذها بصعوبة، حين التقت المطرب الشاب الصاعد محرم فؤاد فتزوجته في منتصف العام المذكور، وانفصلت عنه قبل أن تنهي السنة، أما زوجها الثاني عشر، فكان أحمد ذو الفقار صبري الذي تزوجته لعام.
وكان زوجها الثالث عشر الكاتب المسرحي الراحل فايز حلاوة وبقيت معه 18 سنة وانتهى زواجهما بمشاكل وخلافات وصلت إلى القضاء، بعدها تزوجت من المخرج حسن عبد السلام حتى وفاتها.
وفي عام 1935 اشتركت كاريوكا في أول فيلم سينمائي، وهو فيلم «دكتور فرحات» مع المخرج توجو مزراحي الذي جعلها ممثلة وراقصة في فيلم «الستات في خطر»، وكانت تتقن الفرنسية والانجليزية، وكادت في عام 1967 أن تشارك في فيلم من إنتاج هوليود لولا نشوب الحرب آنذاك، وحال ذلك دون اتمامها لتلك الخطوة المهمة التي كانت من الممكن أن تغير مجرى حياتها الفنية.
وصل رصيدها في الأفلام أكثر من 300 فيلم، واعتبرها المؤرخون من علامات السينما العربية، ومن أهم هذه الأفلام «رنة الخلخال» و«ابن للايجار» و«شباب امرأة» و«لعبة الست» و«كيدهن عظيم» و«مين يقدر على عزيزة» و«درب العوالم» و«ليلة ممطرة» و«أجنحة الصحراء» و«حبيب قلبي»... وكان آخرها «سوق النساء» و«يا تحب يا تقب» العام 1994.
واعتزلت كاريوكا الرقص في منتصف الخمسينيات، وتفرغت بشكل تام للسينما، ووصلت في تمثيلها إلى منافسة أسماء نجمات كبار آنذاك، حتى أنها جسدت دور البطولة في فيلم «أم العروسة».
وفي آخر سنوات حياتها، حولت كاريوكا نشاطها إلى العمل الخيري، فأقامت موائد الرحمن وتبنت طفلة صغيرة تولت تربيتها لاحقًا الفنانة فيفي عبده، إلا أنها ماتت فقيرة بعد أن فقدت نصف ثروتها، توفت في 21 سبتمبر عام 1999 عن عمر ناهز 79 عامًا.