أن يتهم تقرير رقابى رسمى جهة رسمية بالتواطؤ فى إهدار المال العام ونهب أراضى الدولة دون أن يحرك مسئول أو حكومة ساكنا لوقف هذا التخريب ومحاسبة المتواطئين، فأنت فى واحدة من جمهوريات الموز التى فقدت كل الدلائل على أنها تعيش عصر الدولة. نهاية ديسمبر الماضى وتحديدا فى 14 ديسمبر صدر تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات باتهامات صارخة فاضحة لا لبس فيها لهيئة المجتمعات العمرانية ومسئولى وزارة الاسكان بالتواطؤ فى تسهيل استيلاء جهات ورجال أعمال وشركات وافراد على مساحات شاسعة من أراضى الدولة فى المدن الجديدة.. فى 6 أكتوبر والعبور والسادات والقاهرة الجديدة والشيخ زايد وأسيوط الجديدة والمنيا الجديدة وطيبة وغيرها. ■ الاستيلاء على 50 فدانا مخصصة لمستشفى منذ 21 عاما ومنحها مجانا ل«الأهرام» ■ «النجار» يستغل الأرض فى مشروع جامعة إيطالية لتعويض خسائر المؤسسة بالعملة الصعبة وحصر التقرير خسائر عمليات النهب والتربح فى رقم مفزع وقال إن هذه العمليات المشبوهة التى جرت على 412 الفا و268 فدانا بنسبة 36.5% من الاراضى التابعة للهيئة ضيعت على خزانة الدولة 2.3 تريليون جنيه دفعة واحدة! وفى الوقت الذى يطلق اكبر جهاز رقابى على اموال الدولة والشعب فى مصر هذه الصرخة، تحاول الحكومة ووزير الإسكان مصطفى مدبولى القادم مباشرة من حاشية المخلوع مبارك العودة الى الحيل القديمة لاستغفال الرأى العام وكبت الغضب..ملوحا بحملة إزالة تعديات اعلامية، بدأت هذه المرة فى مدينة السادات لإزالة تعديات على 17 الف فدان كاملة، قبل أن تتوقف فى اليوم التالى مراعاة لخاطر حيتان الفساد والإفساد الذين يسيطرون ويديرون مافيا خطيرة لنهب اراضى الدولة وثروة مصر، ولولا غضب العاملين فى جهاز السادات واعتصامهم وبجاحة قرار الوزير بوقف الإزالة، لما عادت الجرافات الحكومية لاستئناف إزالة التعديات على استحياء قبل ساعات..تماما كما حدث فى 6 اكتوبر بعد قرار سحب 17 ألف فدان من اراضى الدولة من شركة 6 اكتوبر لاستصلاح الاراضى والذى توقف بعد سحب 3 آلاف فدان فقط، وسط حملة تشويه وتشهير واسعة بالقرار الذى اتخذه رئيس جهاز اكتوبر على مسئوليته الشخصية. وفى واقعة اخرى شديدة التأكيد على العبث المنظم بثروة مصر العقارية، وافق مسئولو هيئة المجتمعات العمرانية على سحب 18 الف متر مربع مخصصة لصالح إنشاء مجمع مدارس يخدم المواطنين فى الشيخ زايد، وتقسيمه الى 16قطعة وتغيير غرض التخصيص لانشاء مجمعات سكنية وكومبوند، فى أواخر عهد مبارك، وتوزيعها على اصحاب الوجاهة، حيث جرى منح حبيب العادلى منها قطعتين والفنان محمود عبد العزيز 5 قطع كبيرة وضاع على الدولة نحو 43 مليون جنيه بجرة قلم. وفى مفاجأة بالمستندات فيما يتعلق بالتعديات على ارض مدينة السادات، التى تتعثر الحكومة وتحبو فى إزالة التعديات عليها، ننشر مذكرة الى وزير الاسكان فى مايو 2011 تكشف عمليات التلاعب التى جرت على هذه الارض بمساعدة مسئولين كبار، بينهم المهندس هشام فاضل رئيس الادارة المركزية للملكية والتصرف ورئيس اللجنة العليا لتثمين اراضى الدولة سابقا، والذراع اليمنى لوزير زراعة مبارك يوسف والى، وهو المسئول عن إبرام صفقات مشبوهة مع مافيا الاراضى، وذلك عن طريق قبول طلبات تخصيص اراض فى الظهير الصحراوى من تلك التى تخضع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، رغم بعدها عن ولاية هيئة تنمية المشروعات الزراعية، ومن ذلك طلب جمال عبد العزيز وآخرين المزكى من هيام عامر عضو مجلس الشعب السابقة لتخصيص 2400 فدان والتى أشر ايمن المعداوى القائم بأعمال المدير التنفيذى للهيئة وقتها بخروجها عن ولاية الهيئة ودخولها فى كردون مدينة السادات. وتبدأ قصة التعديات على اراضى الدولة فى مدينة السادات بصدور القرار رقم 381 لسنة 2011 بإزالة جميع التعديات الواقعة فى حدود ولاية جهاز المدينة، وبتاريخ 1 فبراير الجارى بدأ الجهاز مع شرطة المرافق فى إزالة التعديات تحت حماية قوة من مديرية امن المنوفية بقيادة اللواء ممتاز فهمى، بعد ستة اشهر من اجتماع جرى فى مديرية الامن فى شبين الكون حضره مسئولو شرطة التعمير وجهاز مدينة السادات لمحاولة تغيير القرار 381، بدعوى انه صار قديما ويجب تحديثه حتى لا يعود عليهم احد بالتعويض، لكن المحاولة لاقت معارضة شديدة من مسئولى الجهاز، لكن المستشار القانونى لوزير الاسكان أفتى بأن المتعدين سيحق لهم طلب التعويض لتعطيل حملة الازالة، لوجود قضايا فى مجلس الدولة ضد القرار 381، علما بأن مجلس الدولة رفض إلغاء القرار الذى اصبح محصنا قانونا فى 1 فبراير. الطريف أن مدير الامن والمحافظ احمد شيرين ورئيس الوحدة المحلية حضروا فى استعراض كبير امام كاميرات الصحف والقنوات عند الشروع فى حملة الازالة واخذوا يلتقطون الصور ثم انصرفوا ولم يدخل منهم احد الارض نهائيا. وكان من المفارقات ان تبدأ الحملة فى ارض خلف ماستر السياحى المملوك لاسماعيل ثابت على طريق البريجات امام شركة هاز جروب المملوكة لرجل الاعمال والحوت الكبير أشرف فرج.. وما إن بدأت الحملة بإزالة 27 بئر مياه حفرها المعتدون والتوغل فى مساحة 12 الف فدان بواسطة معدات الجهاز معدات اخرى مؤجرة، واقتربت الازالة من مزرعة العقيد عصام الجارحى الضابط بقسم شرطة الشيخ زايد حتى خرج الضابط متزعما مجموعة وهتفوا ضد الجهاز والشرطة وتجمهروا لتطلق الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، فيتوجه الضابط الى القسم مدعيا اصابته وحرر محضرا بعد استدعاء سيارة اسعاف حملته الى مستشفى وادى النطرون..رغم ان الضابط اغتضب 2000 فدان ووقف صارخا فى الجميع «انا معايا ناس كبيرة اوى ومش لوحدى وغصب عنكم هتوقفوا الازالة» وهو ما كان فعلا فى ختام اليوم الاول. وفى واقعة اخرى اكثر فجاجة عن فساد مافيا الاراضى فى مدينة السادات فقد تم الغاء تخصيص 50 فدانا منذ 21 عاما لإقامة مستشفى ومركز لعلاج الإدمان، والذى لم يتم إنشاؤه منذ عام 1994، ومنح الارض فجأة لمؤسسة الاهرام الصحفية، التى سعت لاقامة جامعة إيطالية، وقد وقع محافظ المنوفية بسرعة شديدة بروتوكول تعاون مع «الأهرام» لبناء الجامعة ودعا ابراهيم محلب رئيس الوزراء لوضع حجر الأساس دون انتظار الموافقة على طلب تخصيص الأرض، بل ان هيئة المجتمعات العمرانية رفضت تخصيص أرض «الجامعة الإيطالية» للاهرام فى نفس اليوم الذى ذهب فيه «محلب» شخصيا لوضع حجر الأساس مجاملة لرئيس مجلس ادارة الأهرام احمد السيد النجار الذى صدعنا طويلا بكلامه عن تفكيك الفساد، ولاندرى ماعلاقة مشروع استثمارى لانشاء جامعة خاصة ضمن سلسلة جامعات «الالمانية والايطالية والكندية» بمؤسسة صحفية، فضلا عن سر علم المؤسسة المفاجئ بوجود تلك الارض المخصصة منذ 21 عاما لأغراض خدمة عامة، وسرعة استيلائها على الارض بموافقة المحافظ الطامع فى رئاسة الجامعة بعد خروجه من المنصب، ومباركة رئيس الوزراء شخصيا. وقد وضع المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، حجر الأساس لجامعة الأهرام الإيطالية على مساحة 50 فدانا، بمدينة السادات، فى 24 ديسمبر الماضى، فى محفل كبير بمشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، والدكتور أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام والدكتور أحمد شرين فوزي، محافظ المنوفية واللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية والدكتور عادل عدوي، وزير الصحة، وذلك على الرغم من رفض وزارة الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تخصيص قطعة الأرض التى ستقام عليها الجامعة، وإخطار المهندسة راندة المنشاوي، وكيل أول الوزارة والمشرفة على مكتب وزير الإسكان، بالرفض، قبل توجههم لوضع حجر الأساس بيوم. مع العلم ان «الأرض التى توجه إليها رئيس الوزراء لوضع حجر أساس جامعة الأهرام الإيطالية بها، كانت مخصصة لبناء مركز لعلاج الإدمان منذ عام 1994، وذلك بمنحة ألمانية، ولكن لم يتم البدء فى أى أعمال منذ تاريخ التخصيص». وطلب الدكتور أحمد شيرين محافظ المنوفية، فى خطاب بتاريخ 30 نوفمبر 2014، وجهه لوزير الإسكان تحويل تخصيص قطعة الأرض التى تبلغ 50 فدانا، التى كانت مخصصة من قبل لإقامة مركز لعلاج الإدمان بناء على عرض قدمته جمعية ألمانية، لمحافظة المنوفية، وتم استلام الأرض من جهاز التعمير عام 1994، ولم تفى الجمعية بالتزامها نحو إنشاء المركز، إلى إنشاء الجامعة الإيطالية، حيث استطاع أن يحصل على منحة إيطالية بواسطة مؤسسة الأهرام لإنشاء الجامعة بجانب مركز الإدمان، ومدينة جامعية ومدينة رياضية متكاملة. ولم ينتظر محافظ المنوفية شقيق زوج ابنة كمال الجنزورى رئيس الوزراء الاسبق رد وزير الإسكان ووقع بروتوكولاً مع الدكتور أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام لإنشاء أول جامعة إيطالية تقام على أرض مصر بمدينة السادات بمحافظة المنوفية على مساحة ال50 فدانا التى لم تتم الموافقة على تحويل تخصيصها لهذا الغرض، ودعا رئيس الوزراء لوضع حجر أساس الجامعة. وفى 23 من ديسمبر الماضى وقبل توجه رئيس الوزراء برفقة محافظ المنوفية ووزير الإسكان، بيوم واحد، لوضع حجر الأساس للجامعة، رفضت هيئة المجتمعات طلب المحافظ وأرسلت خطابا إلى المهندسة راندة المنشاوي، وكيل أول الوزارة والمشرفة على مكتب الوزير، وقع عليه المهندس أمين عبد المنعم، نائب رئيس لهيئة لقطاع تخطيط المشروعات يفيد برفض طلب محافظ المنوفية، والالتزام بالنشاط المخصص من أجله قطعة الأرض. وهنا تتوارد مئات الاسئلة لحل لغز عملية تربيح واضحة مكشوفة اطرافها محافظ ووزير ورئيس مؤسسة صحفية طالما نادى بتطهير مصر من الفساد. وأول سؤال: من أبلغ رئيس الاهرام بوجود تلك الارض الخالية منذ 21 عاما؟ لماذا لم يتم سحب الارض طوال هذه المدة رغم عدم الانتفاع بها فى الغرض المخصصة له؟ ما علاقة مؤسسة صحفية بمشروعات التعليم العالى وسلاسل الجامعات الأجنبية التى تزيد أزمة التعليم فى مصر من أجل حصد الارباح بالعملة الصعبة؟ لماذا لم تتم اعادة الارض لولاية جهاز مدينة السادات ووزارة الاسكان لطرحها فى مزايدة رسمية؟ كيف تحصل مؤسسة فى مشروع استثمارى يهدف للربح على ارض دولة دون مقابل؟ ما سر اهتمام رئيس الوزراء شخصيا بافتتاح مشروع خاص فى ظل الأزمة الحالية التى تمر بها البلاد على مستويات عديدة الى حد حضوره وضع حجر الاساس؟ من وراء منح الاهرام التى تعانى من ضربات فساد اوصلت عددا من قياداتها الى ساحات النيابة والمحاكم هذه الكعكة المجانية؟ إننا أمام واقعة فجة ومثال صارخ على التلاعب بثروات مصر العقارية واستمرار توزيع اراضى الدولة على المحاسيب واهل الحظوة وشركاء البيزنس والسلطة..نهديها لمن يتبجحون ليل نهار بأنهم يشهرون الاسلحة فى وجه مافيا الاراضى وانهم جاهزون لاسترداد ما نهبوه، بينما يمارسون نفس الاعيبهم فى النظام السابق فى استنزاف مصر.