سكن الهلع قلوب اقباط مصر الذين رحل راعيهم و تركهم في لحظات حرجة من تاريخ الوطن في حالة شد وجذ وانسحاب وتصارع حول تأسيسية الدستور.شعروا انهم في خطر وأنهم مواطنون درجة عاشرة ورغم تطمينات المجلس العسكري التي ظهرت في بيانه الاخير اهمها ما جاء في بياناته الاخير اذ قال:" إن مصر هي للمصريين جميعاً منذ آلاف السنين، لم ولن يتم تخصيصها لأحد، خصها الله سبحانه وتعالي بالأمن والأمان، وحكمة وعقل أبناء شعبها، كما أهداها ومنذ نشأتها جيشها القوي الذي يحافظ عليها وعلي ترابها من أعدائها، أو من أبنائها إذا لزم الأمر" إلا أن الخوف لم تهدأ عواصفه. اذ تعاملت جماعة الإخوان المسلمين وحزبا الحرية والعدالة والنور بريبة وتعال تجاه كل دعوات التوافق الوطني، فلم ينظرا إلي الثورة إلا بوصفها فرصة للقفز علي السلطة أو غنيمة يجب مشاركة المجلس العسكري فيها، وأظهرت كل ممارساتهما السياسية عدائهما العميق لكل القوي الديمقراطية الصاعدة ، ولم يتخذا أية مواقف حاسمة تجاه عصابات الداخلية التي قتلت العشرات من شباب الثورة بدم بارد.. وبالرغم من ذلك لم يتورعوا عن اختطاف ليس فقط البرلمان و الدستور وإنما يحاولون اختطاف مصر باكملها . أصدر المجلس الملي العام بيانا كان في ظاهره رأي المجلس الملي باعتباره مجموعة من العلمانيين المسيحيين المرتبطين بالمجمع المقدس لكنه في باطنه يحمل رأي الكنيسة القبطية الارثوذكسية التي لم يتم تمثيلها بل تم تجاهل الاقتراح بترشيح الانبا موسي اسقف الشباب في لجنة المائة.. اختلف البعض حول البيان اذ اكد القس فيلوباتير جميل قائد حركة "ماسبيرو أن البيان غير كاف قائلا:" كان يجب علي الكنيسة اتخاذ موقف اكثر حسما كانسحاب الافراد الذين يمثلون الكنيسة داخل اللجنة.. اذ تعودنا بقيادة قداسة البابا شنودة علي مواقف واضحة في مواجهة الامور الحساسة، ولن انسي موقف قداسته في عام 77 حينما حاول السادات الاتجاه لتطبيق الشريعة الاسلامية.. فأعلن علي الجميع صوما جماعيا.. في رسالة مفادها "يجب ان تظل مصر دولة مدنية ". " ثم تساءل فيلوباتيرفي حيرة:" كل الناس انسحبت ماعدا ممثلي الكنيسة والاخوان والسلفيين.. الوقت الآن وقت مواقف و ليس بيانات "و دعي القس فيلوباتير من يقولون إنهم ممثلو الكنيسة للانسحاب خاصة ان البيان يؤكد الرفض لكن استمرار وجود الافراد في اللجنة مع خروج البيان امر متناقض يؤكد العكس ورغم اختلاف الطوائف إلا ان الدكتور ايهاب الخراط عضو مجلس الشوري و شيخ عضو مجلس ادارة كنيسة منتخب بالكنيسة الانجيلية بقصر الدبارة ..اختلف مع القس فيلوباتير في الرؤية موضحا ان البيان في منتهي القوة و ما يثلج الصدر فيه انه تحدث عن كل الاطياف و ليس الاقباط فقط.. والكنيسة اصلا لم تمثل بأي عضو برغم وجود قادة دينيين اسلاميين بلجنة المائة.. اما المستشار نبيل ميرهم و المحامي مجدي شنودي ليسوا ممثلين عن الكنيسة لكنهم قانونيون. ورغم اقتراح الاعضاء المشاركين بالتأسيسية ضم اربعة من القادة الدينيين الاسلاميين 3 من الازهر وواحد من الطرق الصوفية..وشمل الاقتراح ضم 3 ممثلين عن الطوائف بالشكل الذي تتفق عليه هذه الطوائف .. إلا انه لم يقبل. وأكد الخراط ان اللجنة الموازية التي تضعها القوي السياسية المنسحبة من تاسيسية الدستور الآن تعكف علي وضع دستور لكل المصريين .. و يأمل الخراط ألا تأخذ الاغلبية - تيار الإسلام السياسي - هذا الامربنفس منطق " خليهم يتسلوا" كما فعل مبارك سابقا و كان رد الفعل ان خلعه الشعب .. وقال الخراط: "ارجو ان يكونوا اكثر ذكاء " وعلي جانب اخر راح الانبا كيرلس اسقف نجع حمادي يحذر من تكرار سيناريو ايران في مصر قائلا :" نحن ننادي بالدولة المدنية منذ اندلاع الثورة.. لكن معركة الدستور و سيطرة اكثر من 60 % من الاغلبية الدينية علي لجنة المائة فإنها تسحب مصر للدولة الدينية .. وبالتالي اختلف الشعار الذي وعدنا به المجلس الاعلي للقوات المسلحة والذي طالبت به الاحزاب المعتدلة . و مصر امام خيارين. إما ان تتجه للدولة المدنية .. مثلما وعد المجلس العسكري في كل بياناته ورسائله للشعب المصري، وإما انها تتجه للدولة الدينية لتكرر سيناريو ايران.. واتوقع ان تكون هناك استجابة للرأي العام بضرورة مشاركة كل طوائف الشعب". وحتي الانتهاء من كتابة السطور الفائتة لم تتوصل القوي الليبرالية لحلول وسط ترضي روح الثورة التي قامت من اجل كل المصريين.. و ارواح الشهداء وتبعث الطمأنينة في قلوب أقباط مصر التى أوجعها غياب المواطنة . نشر بالعدد 590 بتاريخ 2 إبريل 2012