وسط أجواء مشحونة وتوقعات مملوءة بالتشاؤم، تم الإعلان منذ فترة عن تحالف بين كرايسلر الأمريكية وفيات الإيطالية. ظلت تفاصيل هذا التحالف والفائدة المتوقعة منه غير واضحة إلي أن ظهرت تفاصيل عديدة نستعرضها من خلال هذا التحليل، فالتحالف بمثابة اندماج كبير بين طرفين هو الأول من نوعه منذ بداية الأزمة الاقتصادية الحالية ولكن هل يمثل التحالف خطوة لانقاذ كرايسلر وإبعادها عن شبح الإفلاس؟ أو خطوة دفاعية من فيات تهدف من خلالها إلي حجز مكان لها في السوق الأمريكية؟ في الواقع يمثل هذا لاندماج كلا الهدفين. فالرئيس التنفيذي لمجموعة فيات يري أن وضع مجموعته الحالي يبدو غير مريح خاصة أنها صغيرة بقدر يحرمها من العمل بفاعلية. وقد عبر سيرجيو ماركيوني رئيس فيات عن ذلك في أحاديث صحفية بقوله إن علي أي شركة ترغب في تحقيق نتائج مالية جيدة أن تنتج مالا يقل عن 5،5 مليون سيارة سنويا. ويبدو هذا الرقم كبيرا بالنسبة لحجم إنتاج فيات خلال العام الماضي والذي بلغ 1،2 مليون سيارة. ولا يبدو هذا القول جديدا حيث بدا ماركيوني متشائما بشأن مستقبل فيات طيلة السنوات الماضية. والجديد هنا هو الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بصناعة السيارات العالمية والتي فرضت علي رئيس فيات التحرك بسرعة لانقاذ ما يمكن إنقاذه. ووجدت فيات في التحالف مع كرايسلر فرصة لا تعوض. فكلا الشركتان بدأتا المفاوضات منذ أكثر من عام ونصف العام وكانت فيات تفكر بشكل جدي في شراء أحد مصانع مجموعة كرايسلر بأمريكا الشمالية لانتاج موديل فيات 500 للسوق الأمريكية والتغلب علي عقبة فرق سعر الدولار الأمريكي أمام اليورو. وفي سبتمبر الماضي بدأت ملامح الأزمة الاقتصادية في الظهور ولم يكن لدي كرايسلر أي خطة لانتاج سيارة صغيرة تضمن لها البقاء فبدأت مفاوضات مع فيات لمساعدتها في ذلك خاصة أن الكونجرس الأمريكي اشترط وجود خطة جيدة للعودة إلي تحقيق الأرباح كشرط أساسي لحصول كرايسلر علي مساعدات فيدرالية. وكان نتيجة الاتفاق كما تشير تقارير عديدة هو تشغيل مصانع كرايسلر المعطلة بإنتاج موديل فيات 500 وموديلي ألفا MITO و بديل موديل 147 الحالي لبيعها في السوق الأمريكي. وفي نفس الوقت سيتم استخدام شاسيه جديد من إنتاج فيات لتطوير موديل هاتشباك صغير يحل محل موديل كاليبو الحالي وسيارة أخري للاستخدام داخل المدن وربما يستخدم الشاسيه في الجيل القادم من أفينجر أيضا، سيتيح التحالف لكرايسلر أيضا إستخدام محركات فيات الصغيرة بما في ذلك محرك «مالتي أير» الذي قدمته الشركة في معرض جنيف علاوة علي استخدام نظام نقل سرعات من إنتاج فيات. علاوة علي ذلك، سيتيح الاتفاق لكرايسلر الاستفادة من شبكات التوزيع التابعة لفيات في عدة دول لتسويق منتجاتها الحالية. أما فيات، فتقدم ملكيتها الفكرية في مقابل 35% من أسهم كرايسلر مع خيار إضافي يتيح لها الحصول علي حصة الأغلبية. ولو نجحت كرايسلر في اجتياز الأزمة الحالية، سيبلغ نصيب فيات من تلك الأسهم مليارات عديدة. ومقابل تلك الملكية الفكرية أيضا ستستفيد فيات من التواجد في السوق الأمريكي الذي سيشهد تحسنا كبيرا خلال السنوات المقبلة، علاوة علي ذلك، لن يكلف فشل كرايسلر فيات أي شيء. والواقع أن فيات لم تكن لتصل إلي اتفاق مغري كهذا لو لم تكن كرايسلر تعاني من أوضاع مالية صعبة. المشكلة الأساسية تتمثل في أن كرايسلر تعاني من أوضاع مالية صعبة. المشكلة الأساسية تتمثل في أن كرايسلر ستظل في حاجة إلي أموال طائلة لإنتاج سياراتها الصغيرة بالتعاون مع فيات، وقد تتطور أمورها إلي الأسوأ حتي قبل وصول تلك السيارات الصغيرة للأسواق بحلول عام 2011 يري البعض أن فرص نجاح هذا التحالف كبيرة رغم الآراء القائلة بأنه يتعين علي أي كيان كبير في صناعة السيارات أن يتجاوز إنتاجه خمسة ملايين سيارة علما بأن إنتاج مجموعتي كرايسلر وفيات مجتمعين يتعدي بالكاد 4 ملايين سيارة سنويا. يري المحللون أن ما يحدث اليوم في سوق السيارات العالمي يمثل انهيارا لتلك الصناعة لن تتعافي منه قبل عامين من الآن علي أقرب تقدير وإن رأي هؤلاء أن من السابقه لأوانه التنبؤ بما سيحدث في سوق السيارات العالمي خلال الوقت الراهن. ويستبعد كثير من الخبراء رؤية الرئيس التنفيذي لفيات بحدوث اندماجات أخري خلال الوقت الراهن، ويدعم قولهم كم المشاكل التي تعاني منها كل شركة وبقدر لا يسمح لها بتحمل أعباء أي شركة أخري في القوت الحالي.