ليس صحيحاً القول أو النظرة الشائعة إن كل الذين لا ينزلون الآن إلي ميدان التحرير، وميادين الثورة في أنحاء مصر، هم: (حزب الكنبة)!!. ينقسم الشعب المصري، إزاء الثورة الحالية: إلي أولاً: دعاة للثورة وطلائع لها، وهؤلاء ينزلون إلي الميادين منذ (25 يناير الأول 2011) إلي (25 يناير الثاني 2012) وما بعده، وفي جميع المليونيات والمظاهرات. ويوجد بالطبع ثانياً: "حزب الكنبة"، أو ما يمكن أن نطلق عليه "جمهور القناة الأولي"، الذي يصدق الإعلام الحكومي، ويترك نفسه للتشويش الدائم علي نظرته للأمور، وهو ينجذب لذلك بحكم محدودية وعيه أو مصالحه الحالية أو التي يتطلع إليها..!. لكن ليس هذا وذاك هو كل الشعب، فبينهما ما نحب أن نطلق عليه "الكتلة الشعبية الحاسمة". وهي الملايين خلال ال (18 يوماً للثورة المصرية يناير فبراير 2011) التي قاربت العشرين مليوناً، والتي خرجت تؤازر دعاة الثورة وتشارك طلائعها الشابة، في مختلف ميادين وساحات مصر وليس في "التحرير" والعاصمة فحسب، وهذه الملايين وحدها بخروجها هي التي حولت مظاهرات المبادرين الشباب الرائعين، من مجرد مظاهرات حاشدة، أو حتي هبة أو انتفاضة علي الأكثر، إلي ثورة شعبية كاملة. وذلك بأمرين: الحجم الهائل لحشدهم وزحفهم. إلي جانب إصرارهم علي الاستمرار والدأب المتواصل الباسل، مهما كانت المصاعب والتضحيات، حتي تحقيق النصر والأهداف. إن الكثير من هؤلاء لم ينزلوا في حشود مظاهرات ما بعد ال (18 يوماً)، لأنهم يستطيعون صبراً اكبر وانتظاراً أكثر، وهم دائماً في "حالة ترقب"، وقد ترقبوا الانتخابات البرلمانية، وشاركوا فيها، وهم من منحوها الطوابير المتحضرة والإصرار الراقي علي المشاركة، وهم من لم يمنحوا نفس الشيء لانتخابات مجلس الشوري لعدم اقتناعهم بها، وهم من يترقبون اليوم وضع الدستور وإلي أي مدي يرتضونه؟. وانتخابات رئاسة الجمهورية وإلي أي مدي سوف تكون نزيهة ومحترمة؟. وإذا لم يعجبهم كل هذا عند حلوله، ستكون لهم كلمة أخري. وعندها وليست قبلها، سوف يشاركون في موجة ضخمة من موجات الثورة، لن تقل عن الأولي الكبري قبل ذلك هم مع الثوار والطلائع بقلوبهم ومشاعرهم، بأعصابهم ودعواتهم، ودموعهم أيضاً يودعون بها مواكب الشهداء، هم مع الأبناء الأحرار النبلاء في ميادين التحرير والقائد إبراهيم والأربعين وكل ساحات الثورة، في ميدان نهضة مصر وأمام السفارة الإسرائيلية، في البالون وماسبيرو وشارع محمد محمود وأمام مجلس الوزراء. ومؤخراً إزاء دماء وأشلاء الثمانين زهرة بل أكثر بالتأكيد في استاد بورسعيد. إن موقفهم دائماً مع الثورة، ويتفق مع الثوار طول الوقت، وهم لبوا نداءهم في (25/1/2011)، ثقة فيهم ولو بالإحساس الصافي المرهف للجماهير لكنهم ليسوا علي استعداد لأن يلبوا نداء النزول طول الوقت، أو في أي وقت!. إنهم يمنحون المجلس العسكري فرصاً بصبر أكبر وببال أطول، لكنهم إذا تبينوا منه غدراً، بحجم طمع واضح جلي في خطف سلطة الدولة وليس مجرد الشك سوف تكون غضبتهم هائلة مزلزلة، ومشاركتهم الثوار في الشوارع، تفجير الثورة من جديد، كاملة مستمرة حتي تحقيق كل الأهداف. نعم، إنها الكتلة الشعبية الحاسمة. وهي التي طال انتظارها، وحينما صدقت الطلائع الشابة التي دعت للثورة في 25 يناير 2011، فلبت نداءها: تحققت الثورة. لكن لا أدري لماذا لا يراها بعض المعلقين أو المحللين؟!.. لماذا لا يرون سوي "حماس" الطلائع، و"تقاعس" حزب الكنبة جمهور القناة الأولي!.. وكأنه ليس بينهما شئ... مع أن بينهما "أهم شيء"!!.