على مدى 90 دقيقة وبعد عرض رائع تحدى فيه المنتخب البرازيلي وجمهوره الشغوف أمس الثلاثاء في مونديال البرازيل 2014، نجح حارس مرمى المكسيك جييرمو أوتشوا في التحول من عتمة نادي اجاكسيو المتواضع الهابط هذا الموسم إلى الدرجة الثانية في فرنسا إلى الأضواء العالمية. نجح أوتشوا ، أفضل لاعب في المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي صفر-صفر، في التصدي لأكثر من كرة برازيلية خطرة ويتعين على زملائه ومدربه رفع القبعة تحية له لمنحه نقطة قد تكون في غاية الأهمية في نهاية دور المجموعات. ولعل تصدي اوتشوا للكرة الرأسية التي سددها النجم البرازيلي نيمار كانت الأبرز وذكرت نوعا ما بتصدي الحارس الإنجليزي جوردون بانكس لكرة رأسية للأسطورة بيليه في كأس العالم عام 1970. ثم تدخل مرة جديدة لإبعاد كرة سددها قائد المنتخب تياجو سيلفا من مسافة قريبة جداً منقذاً مرماه من هدف أكيد في أواخر المباراة. وقال الحارس المكسيكي بعد المباراة: "لقد خضت مباراة العمر". وقد يكون اوتشوا قد صقل هذا الهدوء الكبير الذي يتمتع به بين الخشبات الثلاث لأجاكسيو حيث يلعب معظم الأحيان أمام مدرجات فارغة ، وبالتالي حتى عندما كان يتألق بشكل رائع ، كان الأمر يقتصر على حفنة من المتفرجين. أصبح اوتشوا معبود جماهير أجاكسيو وأحد اكتشافات الدوري الفرنسي حتى أن النقاد تساءلوا عن الجدوى من قدومه إلى هذه الجزيرة الهادئة. وكان "ميمو" وصل إلى أجاكسيو صيف عام 2011 قادماً من نادي كلوب أمريكاالمكسيكي عندما كان فريقه صعد للتو إلى الدرجة الأولى ، كما أن النادي كان يتمتع بأدنى ميزانية بين فرق أندية الدرجة الأولى في فرنسا. ويشرح اوتشوا عملية انتقاله بقوله: "في أجاكسيو وجدت الظروف المثالية لكي أظهر موهبتي ، إنه النادي الوحيد الذي مد يده بإتجاهي على إثر قضية المنشطات التي اتهمت بها ، بالطبع هذه اللفتة خلقت لدي روابط حميمة بالنادي ولا يمكن ان أنساها". وقد تأخر وصوله إلى الجزيرة بانتظار الأوراق الرسمية من الإتحاد المكسيكي ليؤكد براءته من تهمة المنشطات بمادة كلينبوتيرول إلى جانب أربعة زملاء له في المنتخب الوطني ، وكان استبعد بسبب ذلك من تشكيلة فريقه التي خاض الكأس الذهبية في يونيو عام 2011. أفاد النادي الفرنسي من هذه الحادثة علما بأن بعض الأندية الأكثر ثراء في أوروبا كانت قد أعلنت رغبتها في التعاقد معه أمثال مانشستر يونايتد الإنجليزي وباريس سان جرمان الفرنسي. وفرض الحارس نفسه كأحد أفضل خمسة حراس في الدرجة الأولى الفرنسية ، وفي كل سوق للإنتقالات يتردد إسمه للتعاقد مع ناد فرنسي أخر على غرار مرسيليا أو تولوز وحتى مع أندية إسبانية ، لكنه وباتفاق مع إدارة نادي اجاكسيو قرر الاستمرار في صفوفه حتى انتهاء عقده في مايو الماضي. وكان أجاكسيو عاش موسما كارثياً سقط على إثره إلى الدرجة الثانية وقد انتهت القصة الرائعة بين أوتشوا وناديه بالتالي ، لكنه حتى الآن لم يجد نادياً للإنتقال إليه. لكن لا شك بأن عرضه اليوم سيعيد لفت الأنظار إليه والإهتمام به من أعرق الأندية الأوروبية. وقد اسكت بعرضه الرائع اليوم الحارس الاسطورة للمنتخب المكسيكي انطوني كارباخال الذي شارك في خمس نهائيات لكأس العالم في الخسمينات والستينات والذي صرح بعد خوض اوتشوا اول مباراة دولية له "تمنى شباكه باهداف بعيدة، ولا يجيد الخروج لالتقاط الكرات العرضية، في بعض الاحيان اسأل نفسي اذا ما كان يعاني من مشكلة في النظر". بيد ان اوتشوا قطع خطوات عملاقة منذ تلك التصريحات.