حضور كبير شهده حفل توقيع كتاب "ذات يوم" للكاتب سعيد الشحات، وذلك بالمركز الدولى للكتاب مساء أول من أمس الأربعاء، فضلا عن مشاركة عدد من الشخصيات العامة والفنانين والكتّاب، كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة السابق، والمستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى القضاة الأسبق، والفنان سمير صبرى، والكاتب طلعت إسماعيل مدير جريدة الشروق، وعصام شلتوت، مدير تحرير اليوم السابع، والكاتب عمار على حسن، والناقد محمود عبد الشكور، والكاتب جمال العاصى، والكاتب محمد بسيونى، والكاتب جمال الجمل، وممدوح كامل، وأحمد عبد الحفيظ. وقال الكاتب طلعت إسماعيل إنه تعرف على سعيد الشحات في منتصف الثمانيينات من القرن الماضي :"كنا نعمل معا في مركز إعلام الوطن العربي" صاعد".. كل منا كان يبحث عن فرصة تحت شمس الصحافة الحارقة.. كنت أميل إلى الموضوعات السياسية والإقتصادية المباشرة التي تهتم بالخبر والتقرير الخبري، وكان سعيد يميل إلى الموضوعات ذات الصبغة الثقافية العامة المعجونة بفتلة سياسية متوارية. كان بعض الزملاء يحبذ الإيقاع اليومي السريع، والبعض الأخر يفضل الصناعة الثقيلة في الحوار والتحقيق، وقد ظهرت موهبة سعيد واضحة جلية في الصنف الثاني من طرق العمل التي كنا جميعا ننوع فيها العزف على لحن القضايا الأساسية والتحديات الحقيقة التي تواجه مصر. وأضاف إسماعيل، خلال الحفل:"مع الأيام تشعبت الاهتمامات، لكن سعيد ظل على إخلاصه للموضوعات المعمقة، حتى عندما لجأ إلى الفن اختار كبار الفنانين ليكتب عنهم، ولديه كتاب عن كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، وربطته صداقة بالفنان الراحل محمد رشدي الذي جمعتهما لقاءات عديدة كان سعيد يشاطرنا بعضا من كواليسها. ومع ظهور زاوية "ذات يوم" في "اليوم السابع" موقعة باسم سعيد الشحات، أدركت أن حبه للتاريخ بدأ يتجلى، ويستحوذ على كتاباته..وقد اتخذ سعيد من "ذات يوم" منصة لإطلاق صواريخه العابرة للازمنة، لتصيب قلب الواقع المعاش، والدفاع عما يؤمن به من قناعات فكرية منحازة للفقراء والبسطاء من ابناء هذا الوطن الذي عشقه سعيد، كما عشقناه، فسعى ابن كوم الاطرون، تلك القرية الولادة، من قرى محافظة القليوبية، جاهدا طوال سنوات عمله وعمره لتحقيق حلم كل مصري في " العيش الكريم، والحرية والعدل". وأوضح إسماعيل أن كتاب الشخات ضخم يتحدث فيه عن وقائع، ربما يكون بعضها قد مر علينا عشرات المرات في ثنايا قراءات في التاريخ والسياسة، وحتى في الأدب، غير أن سعيد في سرده لها يخطف اهتمامك، ويملك وجدانك، بأسلوب سلسل، بسيط، لكنه كما يقال السهل الممتنع. وضرب إسماعيل مثالا بزاوية "2 يناير 1492" التي كانت عن "سقوط الأندلس"، الشحات كان يروي ما حدث مع السلطان أبو عبد الله محمد وتسليمه غرناطة إلى فرناندو ملك قشتالة، والمقولة الشهيرة لأم السلطان الملقب بالصغير، عقب بكائه على ضياع ملكه:" إبكي كالنساء ضياع ملك لم تدافع عنه كالرجال" ،حيث يأخذنا سعيد إلى أجواء الحزن المقيم، حتى اليوم، في نفوسنا على ضياع الأندلس. وتنتقي "ذات يوم" عدد من الشخصيات للاسقاط على الواقع، وعلى سبيل المثال في زاوية 14" ديسمبر "1963، التي تصادف يوم وفاة شيخ الجامع الأزهر محمود شلتوت، كتب سعيد عن رائد التقريب بين المذاهب، وقضية الإصلاح الديني، كأنه يقول: "ما اشبه الليلة بالبارحة"، فالقضايا المثارة على الساحة الآن تتطابق مع ما شغلنا في ماضي الأيام. وينقل سعيد فتوى الشيخ شلتوت حول جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة والمعروفة ومنها مذهب الشيعة الإمامية الجعفرية، مستندا إلى ما جاء في مجلة "رسالة الإسلام" الصادرة عن دار التقريب بين المذاهب" إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الإمامية الاثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة". وفي زاوية "5 يناير 1856" تأخنا "ذات يوم" إلى الفرمان الثاني لحفر قناة السويس عندما أعطى الخديو سعيد موافقته على الحفر لصديقه الفرنسي فرديناند ديليسبس، عقب استعراض لمهاراته في الفروسية، في ليلة مقمرة. ركزت "ذات يوم" على عكس زوايا مشابهة، نشرت في الصحف سواء المصرية أو العربية، على " ما حدث في مصر والمنطقة العربية" ويفسر سعيد السبب بقوله "هذا تاريخنا الذي لابد أن نعرفه، وجرى الكثير من عمليات التجريف في سرده". وتنتقي "ذات يوم" عدد من الشخصيات للاسقاط على الواقع، وعلى سبيل المثال في زاوية 14" ديسمبر "1963، التي تصادف يوم وفاة شيخ الجامع الأزهر محمود شلتوت، كتب سعيد عن رائد التقريب بين المذاهب، وقضية الإصلاح الديني، كأنه يقول: "ما اشبه الليلة بالبارحة"، فالقضايا المثارة على الساحة الآن تتطابق مع ما شغلنا في ماضي الأيام. وينقل سعيد فتوى الشيخ شلتوت حول جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة والمعروفة ومنها مذهب الشيعة الإمامية الجعفرية، مستندا إلى ما جاء في مجلة "رسالة الإسلام" الصادرة عن دار التقريب بين المذاهب" إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الإمامية الاثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة". طبعا سعيد هنا يخوض في قضية شائكة، وقد خرجت أصوات منكرة لفتوى الشيخ شلتوت، أو أن تكون خرجت عنه، لكن هدف "ذات يوم" تفجير الجدل والحوار للتخلص من أدران علقت وتراكمت بالعقول منذ عهود الضعف والانحطاط الفكري، فانتجت صراعات ومرارات وكراهية غير مبررة. في 10 مارس 1969 اختار سعيد مشهد الجنازة المليونية للشهيد عبد المنعم رياض، الذي استشهد في اليوم السابق وسط جنوده على شط القنال، ليبث بعضا من محبته، ومحبتنا، لهذا البطل..و ينقل سعيد في هذه الزاوية ، عن كتاب لأستاذنا الكاتب الصحفي الراحل محمود عوض، شهادة العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الأسبق، عن الجنازة التي شارك فيها مع عسكريين عربا كبارا، وكيف رأي شوارع القاهرة تتسع لاستيعاب مئات ألوف الأشخاص الذين خرجوا لوداع الشهيد. وفي زاوية "13 مارس 2003" يكتب عن إعلان الاحتلال الأمريكي للعراق القبض على صدام حسين، ووجد سعيد في الحادثة فرصة للدفاع عن المقاومة العراقية في وجه الاحتلال، ويفضح أكاذيبه التي توالى الكشف عنها فيما بعد. ولأن واقعنا المعاش ينشط بدعوات التبرع للمشروعات الكبرى والعمل الأهلي التطوعي، يستدعي سعيد في "ذات يوم" تاريخ 15 ديسمبر 1933 يوم افتتاح أول مصنع للطرابيش في مصر قائم على التبرع لمشروع "القرش" الذي وقف وراءه زعيم حركة "مصر الفتاة" أحمد حسين، ويجدها سعيد فرصة للحديث عن الواقع الإقتصادي والاجتماعي للريف المصري في ذلك الوقت. وختم إسماعيل بقوله :"كما شدد سعيد في مقدمة كتابه، فإن "ذات يوم" ليست تأريخا بالمعنى الاكاديمي،وأنما سباحه في نهر قراءات متنوعة تعكس شغف سعيد بالتاريخ والفن والثقافة والسياسة في خلطة عجيبة، صنعها حكاء ماهر، كما هو في الواقع اليومي، سعيد الذي نعرفه". أما الفنان سمير صبرى فقال خلال كلمته على هامش حفل توقيع كتاب "ذات يوم" أنه على الرغم من إصدار كتاب تحوى مقالات مجمعة للكاتب سعيد الشحات إلا أنه لن يتخلى عن عادة قص مقالاته وقراءتها ليلا للاستمتاع بها والذى أعطى له فرصة أن يضىء له الخيال، ويعيد الزمن الجميل الذى عاصره فى كتابه الجديد، مشيرا إلى أن الأجيال الجديدة لم تعش أو تعاصر الزمن الجميل، ولكن يمكن لهذه الأجيال العودة والتعايش مع هذا الزمن من خلال المقالات الموجودة بالكتاب الجديد. وقال الكاتب الروائى عمار على حسن، إن سعيد الشحات فى التقاطه لأحداث التاريخ خضع لاختيارين وهما اختيار حوادث بعينها وركز على اشياء مهمة من وجهة نظره بتصوراته وانحيازاته، وأحداث أخرى أهملها وهمشها لعدم أهميتها، مضيفا أن الاختيار الثانى فى كتابة موضوعاته تتمثل فى قدر كبير من السرد أشبه بالكتابة القصصية، وقبل أن يكون كاتبا صحفيا رفيع المستوى فهو أديب مفعم بالموهبة الفذة. فيما أكد الناقد محمود عبد الشكور أن المشكلة التى تواجه مصر هى أزمة الذاكرة والتى يتم تكرير الأخطاء فى نفس الوقت، بالإضافة مشكلة كتابة التاريخ والتى يتم التدريس فى المدارس بطريقة منفرة، لا تحبب الطلاب فى الإطلاع على التاريخ، لافتا إلى أن كتابة التاريخ لا تقل أهمية سرد وقائع التاريخ والتى تميز بها فى كتابته سعيد الشحات وفى تجارب سابقة للراحل جمال بدوى، وأن هذه التجارب والسرد التاريخى لكتاب "ذات يوم" هى الأقرب لهذه الأجيال لكى تفهم هذا التاريخ.