• هانى سويلم: التوازن بين التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية سينقل مصر نقلة نوعية • لابد من عدم فصل المعرفة والابتكار والبحث العلمى عن التعليم والتدريب • ربط أهداف الاستراتيجية بمؤشرات أداء محددة وقابلة للقياس ومرتبطة بمدى زمنى محدد يسهل على الحكومات المتعاقبة وضع برامجها التنفيذية منذ إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى، رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، بعد عامين من جلسات النقاش وورش العمل داخل وزارة التخطيط، اختلفت الآراء حول تقييم الاستراتيجية ومدى امكانيات تنفيذها، فى ظل ما تمتلكه الدولة من أدوات وسياسات لتفعيل برامج وأهداف هذه الرؤية، ومدى امكانياتها لتدارك الأزمات الحالية وبناء واقع أفضل فى المستقبل. من جانبه، اختص الخبير وأستاذ التنمية المستدامة وإدارة المياه، ومدير وحدة اليونسكو بجامعة أخن بألمانيا، ومؤسس مركز التنمية المستدامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وصاحب مشروع التعليم من أجل التنمية المستدامة، د. هانى سويلم، «الشروق» بتقرير تحليلى لتقييم الاستراتيجية، أكد خلاله أهمية تبنى الدولة لمفهوم التنمية المستدامة الذى يضمن التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتحقيق مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية. ولخص التقرير تقييم الاستراتيجية فى 10 نقاط، فيما يتعلق بالمحاور وأهداف الاستراتيجية أكد أنها بمثابة مبادرة تضع مصر فى أوائل الدول التى تحدد خطتها لتنفيذ السبعة عشر هدفا للتنمية المستدامة التى أقرتها الأممالمتحده من 2015 وحتى 2030، وكذلك الخطة الخمسينية الأفريقية للتنمية المستدامة 2063. وأوضح التقرير أن الاستراتيجية تغطى الأبعاد الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتعارف عليهم دوليا للتنمية المستدامة، وفى حال تنفيذها كما تم ذكره ستنقل مصر نقلة نوعية وتضعها فى مصاف الدول الكبرى، كما أن إعدادها على مدى عامين تم بطريقة حرفية إلى حد كبير، ضمنت مشاركة أكثر من 200 خبير يمثلون العديد من الجهات والشركاء، كالمجتمع المدنى، الجهات الحكومية والرقابية، وممثلى القطاع الخاص والأكاديميين والمنظمات الدولية وفئات الشباب والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة، وتعتبر الطريقة التى تم اتباعها فى الإعداد لهذه الاستراتيجية مثال جيد لابد أن نحتذى به فى خطوات التنفيذ المستقبلية. بالإضافة إلى الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة والمحاور العشرة، يقول التقرير إنها تغطى الأهداف الاستراتيجية لكل محور وكذلك آليات وبرامج التنفيذ، إضافة لربط أهداف الاستراتيجية بمؤشرات أداء محددة وقابلة للقياس يتحمل مسئولية تنفيذها جهات محددة، ومرتبطة بمدى زمنى محدد والتحديات المحتملة، ما يسهل على الحكومات المتعاقبة وضع برامجها التنفيذية، وعلى المجتمع المدنى والبرلمان مراقبة التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع بشكل دورى. ويرى التقرير أن تركيز الاستراتيجية على البعد الاجتماعى بشكل موسع هو من أهم نقاط القوة، وهو ما تم اهماله فى عشرات السنوات السابقة، حيث تركز على توفير الاحتياجات الأساسية إضافة إلى التركيز على جودة الحياة وكذلك الوصول إلى سعادة المواطن. وأوضح التقرير أنه كان لابد من التعامل مع المياه كمحور أساسى يضاف إلى المحاور العشرة للاستراتيجية، فالمياه لا تقل عن محور الطاقة بل تزيد أهمية أو على أقل تقدير وضع الموارد الطبيعية كلها تحت محور واحد يشمل الطاقة والمياه معا، خاصة فى ظل التحديات المحلية والإقليمية، ووصول نصيب الفرد من المياه إلى 650 مترا مكعبا فى العام، وهو ما يعنى أننا رسميا ومنذ فترة تحت خط الفقر المائى (خط الفقر المائى 1000 متر مكعب للفرد سنوى). وأضاف: «الاستراتيجية ركزت على قضية المياه فى إطار البعد البيئى، وهو ما يثير المخاوف من أن نستمر فى النظر للبعد البيئى على أنه جزء من الرفاهية كما تعودنا فى الماضى»، لافتا إلى أهمية أن تأخذ المياه حيزا أكثر من الاهتمام، واعتبارها فى الخطط التنفيذية للحكومات. وعلق التقرير على إدراج المعرفة والابتكار والبحث العلمى تحت البعد الاقتصادى وفصلها عن التعليم والتدريب المدرج فى البعد الاجتماعى، مؤكدا أن تطوير العملية التعلمية والتدريب لابد أن يتضمن بشكل رئيسى الاهتمام بالابتكار والإبداع، كذلك أيضا البحث العلمى يصب نتائجه فى التعليم، والتعليم يطور البحث العلمى. ويؤكد التقرير أن الرؤية التى تم الإعلان عنها هى إستراتيجية وليست خطة تنفيذية (Action Plan)، موضحا أن طرح مشروعات بعينها تلتزم الدولة بتنفيذها هو تعمق فى التفاصيل، ربما يحتاج المزيد من الدراسات والمراجعة لجدوى تلك المشروعات من الجهات المعنية، وألا نعتبرها مشروعات واجبة النفاذ لمجرد ذكرها فى الاستراتيجية. وعن مدى قابلية تنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع، قال التقرير إن إطلاق هذه الاستراتيجية هو بداية جيدة وخطوة مهمة تحسب لهذه الحكومة، لأن لمصر الآن خطة شاملة طويلة الأمد تضم جميع مؤسسات الدولة والأطراف المعنية، ولكن يبقى التنفيذ هو التحدى الأكبر فى ظل الجهاز الإدارى الذى تم اهماله فى الماضى والعجز فى الكوادر الشابة القيادية، وهو ما أدركته القيادة السياسية وبدأت فى برامج إعداد القادة الشبان. ويرى الخبير فى التنمية المستدامة أن كلمتى السر لتحقيق استراتيجية مصر 2030، هما استقطاب العقول المهاجرة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، موضحا أن هناك العديد من الخبرات النادرة والقيادات الفذة لدى المصريين فى الخارج، الذين اثبتوا نجاحهم ومساهمتهم فى نهضة دول أخرى. وأكد على أهمية إعادة هيكلة سريعة لمؤسسات الدولة والاهتمام بتدريب العاملين بالدولة بشكل سريع حتى تصبح هذه المؤسسات على المستوى القادر لتطبيق هذه الخطة الطموحة، مشيرا إلى أن وزارة التعليم لابد أن تحظى بالنصيب الأكبر لأنها الوزارة المسئولة عن إعداد الكوادر التى تحمل لواء التنمية ولن يحدث ذلك فقط بتطوير المناهج ولكن لا بد من تطوير جذرى فى الجهاز الإدارى والأخذ بالأفكار الجديدة المطروحة عن مشاركة المجتمع المدنى فى تطوير وتمويل العملية التعليمية لحل أزمة نقص الموارد والإمكانيات وكثافة الفصول وإعادة تأهيل المعلم فهو المسئول الأول والأخير عن الأجيال القادمة ونهضة هذه الأمة.