10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    بحضور وزير العمل.. تخريج دفعة من قيادات «العمل الليبية» بالأكاديمية العسكرية    وزير الخارجية البريطاني عقب محادثات في البيت الأبيض: هناك فرصة لحل دبلوماسي بشأن إيران    حرب «تل أبيب - طهران».. المنطقة على حافة الهاوية    إعلام إيراني: وقوع 3 انفجارات شرقي طهران    مصادر إيرانية: جميع المواد المخصبة تم نقلها و في أماكن آمنة    سموتريتش: نحمي الغرب من إيران النووية.. وعلى الخليج وأوروبا تمويل الحرب    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    التشكيل - خروج جريزمان ضمن 3 تعديلات في أتلتيكو لمواجهة سياتل    إيران تعلن مهاجمة بنى تحتية عسكرية في إسرائيل بمسيرات قتالية تستخدم لأول مرة    قبل الغلق.. رابط التقديم لوظائف المدارس المصرية اليابانية 2026    ثقافة الفيوم تناقش أثر المخدرات على الشباب وتقدم مسابقات ترفيهية للأطفال.. صور    مينا مسعود: فيلمي في مصر أهم من فيلم «علاء الدين»    أسامة عرابي: الأهلي خسر رامي ربيعة.. والصفقات الجديدة غير جاهزة بدنيا    لوبيز: سعيد بهدفي في الأهلي وأتمنى تحقيق حلم مواجهة ميسي    وكالة فارس: سماع دوي ثلاثة انفجارات شرقي طهران    خبير اقتصادي: البنوك المركزية قد تعود لرفع الفائدة هربًا من موجة تضخم جديدة    مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    لينك نتيجة الصف الثالث الإعدادي في القليوبية برقم الجلوس    خبير في الحركات الإسلامية: الإخوان يستخدمون غزة كغطاء لأجنداتهم التخريبية    مصرع شاب غرقًا بترعة المحمودية في البحيرة    البطريركية القبطية في جنوب أفريقيا تقود صلاة الغروب الأرثوذكسية: "سلامي أتركه لكم"    كاف يعلن مواعيد بطولتي دوري الأبطال والكونفدرالية للموسم الجديد    خبير اقتصادي يحذر: الحرب الإيرانية-الإسرائيلية قد تدفع العالم إلى ركود غير مسبوق    "إير كايرو" توقع اتفاقية لتأجير 8 طائرات جديدة خلال مشاركتها في معرض باريس للطيران 2025    محافظ البحر الأحمر: إنشاء 4 محطات تحلية جديدة لمواجهة أزمة المياه    وزير الأوقاف: تعاون مشترك مع اتحاد الجامعات لدعم الأعمال الوقفية ومواجهة الإرهاب    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    بن رمضان: نتحمل المسؤولية وعلينا رفع معدلات تركيزنا    ريبييرو: أغلقنا ملف بالميراس.. ونستعد لمواجهة بورتو    الطعن على حكم وقف الجمعية العمومية.. تفاصيل اجتماع نقيب المحامين بأعضاء مجلس النقابة العامة ونقباء الفرعيات    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    رسميا بعد الارتفاع الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    سعر الذهب اليوم الجمعة 20 يونيو محليا وعالميا بعد الانخفاض بالصاغة.. بكام عيار 21 الآن؟    إعلام عبرى: إيران أرسلت لواشنطن ردا بموافقتها على بعض مطالب ترامب    خلافات عائلية تنهي حياة خفير نظامي في الفيوم    الأرصاد: غدا طقس شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 36    وزير الخارجية الأسبق: تغيير النظام الإيراني أكبر هدف لنتنياهو    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    بسبب بلاغ للنائب العام.. محمد رمضان يعتذر لعائلة «هلهل»    هنا الزاهد ب"جيبة قصيرة" وصبا مبارك جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| وفاة والدة مخرجة وفنانة تستغيث ونجمة ترد على شائعة زواجها    "وحش البحار" و"ليو".. أعمال يشاهدها الجمهور على "نتفليكس" في الصيف    حكايات| «مريم» تُعيد إحياء التراث ب«فن التيمبرا»    نجاح عملية زراعة قرنية معقدة بمجمع الإسماعيلية الطبي للتأمين الشامل - صور    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف الأردنية نسرين الوادي.. طريقة عمل شوربة البروكلي    كارثة تعليمية| رسوب جماعي في مدرسة يثير صدمة.. وخبير يطالب بتحقيق شامل    باحث: 36 سببًا لمرض ألزهايمر    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القابضون على الجمر
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 08 - 2009

رفض الأقباط الموحدون محاولات بعض رجال الدين مداهنة الوثنيين لإغرائهم بالدخول فى المسيحية استجابة لرغبة الامبراطور قسطنطين الذى أراد نشر الديانة الجديدة فى ربوع الامبراطورية الرومانية الوثنية، فتصدوا بقوة لمحاولات الخلط بين عقيدة التوحيد التى جاء بها المسيح عليه السلام وأنبياء الله من قبله وبين العقائد الوثنية المتأصلة فى نفوس الرومان والمصريين القدماء، وقد تزعم تلك المقاومة قس مسيحى بكنيسة الإسكندرية يُدعى «آريوس».
والمفارقة أن آريوس هذا كان شابا من بربر القيروان الذين اعتنقوا المسيحية على يد رهبان مصر ثم وفد إلى الإسكندرية حيث تلقى العلم فى مدرستها اللاهوتية، وكان تقيا صالحا ذكيا فصيحا فرسمه البابا بطرس شماسا ثم قسا وواعظا بالكنيسة، فلما بدأت محاولة خلط التوحيد المسيحى بفكرة التثليث وامتدت من روما إلى مصر تصدى لها بحسم وقد كان له من التقوى والورع والعلم ما يضاف إلى طبيعته البربرية الأبية العصية على الاحتواء والخضوع ما ساعده على الوقوف بقوة وصلابة أمام كل محاولة لتبديل العقيدة، وقد وقف الشعب القبطى المؤمن وراءه واختاره بطريركا للكنيسة إلا أن بعض رجال الدين قاموا بتنصيب الكسندروس بطريركا ثم أوعزوا إلى الامبراطور بأن آريوس خرج عن طاعته وطالبوا بتجريده من الكهنوت فما كان من قسطنطين الأول إلا أن دعا جميع رجال الدين فى الامبراطورية إلى الاجتماع فى مدينة تقع بمنطقة الأناضول تسمى «نيقية» وذلك فى عام 325م لمناقشة الأمر، ويعد مجمع نيقية أو المجمع المسكونى الأول علامة فاصلة فى التاريخ المسيحى بأكمله حيث تغلبت فيه المصالح السياسية المتمثلة فى رغبة الامبراطور فى حماية وحدة الامبراطورية ومداهنته بالتالى للرافضين للإيمان المسيحى وحرص رجال الدين على المحافظة على سلطانهم ومكانتهم وخشيتهم من العودة إلى معاناة عصور الاضطهاد، تغلب ذلك كله على عقيدة التوحيد الخالصة التى نزل بها المسيح ابن مريم فانتهى مجمع نيقية إلى الحكم على آريوس بالهرطقة وحرمانه ونفيه من مصر وحرق كتبه وإعدام من يتستر على هذه الكتب، كما تم وضع قانون جديد للإيمان المسيحى يطبق على جميع الكنائس فى الشرق والغرب.
ومازالت أصداء صوت آريوس تتردد فى جنبات مجمع نيقية وهو يحاجج مخالفيه بآيات بينات من الإنجيل حيث يقول المسيح عن معجزاته: «أنا لا أقدر أن أصنع مشيئتى بل مشيئة من أرسلنى»، كما يجيب تلاميذه على سؤالهم عن ساعة الدينونة: «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعرفهما أحد ولا ملائكة السموات إلا الآب وحده»، ويناجى ربه فى صلاته قائلا: «أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته»، ويقول لحوارييه عليه السلام وهو يودعهم: «إنى صاعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم»، وكثير سواها من الآيات التى استند إليها آريوس ليقرر وحدانية الرب تقدست أسماؤه وأن المسيح عليه السلام هو عبده ورسوله.
غير أن صيحاته ضاعت هباء أمام سطوة المصالح السياسية والأطماع الدنيوية فتم نفيه من مصر ثم تآمر المتآمرون لقتله، إلا أن أتباعه من القبط المؤمنين ظلوا على تمسكهم بعقيدتهم قابضين على جمار الحق لا يضرهم من خذلهم ولا يثنيهم عن طريقهم القويم من حاد عنه، وهكذا بدأ فى مصر «عصر الشهداء الثانى» وكان على غرار العصر الأول بل أشد بأسا إذ أوقف اثناسيوس بطريرك الإسكندرية المعين من قبل أباطرة الروم والذى كان رئيسا للشمامسة فى مجمع نيقية ما تبقى من حياته لاضطهاد المقرين بالوحدانية وتعذيبهم وتقتيلهم ففر منهم من فر إلى الشرق والغرب فازداد انتشار الفكر الآريوسى أو ما أطلق عليه المذهب الاريانى سواء فى مصر أو خارجها، وكان ممن آمن بهذا الفكر مسيحيو شمال أفريقيا وقوط الأندلس إضافة لأتباع مارمرقس من أقباط مصر المسيحيين.
وفى عام 428م تمكنت الكنيسة الكاثوليكية من استصدار قرار امبراطورى يقضى باستئصال المذهب الاريانى من جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية بكل الوسائل، فبدأت حملات القتل والترويع وحرق الأناجيل وكتب العلم وتهديم الكنائس والتمثيل بالجثث وغيرها من الممارسات الدموية الشهيرة للكنيسة الغربية التى تذكرنا بمحاكم التفتيش التى ستعقدها هذه الكنيسة ذاتها بعد قرون لأهل الأندلس المسلمين عقب سقوطها والتى مازال اسمها ماثلا فى صفحات التاريخ كرمز حى على ما تحويه النفس البشرية إن ضلت الطريق على قسوة وظلم وحقد ودموية لا مثيل لها عند أشد الوحوش شراسة.
ويبقى أقباط مصر المؤمنون وقوط الأندلس وغيرهم من الموحدين رغم العذاب والاضطهاد قابضين بقوة وبإصرار على زمام قافلة التوحيد الماضية فى طريقها عبر الزمان فى انتظار «المعزى» الذى بشر المسيح تلاميذه بأن الله سيرسله ليعلم الناس كل شىء «وليذكركم بكل ما قلته لكم»، ويهبط الوحى على محمد كما هبط من قبل على عيسى، ويلاقى محمد وأصحابه ما لاقاه عيسى وأصحابه من عنت وتكذيب ويتنزل القرآن الكريم يخبر نبيه بالحق عن عباده الموحدين (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون، وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)، إنهم أتباع المسيح، أصحاب آريس وغيره من قسيسى التوحيد ورهبانه، القبط المؤمنون والأريان المضطهدون فى كل مكان.
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بأمر هؤلاء الموحدين المتمسكين بدينهم الحق لذا ذكرهم صلى الله عليه وسلم فى رسالته التى أرسلها إلى هرقل امبراطور الروم وهو ما لم يتنبه له المؤرخون والمفسرون المسلمون رغم أن تلك الرسالة مازالت محفوظة حتى اليوم بمتحف طوب كابى باستنبول وممهورة بالخاتم النبوى الشريف، فماذا تضمنت الرسالة النبوية بشأن الآريسيين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.