أصدرت «مراكز الولاياتالمتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها» في 15 يناير الحالي تحذير السفر الأول من نوعه الذي نصح جميع النساء في سن الإنجاب - سواء كن حوامل أم لا – بتجنب السفر إلى الدول التي ينتشر فيها «فيروس زيكا»، بحسب موقع «VOX» الأمريكي. ماهو فيروس زيكا؟ ولماذا التحذيرات للنساء؟ «زيكا» مرض مداري ينتقل من شخص إلى شخص آخر عبر «البعوض»، ووجد علاقة بين هذا الفيروس وبين ظهور العيوب الخلقية وحدوث الوفيات في الأطفال المولودة حديثًا في البرازيل. لا تزال البرازيل تحارب أكبر تفشي لزيكا، وذلك مع إصابة أكثر من مليون شخص بهذا الفيروس، الذي ظهر أيضًا في أكثر من 20 دولة ومنطقة أخرى في أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي ومن بينها كولومبيا والسلفادور وهايتي وهندوراس والمكسيك وفنزويلا وبورتوريكو. هل «زيكا» فيروس جديد؟
حتى وقت قريب كان «زيكا» فيروسًا نادرًا للغاية ويبدو حميدًا، وعلى الرغم من اكتشافه أول مرة في 1947 في غابة «زيكا» في أوغندا، لم يسبب إزعاجًا كبيرًا للبشر طوال هذه السنوات. قال «ماركوس إسبينال» مدير الأمراض المعدية في منظمة الصحة للبلدان الأمريكية، إنه «تم توثيق حوالي 14 أو 15 حالة فقط حتى 2007»، حتى ظهر أول أكبر تفشي لزيكا في جزيرة ياب في ميكرونيزيا، ومنذ ذلك الوقت أصبح هناك وباء دوري في جزر فيجي وجمهورية فانواتو. كيف ينتقل «زيكا»؟ يؤمن الباحثون حاليًا أن «زيكا» ينتشر بشكل أساسي عبر البعوض، الذي يلدغ شخصًا مصابًا بالمرض ويسحب الدم وينقل العدوى، ثم يذهب البعوض وبلدغ شخصًا آخر وينتشر الفيروس، بمعنى آخر، يُعد «زيكا» فيروس منقول بالمفصليات، أي ينتقل بين الأشخاص عبر الحشرات. ولكن البعوض ليس الوسيلة الوحيدة للإصابة بالفيروس، فهناك بعض الأدلة استخلصت في دراستين صغيرتين تشير إلى أن مرضى زيكا يمكنهم نقل الفيروس إلى الآخرين من خلال الاتصال الجنسي، كما تم توثيق إمكانية انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين خلال الحمل. ماهي أعراض «زيكا»؟ حتى وقت قريب، لم يظن الباحثون أن «زيكا» مدعاة للقلق، فما يقدر ب80% من السكان لم يعانوا من أي أعراض بعد الإصابة بالفيروس. وبالنسبة للآخرين، فإن أعراض «زيكا» عادة ما تكون بسيطة، وهي ظهور الطفح الجلدي، والإصابة بالصداع، والشعور بآلام في المفاصل والعظام، والحمى. وتظهر هذه الأعراض عادة في الفترة ما بين 3 و12 يومًا بعد لدغة البعوض الأولية، وتختفي الأعراض خلال أسبوع، والذهاب إلى المستشفى ليس أمرًا شائعًا، كما أن الوفاة بسبب الفيروس أمر نادر، ولكن مؤخرًا بدأ العلماء يتساءلون إذا ما كانوا استهانوا بالمخاطر الذي يسببها «زيكا». هل يسبب «زيكا» عيوبًا خلقية؟
خلال العام الماضي، وجد مسؤولو الصحة العامة أدلة أنه ربما توجد علاقة بين «زيكا» وظهور العيوب الخلقية في المواليد الجدد والحالات المصابة بمشاكل في الأعصاب لدى البالغين. بالنظر إلى البرازيل على سبيل المثال، شهدت البلاد طفرة غير عادية للحالات المصابة بزيكا خلال العامين الماضيين، ربما بعد وصول الفيروس مع القادمين لحضور كأس العالم في 2014، وفي العام الماضي كان هناك أكثر من مليون ونصف مصاب بالفيروس. وخلال نفس الفترة، شهدت البرازيل المزيد والمزيد من المواليد الجدد المصابين بصغر الرأس «الصَعَل»، وهي حالة خلقية يعاني الطفل من صغر حجم الرأس والنمو غير المكتمل للأدمغة، وعادة ما تعاني البرازيل من مئات الحالات سنويًا، ولكن منذ أكتوبر 2015، وثق مسئولو الصحة أكثر من 3500 حالة.
يظن العديد من الخبراء الآن أن التوقيت ليس مصادفة، وأن «زيكا» هو الملام على زيادة الحالات المصابة بالعيوب الخلقية، على الأقل هناك العديد من الأدلة الحديثة التي تشير إلى هذا الاتجاه. وعندما درس الباحثون البرازيليون السائل الذي يحيط بالجنين في الحوامل في أطفال مصابة بصغر الرأس، وجدوا «زيكا». في يناير، وجد العلماء في «مراكز الولاياتالمتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها» فيروس زيكا في أدمغة طفلين مصابين بصغر الرأس توفيا خلال 24 ساعة من ولادتهما، كما وجد العلماء أدلة على «زيكا» في اثنين من الحوامل انتهى أمرهما بالإجهاض. المراكز حريصة في قولها إنه ليس من المؤكد أن زيكا تسبب في ظهور العيوب الخلقية والوفيات، فربما يكون هناك تفسيرات سيتم اكتشافها، ولكن يظن خبراء أنهم يمتلكون أدلة كافية لاقتراح وجود علاقة وأن الأطفال في الثلث الأول من شهور الحمل عرضة بشكل خاص للإصابة بمشاكل الولادة، على الرغم من أن الخطر يمكن أن يستمر أثناء الحمل، ولايزال العلماء يحاولون قياس حجم المخاطر المعنية. ماهي توصيات المراكز للنساء؟ توصي المراكز النساء الحوامل بتجنب الذهاب إلى الأماكن التي يتنشر فيها «زيكا»، لذلك أصدرت هذه المراكز إرشادات السفر للنساء الحوامل والنساء في سن الإنجاب، وحذرتهم من السفر الذي ينتشر فيها الفيروس (المناطق الحمراء في الأمريكتين الظاهرة على الخريطة) حتى كتابة التقرير المنشور في 22 يناير، تضم القائمة كل من البرازيل، وكولومبيا، والسلفادور، وغويانا الفرنسية، وغواتيمالا، وهايتي، وهندوراس، ومارتينيك، والمكسيك، وبنما، وباراجواي، وسورينام، وفنزويلا، وبورتوريكو، وبربادوس، وبوليفيا، والإكوادور، وجواديلوب وسانت مارتن، وغيانا، والرأس الأخضر، وساموا، وحذر المسئولون من أنه سيتم إضافة المزيد من الدول قريبًا.
ولعدم وجود لقاح أو دواء للوقاية من «زيكا»، فالوقاية الأفضل هو تجنب التعرض للبعوض في الدول التي ينتشر فيها الفيروس، كما أوصت المراكز جميع المسافرين إلى هذه الدول إتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم. وتكون هذه الحماية من خلال ارتداء طارد البعوض، واستخدام حواجز لإبقاء البعوض خارج المنزل، وإرتداء سراويل طويلة وقمصان طويلة الأكمام، والتأكد من عدم وجود مياه راكدة داخل أو خارج المنزل.