كيف تحول الخطاب الإسلامي في أفريقيا من الصوفية الإصلاحية إلى "بوكو حرام" .!؟، هذا هو السؤال الرئيسي الذي حاول ضيوف الندوة الثقافية بنقابة الصحفيين مساء أمس الإجابة عنه في مناقشتهم ل"البحث" الذي يحمل نفس العنوان للدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. وناقش الحاضرون الذين ترأسهم الدكتور حلمي شعراوي، ود. عواطف عبد الرحمن، ود. كمال حبيب، والدكتور أيمن شبانة، في الندوة التي أدارها هاني رسلان، تحول التجمعات السكانية إلى الإسلام نتيجة تحركات علماء وتجار المسلمين للتجارة، واستغلال تجارتهم في طرح الأفكار العقائدية الإسلامية، بالإضافة إلى الدور البارز لحركة القبائل والطرق الصوفية، في الترويج للإسلام، وهو ما أدى إلى وصف أفريقيا بأنها قارة الإسلام. ورصد االمؤلف ومناقشوه كيف تحول الخطاب الإسلامي بعيدا عن منطلقاته من صوفية أحمد بمبا في السنغال وسلفية عبدالله جومي في نيجيريا، مرورا بتقدمية فريد إسحق في جنوب أفريقيا، لينتهي براديكالية الخطاب الثوري العنيف الذي تبنته جماعات إسلامية مثل «بوكو حرام» والشباب المجاهدين، على زيارات ومعايشات الكاتب للجماعات المسلمة في الدول الإفريقية. وطرحت الندوة تساؤلات حول تأثر الحركات والتنظيمات الإسلامية المعاصرة في أفريقيا والتي طرحت خطاب التجديد من الناحيتين الفكرية والتنظيمية بعوامل لا تعبر عن تجانس وتوحد فكري، يرجع بالأساس إلى "تناقض/تنافر" مرجعياتهم الفكرية في العالمين العربي والإسلاميي بالنظر إلى أن بعض الحركات تأثرت بالحركة الوهابية في السعودية، أو بظهور جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها الشيخ حسن البنا في مصر، إذ شكّل تراث هذه الجماعة الفكري ولا سيما كتابات منظريها أمثال سيد قطب مصدر إلهام لكثير من الأفراد والجماعات الذين رفعوا لواء الإصلاح الديني وتحدثوا عن مشروع إسلامي. كما ناقشت الندوة ظهور الجماعة الإسلامية التي أسسها أبو الأعلى المودودي في الهند، بالتحديد يظهر واضحاً في خبرة حركات الإصلاح التي شهدتها منطقة شرق أفريقيا وجنوبها حيث توجد جاليات آسيوية كبيرة، بالإضافة إلى قيام الثورة الإيرانية عام 1979 التي شكلت مصدر إلهام لكثير من الحركات والتنظيمات الإسلامية في أفريقيا متأثرة بالرؤى والاطروحات الإيرانية، وصولا إلى رفعها خطاباً راديكالياً يدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية المستقلة، حتى تحولت بعض الحركات في نيجيريا على سبيل المثال من حركات "سنية/إخوانية" إلى حركات "شيعية" ذات هوى إيراني، مثل حركة إبراهيم الزجراجي. وحللت الندوة كيف ظهر "الخطاب السلفي" بتنويعاته "الأصولية / المسيسة/ الجهادية" كرد فعل للخطاب السوفي المتغلغل والمتشعب في القارة، وصولا إلى التحول السلفي "المضطرب" إلى التأثير والفاعلية في المشهدين "الديني- السياسي" في إفريقيا بشكل خاص، وكيف ساهم خطاب الحركات المتشددة باعتماده العنف في تشويه الصورة الذهنية للإسلام.