الهريدي: نصر أكتوبر أعاد لمصر هيبتها.. والرئيس السيسي يجدد روح العبور في معركة البناء والتنمية    أحمد الشرع يلغي عطلة "حرب أكتوبر" في سوريا    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الأحد 5102025    عمران القاهرة.. بين السلطة الحاكمة ورأس المال وفقراء الشعب    الداخلية البريطانية: منح الشرطة صلاحيات أوسع لقمع الاحتجاجات المتكررة    تعرف على تشكيل فاركو في مواجهة وادي دجلة    وفاة شخص وإصابة 5 آخرين إثر انقلاب سيارة بصحراوي المنيا..بالاسماء    تعرف على حالة الطقس فى أسيوط غدا الاثنين 6102025    «السياحة»: إحالة واقعة اختفاء لوحة أثرية بمنطقة سقارة إلى النيابة العامة    الحب وأشياء أخرى    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    «مستشفى 15 مايو التخصصى» تتسلم شهادة دولية تقديرًا لجودها في سلامة المرضى    نقيب المعلمين: انتصار أكتوبر نموذج في التضحية.. والمعلم شريك أساسي في بناء الوعي    هل يجوز ضرب الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    تامر فرج يكشف أسرار حياته العملية قبل دخوله عالم التمثيل    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    سامح سليم: لا أملك موهبة التمثيل وواجهت مخاطر في "تيتو" و"أفريكانو"    مباحث تموين الغربية تضبط 42 مخالفة في حملة رقابية خلال 24 ساعة"    وكيل صحة الأقصر.. يعلن بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    وزير الرياضة يبحث مع «الأنوكا» استعدادات مصر لإستضافة الألعاب الأفريقية 2027    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    مصر تستضيف منتدى الأرز الأفريقي.. الثلاثاء المقبل    تعيين هاني خضر رئيسًا لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    روبيو: لا يمكن تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل في العالم    هل يشارك كيليان مبابي مع منتخب فرنسا فى تصفيات كأس العالم رغم الإصابة؟    جامعة بنها الأهلية تنظم الندوة التثقيفية احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر المجيد    وزير التموين: تكثيف الرقابة والتصدى الحاسم لحالات الغش التجارى    مستشفى الغردقة العام تستقبل الراغبين فى الترشح لانتخابات النواب لإجراء الكشف الطبي    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    تعرضنا للظلم.. رضا شحاتة يهاجم حكم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد ليل والقناة الناقلة    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    أفشة: مشوار الدوري طويل.. وتعاهدنا على إسعاد الجماهير    برلماني: استراتيجية النهوض بصناعة الحديد والصلب خطوة حاسمة لتعزيز الاقتصاد المصري بتوجيهات السيسي    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    عشرات الشهداء في 24 ساعة.. حصيلة جديدة لضحايا الحرب على غزة    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    سلوت يوضح رأيه في مدى التجانس بين صلاح وإيزاك    وزير الدفاع الإسرائيلي: 900 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة نحو جنوبي القطاع    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    من هو هنري حمرة؟ أول يهودي سوري يترشح لعضوية البرلمان منذ 78 عامًا    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    تجديد حبس المتهمين بسرقة شركة خدمات إلكترونية 15 يوما    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة النقدية بين الدفاع عن الجنيه وتمويل الحكومة
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 11 - 2015

ارتبط ذكر البنك المركزى أخيرا بأزمة الدولار وكأن البنك المركزى لا يفعل شيئا سوى إدارة سعر الصرف. لكن الحقيقة أن دور البنك المركزى أكبر من ذلك، حيث من المفترض أنه يدير السياسة النقدية التى تختص بإدارة المعروض من النقد فى الاقتصاد لإحداث توازن بين معدلات نمو الاقتصاد وخلق فرص العمل من ناحية وضبط مستويات الأسعار من ناحية أخرى.
ويتمتع البنك المركزى فى أغلب الدول باستقلالية كبيرة حتى لا يتم إساءة استخدام أدواته لتحقيق مكاسب سياسية على المدى القصير بالتوسع فى طباعة النقد على حساب ارتفاع الأسعار بعد ذلك. ويعتمد البنك المركزى على مجموعة من الأدوات التقليدية، إذ يعتبر سعر فائدة الإقراض بين البنك المركزى والبنوك التجارية هو الأداة الأهم حيث إنها تؤثر على أغلب أسعار الفائدة فى الاقتصاد. فحينما يرى البنك المركزى بوادر للركود يشرع فى خفض سعر الفائدة مما يؤدى إلى خفض تكلفة اقتراض الشركات من البنوك بالتبعية مما يشجع الشركات على الاقتراض والتوسع فى الاستثمار للخروج من الركود.
على صعيد آخر، هناك أدوات غير تقليدية استحدثتها البنوك المركزية أخيرا لإدارة السياسة النقدية ويأتى على رأسها التيسير الكمى حيث يقوم البنك المركزى بطباعة كمية كبيرة من النقد وشراء السندات الحكومية لتوسيع الإنفاق الحكومى الهادف لتنشيط الاقتصاد. لكن تلك الأداة غير التقليدية عادة ما تلجأ لها البنوك المركزية فى وقت الأزمات الشديدة، فبعد وصول سعر الفائدة لمستويات متدنية تفقد هذه الأداة التقليدية أثرها وتجعل من الضرورى اللجوء لحلول خارج الصندوق لفترة محدودة حتى انتهاء الأزمة، على أن يكون النقد المطبوع مستخدما لتنشيط الاستثمار وإنعاش الاقتصاد.
***
بالنظر للاقتصاد المصرى، فإن السياسة النقدية تعتبر تقشفية مع سعر فائدة مرتفع إلى حد كبير مما يؤثر سلبا على معدلات اقتراض الشركات وبالتالى معدلات الاستثمار والنمو فى وقت لم يخرج فيه الاقتصاد بعد من الركود وهذا التوجه التقشفى يعيق فرص النمو السريع للاقتصاد. كما أن تلك السياسة تعنى تكلفة خدمة دين مرتفعة على كاهل الحكومة المعتمدة بشكل كبير على الاقتراض المحلى. قد يبدو من الكلام السابق أن تلك السياسة غير مبررة لكن البنك المركزى ينتهجها للدفاع عن الجنيه والذى يعانى ضغطا كبيرا أخيرا نتيجة الفجوة بين الواردات والصادرات والتى لا تستطيع عوائد السياحة والاستثمارات الأجنبية المتواضعة حاليا سدها.
فى خضم ذلك، يحاول البنك المركزى الدفاع عن الجنيه منعا لخروج مستويات الأسعار عن السيطرة. ولعل إحدى الأدوات هو رفع سعر الفائدة على الجنيه حتى يصبح هناك فارق كبير بين العائد على ودائع الجنيه والدولار مما يشجع الأفراد على تحويل مدخراتهم من دولار لجنيه والاستثمار فى شهادات استثمار بالجنيه. لكن المشكلة الحقيقة أن العائد الحقيقى على ودائع الجنيه على الأغلب سالبا حيث إن العائد الأسمى على الودائع مقارب لمعدلات التضخم مما يعنى عدم زيادة قيمة المدخرات حتى بعد تراكم العائد ولعل ذلك ما دفع الكثيرين للتسابق على الاستثمار العقارى كمخزن للقيمة.
مع التوجه العام أخيرا لرفع سعر فائدة ودائع البنوك وكذلك التباطؤ النسبى فى السوق العقارية، فإن بعض المدخرين قد يلجأون للاستثمار فى ودائع البنوك بالجنيه مما يخفف الضغط على الجنيه. وعلى الرغم من ارتفاع الجنيه أخيرا إلا أن الفجوة بين السعر الرسمى والسوق الموازية فى اتساع مما قد يدفع البنك المركزى لتخفيض الجنيه بعد فترة لجذب المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار فى السندات الحكومية بعد أن هجروها منذ 2011 حينما كانت استثماراتهم تقارب 10 مليارات دولار. رجوع تلك الاستثمارات سيساعد على دعم موارد الاقتصاد الدولارية لكن التخفيض سيؤدى للمزيد من التضخم.
***
من الجدير بالذكر أن أزمة الدولار ليست وليدة اللحظة لكنها تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة مع قرار وضع حد أقصى لإيداع الدولار فى البنوك. وهذا القرار المثير للجدل كان يهدف لضرب السوق الموازية للعملة والقضاء على ظاهرة الدولرة للتخفيف من حدة الطلب على الدولار ليقتصر على استيراد المنتجات الأساسية. لكن القرار كان له ردة فعل سلبية حيث إنه أوصل رسالة للسوق عن عدم قدرة المركزى على توفير الدولار اللازم للدفاع عن الجنيه مما دفع الأفراد لزيادة الطلب على الدولار تحسبا لارتفاعه. لكن الأهم أن ذلك القرار قد حول مسئولية تدبير العملة من التجار والمستوردين إلى البنك المركزى مما كان له أثر سلبى على توافر العديد من السلع والمواد الخام المستوردة وأدى إلى حالة من الاستياء الكبير عبر عنها العديد من التجار والمصنعين على حد سواء.
ثم أتى سقوط الطائرة الروسية ليضرب قطاع السياحة فى مقتل على المدى القصير ويزيد من حدة الضغوط على الجنيه. لكن هناك جانب آخر للبنك المركزى وهو دوره فى تمويل الدين الحكومى حيث قام البنك المركزى فى العام المالى الحالى بمضاعفة استثماراته فى السندات الحكومية عن طريق طباعة النقد وهو ما يؤدى بطبيعة الحال لارتفاع الأسعار. قد يلجأ البنك المركزى الذى أصبح الممول الأكبر للدين الحكومى أخيرا، على غير المعتاد، للحفاظ على سعر فائدة السندات الحكومية الحالى بدون زيادة كبيرة خلال المرحلة القادمة منعا لتفاقم عجز الموازنة.
بالنظر للصورة الكلية نجد سياسة نقدية تقشفية تعتمد على سعر فائدة مرتفع بهدف الدفاع عن الجنيه فى الأساس وكذلك السيطرة على التضخم لكن يأتى ذلك على حساب تراجع معدلات الاستثمار والنمو وخلق فرص العمل. بينما من ناحية أخرى نجد سياسة نقدية توسعية بطباعة النقد لتمويل عجز الموازنة مما يؤدى لتفاقم التضخم. الجمع بين تلك السياستين يوضح أن السياسة النقدية تم اختزالها أخيرا فى الدفاع عن الجنيه وتمويل عجز الموازنة فى الأساس. ومع التغيير فى قيادة البنك المركزى، يظل الوضع حرجا والقيادة الجديدة فى موقف لا تحسد عليه لكن قد يكون من المفيد إعادة النظر فى السياسة النقدية بشكل استراتيجى والعمل على تغيير أدوات إدارة سعر الصرف التى أثبت الوقت أن ضررها أكبر من نفعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.