• الفلسطينيون الذين يصورون أفلامهم بأموال إسرائيلية منحوا شرعية للاحتلال • أشعر باللاجئين لأنى واحد منهم.. و«رسالة من اليرموك» فيلم صنع نفسه بنفسه • اليأس لم يعرف طريقا إلى.. وأستعد لتصوير «كتابة على الثلج» • عملت 9 أيام فى الأسبوع و26 ساعة يوميا.. وأجبرت المهرجانات العالمية على فتح أبوابها أمامنا يعرف المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى بأنه أول سينمائى فلسطينى عمل على إنجاز سينما داخل الأراضى المحتلة ومنها انتقل إلى العالم غازيا المهرجانات العالمية، ولهذا لم يكن غريبا أن يعرف ب«الفنان عابر الحدود». ثانى أفلامه الروائية «حيفا»، عام 1996، هو أول فيلم فلسطينى يعرض رسميا فى مهرجان كان السينمائى منذ تم تأسيسه، لم يقتصر دوره على الإخراج فحسب بل شارك فى انتاج كثير من أفلامه كما أسس (مركز الإنتاج السينمائى) فى رام الله، وحصل على العديد من الجوائز العالمية فى المهرجانات الدولية. تتصدر قضية اللاجئين قائمة اهتماماته، فأخرج العديد من الأفلام الروائية والوثائقية عن هذه القضية كان آخرها فيلمه الوثائقى «رسالة من اليرموك» الذى عٌرض بالعديد من المهرجانات العربية والدولية. «الشروق» التقت رشيد مشهراوى ودار هذا الحوار: • ولدت لأسرة لاجئة فهل هذا هو السبب الوحيد لاهتمامك بقضية اللاجئين؟ - صحيح أنا ابن أسرة لاجئة من يافا، عشت طفولتى وشبابى فى مخيمات اللاجئين وبالطبع كان لهذا الأمر دافع قوى لأتصدى لهذه القضية، فأنا أعرف كيف يعيش اللاجئ وظروفه الصعبة والمعاناة الشديدة التى يعانيها لكى يعيش حياة أقل ما توصف أنها بسيطة ولذا قدمت أفلاما كثيرة عن اللاجئين قبل «رسالة من اليرموك» وقمت بزيارة مخيمات اللائجين فى غزة والأردن وسوريا ولبنان لأرصد الحرب والموت والدمار والسجن وتفاصيل هى أكثر قسوة مما شاهدها الجمهور فى أفلامى. • لماذا اخترت أن تقدم «رسالة من اليرموك» فى فيلم وثائقى وليس روائيا مع أن قصة الحب فى الفيلم تناسب العمل الروائى أكثر؟ - حينما قمت بتسجيل اللقاءات مع بطل العمل «نيراز» أحد شباب مخيم اليرموك لم تكن هناك أى فكرة لفيلم، وإنما تطور الأمر مع زيادة المقابلات التى تتم بيننا عبر الانترنت، والمكالمات الهاتفية، فلم أكن أعلم مسبقا بقصة الحب بينه وبين خطيبته لميس التى هاجرت إلى المانيا، وأثناء المكالمات استشهد شقيقه فى إحدى الغارات، ولم نكن نعلم هل سيستمر محاصرة مخيم اليرموك أم لا، وكل هذه الأسباب لا تتماشى مع فكرة الفيلم الروائى الذى يعتمد على قصة متكاملة نستطيع أن نحكيها ونجرى حوارا عنها، فلقد انتهينا من التصوير ولايزال المخيم محاصرا. • كيف نجحت فى تصوير المخيم فى ظل هذه الظروف؟ وهل أضفت أى لمسة من الخيال على الاحداث؟ كان هناك فريق تصوير مكون من فردين أحدهما نيراز نفسه، وكانت الفكرة أن نصور اللقاءات فى الاتجاهين ثم نفكر ماذا سنفعل بهذه المواد، ولم أضف أى لمسة خيالية، ولست بحاجة لخيال أو فانتازيا فالواقع غلب كل شىء بل بالعكس حاولت تخفيف الواقع لأعطى الناس فرصة لمشاهدة الفيلم. • فى الفيلم قدمت مساعدة للبطل من خلال إقامة معرض لصوره الفوتوغرافيا وقام بافتتاحه وزير الثقافة، فلماذا لم تسع لمساعدته لكى يخرج من المخيم ويلتقى خطيبته؟ - المساعدة لم تقتصر على إقامة المعرض فحسب، بل تعدت هذا الأمر بكثير وهى أشياء لا أود أن أتحدث عنها لأنها أمور خاصة، وكان من الخطأ أن أشير لهذه المساعدات فى العمل فبهذا سيخرجه من هدفه، فأنا أسعى لتسليط الضوء على معاناة أهل اليرموك أمام العالمين العربى والأجنبى والتأكيد أن أهل اليرموك هم شركاء فى هذه الأرض ومن حقهم أن ينعموا بالحياة. فالقضية أشمل من معاناة نيراز، وليس من الصواب أن أضع حلا لموضوع لم يحل حتى الآن، فأنا وضعت الفيلم بين يدى المشاهد الذى يجب أن يناقش الوضع مع نفسه. • أثناء حوارك مع نيراز سخرت من الفلسطينيين الذين يعيشون فى رام الله وأنت واحد منهم بتمتعهم بالحياة وجلوسهم على المقاهى.. فلماذا؟ سخرت كيف أننى كفلسطينى ممكن أكمل حياتى بشكل طبيعى وفلسطينى آخر يموت بهذا الشكل فهذه جريمة، وأنا لست راضيا بالمرة عن تعامل الفلسطينيين مع قضية مخيم اليرموك وهو رأى لا أخفيه بل أعلنه باستمرار. • من أين لك بالتمويل وهل سبق أن حصلت على تمويل من صندوق دعم الانتاج السينمائى بإسرائيل؟ - بالنسبة لأفلامى لا توجد طريقة ثابتة للتمويل، فكل فيلم وله حالته الخاصة، إما أنه ممول من فلسطينى أو إحدى القنوات العربية أو الاجنبية أو إنتاج مشترك عربى عربى أو عربى أجنبى لكن ليس لدينا تمويل ثابت من خلال بنك أو مستثمر، فنحن ليست لدينا صناعة سينما بالشكل المتعارف عليه، وكل فيلم يتطلب مجهودا للبحث عن سيولة، وفيما يتعلق بصندوق الدعم الإسرائيلى فأنا لا علاقة به تماما فأنا أعيش بالضفة الغربية وهى منطقة تخضع للاحتلال العسكرى ولست من ضمن مواطنى إسرائيل مثلما يحدث مع عرب 48. • ما رأيك فى تمويل بعض الأفلام الفلسطينيه من خلال صندوق دعم الانتاج السينمائى بإسرائيل؟ بعد الاحتلال جزء من الفلسطينيين قرر أن يبقى فى مكانه وأُجبر على حمل جواز سفر إسرائيلى لأنه فى نظر المحتل أصبح مواطنا إسرائيليا، وجزء آخر قرر الخروج وهو ما نتج عنه أن أصبحوا لاجئين، وأنا أرفض رفضا تاما إعطاء المحتل أى صفة شرعية والاعتراف بمؤسساته هو اعتراف بشرعيته وهو أمر مرفوض، ومشكلة خطيرة، فالمحتل يستثمر هذا الأمر فى مزيد من القمع والقتل فهو بحاجة لوجه ديمقراطى راق أمام الراى العام العالمى وهو ما يجده من خلال الأفلام التى يدعمها وتناقش القضية الفلسطينية وتهاجم إسرائيل وهو أمر يصب فى صالحه، فهنا نحن نقدم وجها لا يمثل المجتمع الإسرائيلى على الاطلاق، بل نساهم فى غسل يديه من جرائمه. • أفلامك تتعرض للقضية الفلسطينية بكل تفاصيلها.. هل عرف اليأس يوما الطريق إلى قلبك ورددت جملة «مفيش فايدة» وقررت فى لحظة التوقف؟ - لو عندى هذه اللحظات لما كنت أستعد لتصوير فيلمى الجديد واسمه المؤقت «كتابة على الثلج» المرشح له الفنان جمال سليمان، أو أننى آخذ فيلمى هذا «رسالة من اليرموك» وأتجول به فى مهرجانات العالم، فأنا اؤمن بقوة السينما وتأثيرها، وإن كان التأثير يأتى مع الوقت فالسينما لا تأتى بنتائج آنية ولكنها بحاجة إلى وقت لكى تصل الرسالة التى نريدها، وعندى انجازات ملموسة ومحسوسة فى القضية الفلسطينية ليس من فيلم واحد بل من عشرات الأفلام على مدى عشرات الأعوام فالتغيير الذى سعيت نحوه حدث واختلفت نظرة العالم للقضية الفلسطينية فمنذ 20 عاما كنت أبذل جهدا لشرح القضية ومعاناتنا أما الآن فالعالم أصبح على دراية كاملة بالجرائم والانتهاكات الإسرائيلية من خلال السينما التى تفوقت على الخطابات ورجال السياسة، فمن خلال السينما العالم أصبح لديه وعى بثقافتنا وإبداعنا ولانزال مستمرين فى طريقنا، وأبدا لن يتملكنا اليأس بل بالعكس فكل عامين ننتج أكثر من 20 فيلما من المخرجين والمخرجات الذين علمناهم أهمية نقل حضارتنا بالصورة للعالم كله. • كنت أول من طرق أبواب المهرجانات العالمية فهل كان الطريق ممهدا؟ - بالطبع لا، ولهذا لم أطرق أبوابها من خلال القضية الفلسطينية بشكل جامد ولكن طرقت الباب مقدما عملا فنيا إبداعيا أعتمد من خلاله على تقديم هويتنا الانسانية وبذلت جهدا شديدا عملت بالاسبوع 9 ايام وفى اليوم 26 ساعة أى اننى واصلت الليل بالنهار واستلفت اياما وساعات لكى انجز ما افعله. وخلال ال10 أعوام الأخيرة أصبح للسينما الفلسطينية حضور مهم فى هذه المهرجانات مقارنة بأى دولة عربية اخرى. • ماذا عن المشاهد الفلسطينى هل له نصيب فى مشاهدة هذه الأفلام؟ - لدينا أزمة كبيرة فى دور العرض، ولذا فنحن نبحث عن البدائل ونعرض أفلامنا بكل الامكانيات المتاحة بالنوادى والقاعات والجامعات والمدارس وأى حشد نستغله فى عرض الأفلام، وكلما أتيحت لنا فرصة نعرض ولكن بالطبع كل هذه الأشياء غير كافية بالمرة. • أخيرا ماذا عن كتابة على الثلج؟ - هو فيلم روائى طويل انتهيت من كتابة السيناريو والحوار له، وربما أبدأ تصويره قبل نهاية هذا العام لكنى لم أستقر حتى هذه اللحظة على أماكن التصوير وفريق العمل.