مرشحو الأحزاب VS المستقلون «السوبر»    جرائم الإخوان لا تسقط بالتقادم    وزير الدفاع والإنتاج الحربي يلتقي بعدد من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    أسعارالخضراوات والفاكهة بسوق العبور اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    وزير الاتصالات ل"إكسترا": 60 دولة تشارك فى قمة الذكاء الاصطناعى بالقاهرة    نسأل لماذا لا تنخفض الأسعار رغم هبوط الدولار؟    لفترة تقترب من 24 ساعة.. قطع المياه غدا عن هذه المناطق    محافظة الجيزة تنفى انقطاع الكهرباء عن مناطق بالعمرانية..وتؤكد: الوضع طبيعى    القافلة ال21 من المساعدات الإنسانية تعبر إلى غزة عبر كرم أبو سالم    استشهاد 5 فلسطينيين بقصف وإطلاق نار إسرائيلي على غزة    متطرفون صهاينة يقتحمون باحات المسجد الأقصى    مدير الفاو: سكان غزة استنفدوا كل سبل الحياة الممكنة    شوبير: أحمد عبد القادر لم يشارك فى تدريبات الأهلي الجماعية    صلاح.. الملك المتوج    محافظ الإسكندرية يعلن غلق شاطئ أبو تلات بعد حادث غرق طلاب الأكاديمية    حالة الطقس اليوم الأحد.. تحذير جديد للمصطافين    بعد وفاة عامل دليفري.. القبض على صاحب مصحة لعلاج الإدمان بأبو النمرس    نسأل لماذا يا وزير التعليم الإصرار على وجود 3 أنظمة للثانوية العامة؟!    النشرة المرورية.. كثافات متحركة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    نسأل لماذا لم تحظر مصر لعبة روبلوكس؟    بعد وفاته.. بهاء الخطيب يتصدر تريند "جوجل"    تامر حسني يشعل حفله بمهرجان مراسي    "بتتحسن".. محمود سعد بكشف تطورات الحالة الصحية لأنغام    أحمد بهاء الدين مفكر الصحافة    «100 يوم صحة» تقدم 59.4 مليون خدمة طبية مجانية خلال 39 يوما    أسعار الدولار اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    الضغط يتزايد على نتنياهو للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة    بدءًا من اليوم.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة للعام الجديد    فى حفل توزيع جوائز نقابة مديرى المواقع الدولية LMGI.. المديرة التنفيذية لرابطة مفوضي الأفلام الدولية AFCI: لجنة مصر للأفلام حققت المستحيل بتصوير Fountain of Youth بالهرم مستخدمة هيلوكوبتر وسط مطاردات بالأسلحة    حظك اليوم الأحد 24 أغسطس وتوقعات الأبراج    عرض خاص لفيلم «ماما وبابا» بحضور نجومه.. الأربعاء المقبل    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    في ذكرى المولد النبوي.. أفضل الأعمال للتقرب من الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم    45 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «طنطا - دمياط».. الأحد 24 أغسطس    من روحانيات الشيخ ياسين إلى مفاجأة مدحت صالح، مشاهد خطفت الأنظار بحفلات مهرجان القلعة (فيديو وصور)    رفضت منحة من جامعة أمريكية، مفاجأة عن الطالبة عائشة ضحية واقعة التلاعب بالتنسيق    "فشلت محاولته لكسر النحس".. هل تجربة النصر الأسوأ رقميًا لرونالدو؟    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. كليات التجارة و التربية ومعاهد الفني الصحي المتاحة تجاري 3 سنوت (قائمة كاملة)    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم»: وزيرالتعليم العالي يتدخل لإعادة حق طالبة الثانوية بعد التلاعب في رغباتها.. ويوسف الحسيني يكرر: «أنا شاطر جدًا في الاقتصاد»    إعلام روسي: الدفاع الجوي يسقط مسيرة أوكرانية قرب محطة كورسك النووية    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    لدعم صحتك وصحة الجنين.. أهم الأطعمة التي يُنصح بها خلال الحمل    بديل طبيعي للمنظفات الكيميائية.. مكون واحد لتنظيف منزلك بأمان    شيكابالا يتحدث عن.. احتياجات الزمالك.. العودة لدوري الأبطال.. ومركز السعيد    تنسيق جامعة الأزهر 2025.. مؤشرات القبول والحد الأدنى المتوقع لكليات البنين والبنات (موعد ورابط التسجيل)    الجالية المصرية فى اليونان تنظم وقفة حضارية أمام سفارة مصر دعما لمؤسسات الدولة.. فيديو وصور    تفاصيل مصرع طفلة في انهيار سقف منزل قديم بالغربية    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    كما كشف في الجول - القادسية الكويتي يعلن التعاقد مع كهربا    برشلونة ينجو من فخ ليفانتي بفوز مثير في الدوري الإسباني    رمضان السيد: أتوقع مشاركة الشناوي أمام غزل المحلة    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    خلال 72 ساعة.. «الداخلية» تطيح ب21 من أخطر العناصر الإجرامية وتضبط مخدرات وأسلحة ب1.25 مليار جنيه    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم التزوير للحصول على معاش؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيران فى الواحات
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 09 - 2015

الحدث دولى قبل أن يكون محليا وآثاره السياسية تفوق ضرباته السياحية.
حين لا تتحدث بما هو متماسك ومقنع فإن غيرك سوف يحتل بالكامل حيز التغطيات الإعلامية.
فيما تبارت وكالات الأنباء وشبكات التليفزيون الدولية على تغطية حادث الواحات الذى أفضى إلى مقتل ثمانية سياح مكسيكيين وإصابة آخرين ران الصمت هنا لوقت طويل نسبيا كأن شيئا لم يحدث.
أحد تفسيرات تخلف الإعلام المصرى عن الاضطلاع بواجبه فى تغطية ما جرى بالسرعة اللازمة أن قيودا ثقيلة يفرضها قانون مكافحة الإرهاب على العمل الصحفى فى مثل هذه الحوادث.
فأى اجتهاد مهنى يخرج عن نطاق البيانات السيادية يعرض صاحبه إلى غرامة مالية باهظة لا يقدر على الوفاء بها.
الأفدح أن الجهات المعنية تأخرت بأكثر مما هو محتمل عن إصدار أية بيانات تشرح وتفسر ملابسات مقتل سياح جاءوا إلى الصحراء الغربية للاستمتاع بطبيعتها لا الموت فوقها.
وعندما تحدثت فإن رواياتها تضاربت بقسوة.
كل جهة حاولت نفى أية مسئولية لها عن الحادث وحملته للجهات الأخرى.
لم يكن هناك عنوان واحد لإدارة الأزمة وتدارك آثارها الخطيرة على سمعة البلد ومستقبل السياحة فيه.
بحسب بيان وزيرة الخارجية المكسيكية «كلوديا رويز ماسيو» فإن شركة «نوافذ مصر» التى نظمت الرحلة المنكوبة تولت إبلاغ سفارتها فى القاهرة بأن هناك هجوما فى الواحات تعرض له سياح مكسيكيون.
شركة السياحة الخاصة لا وزارة الخارجية كما تقضى الأصول الدبلوماسية بين الدول.
فى أية أزمات دولية من مثل هذا النوع لا يجب أن يكون هناك عنوان لإدارتها غير وزارات الخارجية.
كل المعلومات تصب عندها وكل التصرفات تصدر عنها.
أول متطلبات الإدارة الكفؤة الاعتراف بالأخطاء والخطايا التى ارتكبت والاعتذار الصريح للشعب المكسيكى.
فى الاعتراف ثقة بالنفس وسعى لسد الثغرات حتى لا تتكرر مرة أخرى.
وفى الاعتذار احترام لمشاعر دولة صديقة تربطنا بها علاقات طيبة.
أى تردد جريمة سياسية وأخلاقية بحق سمعة مصر فى عالمها.
أسوأ معالجة ممكنة أن تستغرقنا نزعة الإنكار والتبرير.
إنكار ما هو ثابت سذاجة سياسية وتبرير الأخطاء جريمة أخلاقية.
بحسب بيان وزيرة الخارجية المكسيكية أكد المصابون الستة بلا استثناء وكل على انفراد أن القافلة تعرضت لقصف جوى.
بالتعبير الرسمى «الحادث كله جرى بالخطأ».
المكسيكيون يدركون هذه الحقيقة ولا أحد فى العالم كله يقول إنه كان متعمدا.
غير أن ذلك لا يكفى.
هناك سيارات دمرت فى الصحراء ودماء سالت من مكسيكيين ومصريين.
من الضرورى أمام أنفسنا وأمام العالم أن نكشف بشجاعة وجه الخلل الفادح.
تكاد تجمع كل الشهادات على أنه لم يكن هناك تنسيق بين الجهات المعنية، لا الإجراءات والقواعد اتبعت ولا المعلومات جرى تبادلها.
المنظومة السياحية والأمنية بدت هشة وأطرافها كأنهم جزر منعزلة.
لا تقديرات سياسية لخطورة الوضع فى الصحراء الغربية التى كانت تشهد بالتوقيت نفسه مواجهات عسكرية مع جماعات إرهابية.
ولا إجراءات أمنية مناسبة حتى لا نكاد نعرف إن كانت المنطقة التى استهدفت فيها القافلة المنكوبة محظورة أو غير محظورة.
إذا كانت محظورة كما تؤكد البيانات الرسمية فكيف سمحت كمائن الأمن بمرور القافلة السياحية المنكوبة؟
وأين النشرات الدورية التى تمنع أى خرق لما هو محظور؟
وما عمل فرد الأمن المرافق للقافلة إن لم يكن ضمان الالتزام بخط السير المعتمد؟
بحسب شهادات موثوقة فإن جميع قوافل السفارى تخرق خط السير لأسباب تتعلق بالرغبة فى إشباع رغبات السياح أن يروا أماكن بعينها بالغة الجمال فى الصحراء الغربية.
بمعنى آخر لا توجد أدنى قواعد تحترم ولا خطوط سير تتبع ولا إجراءات أمن تلزم.
الكلام عن التصاريح اللازمة أقرب إلى لزوم ما لا يلزم.
بالأرقام شبه الرسمية تستدعى أية رحلة سفارى فى الصحراء الغربية أكثر من عشرين موافقة.
وهذا لا يحدث أبدا.
باتت القاعدة المتبعة هى عدم احترام القواعد.
وهذه مسئولية الدولة التى لا يصح التهرب منها.
السمعة السياسية تضررت أكثر مما تضررت السياحة.
ضربة السياحة موجعة لكنها ليست قاصمة.
سياحة السفارى لا تقارن بالأنشطة السياحية الأخرى كالشاطئية والأثرية من حيث الحجم وما تضيفه إلى الدخل القومى.
فى الفترة بين عامى (2005) و (2010) ارتفعت أعداد السائحين إلى نحو (82٪)، وهو أعلى معدل بالمقارنة مع الدول المنافسة داخل الإقليم وأهمها تركيا التى وصلت خلال السنوات نفسها معدلات زيادة أعداد سائحيها إلى (52٪).
صدمة النيران توقف أى رهان على تعافى السياحة فى أى مدى منظور.
طالما أن هناك حربا مع الإرهاب فإن سقف الرهانات له حدود لا يتخطاها.
بعد (30) يونيو سأل وزير الخارجية المصرى السابق «نبيل فهمى» نظيره الروسى «سيرجى لافروف» أن تسارع بلاده فى رفع الحظر السياحى عن مصر.
رد «لافروف»: «لا نستطيع اتخاذ مثل هذا القرار وأنتم تعلنون الطوارئ».
فيما بعد رفع الحظر الروسى بأكثر من أى توقعات غير أن السياحة بطبيعتها حساسة لكل ما هو أمنى.
فى قضية الواحات المعضلة أن الضربة من الدولة لا من الإرهاب.
الضرر قد وقع لكن يمكن تخفيض كلفته السياسية والاقتصادية بخطاب واضح يكتسب احترامه من صدقيته.
تقول البيانات الرسمية المصرية إن القافلة المنكوبة تواجدت فى منطقة عمليات محظورة.
وهذا يستدعى إثبات أنها محظورة فعلا.
وتقول البيانات نفسها إن القافلة جرى قصفها بالخطأ بالتزامن مع عملية مطاردة لعناصر إرهابية تستخدم عربات دفع رباعى مشابهة لما كانت تستقله.
هذه حقيقة مؤكدة عليها إثباتات، فقد شهدت الواحات قبل يومين بالضبط مواجهات مسلحة شاركت فيها قوات من الشرطة والجيش وجرت خسائر وإصابات.
لم يعلن عن المواجهات المسلحة فى توقيتها ولا كان بوسع الصحافة المصرية أن تقترب من حوادثها وفق نصوص قانون مكافحة الإرهاب.
لو أن هناك أية معلومات عن حقيقتها لأمكن تجنب حادث السياح المكسيكيين.
غياب النشر أحد أسباب الكارثة.
وغياب التنسيق مجرمها الأول.
عندما تصف البيانات الرسمية وقائع المواجهات الأخيرة فى الواحات التى شهدت اقتحاما ارهابيا لقرية وقتل مواطن وأسر آخر جرى ذبحه تاليا لابد أن تتساءل لماذا لم تمنع بصورة شاملة أية رحلات سفارى فى الصحراء الغربية إلى حين حسم تلك المواجهات؟
بصراحة كاملة المسئولية تتحملها الدولة قبل غيرها.
بالنسبة للمكسيكيين الواقعة «مشينة» كما تقول البيانات الرسمية.
وبالنسبة للمصريين فإن تفكك صواميل الدولة ينذر بأزمات أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.