حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أن المجرمين في جميع أنحاء المعمورة لا يتورعون عن التكسّب من بيع البشر، حيث تشكّل النساء والفتيات المستضعفات معظم ضحايا الاتجار، بما يشمل النساء اللائي يُزجّ بهن في عالم الاستغلال الجنسي. وأشار بان كي مون -في رسالته بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يوافق 30 يوليو من كل عام، والتي وزعها المكتب الإعلامي للأمم المتحدةبالقاهرة إلى أنه كثيرا ما يقع هؤلاء الضحايا في شرك الرق بسبب الانسياق وراء وعود زائفة بالحصول على عمل براتب مغرٍ. وأضاف أن المهاجرين الذين يعبرون بحار الموت ويقطعون الصحارى القائظة فراراً من النزاعات والفقر والاضطهاد ليسوا في مأمن من خطر الاتجار بالبشر أيضا، قائلاً: «فقد يجدون أنفسهم وحيدين في أرض أجنبية وقد جُردوا من جوازات سفرهم، وصاروا مجبرين على السخرة تحت وطأة ديون قسرية، أما الأطفال والشباب فقد يجدون أن حياتهم سُلبت منهم، وأن الطريق مسدود أمام تعليمهم، فتتحطم أحلامهم تباعاً على صخرة الواقع، وفي ذلك انتهاكٌ لأبسط حقوق الإنسان والحريات الأساسية». وتابع الأمين العام: «شبكات الاتجار الإجرامية تنشط في البلدان التي تضعف فيها سيادة القانون ويصعب فيها التعاون الدولي»، داعياً البلدان كافة إلى مكافحة غسل الأموال وتوقيع اتفاقيتي الأممالمتحدة المعنيتين بمكافحة الفساد والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك بروتوكول منع الاتجار بالأشخاص، والتصديق عليها. ودعا بان كي مون إلى تقديم المساعدة لمن يحتاج العون، بطرق منها توفير الحماية وفرص اللجوء للقضاء وسبل الانتصاف، مشيداً بالجهات المانحة التي مكنت صندوق الأممالمتحدة الاستئماني للتبرعات لضحايا الاتجار بالأشخاص من مدّ يد المساعدة لآلاف الأشخاص، مطالباً الجميع بزيادة تبرعاتهم بغية مساعدة الملايين المتعددة من ضحايا هذه الجريمة الآخرين على النهوض من عثرتهم واستئناف حياتهم. وشدد بان كي مون علي ضرورة أن توحّد جميع البلدان الصفوف للتغلب على هذا التهديد العابر للحدود الوطنية عن طريق توفير الدعم للضحايا وحمايتهم، مع تعقّب المجرمين ومتابعتهم قضائيا في الوقت نفسه. وأشار إلى أن ملايين المستضعفين، نساءً ورجالا وأطفالا، يتعرضون للاستغلال الوحشي، حيث يُرغمون على العمل في المصانع والمزارع وبيوت الدعارة أو على التسول في الشوارع، أو يُزجّ بهم في القتال المسلح أو الزواج القسري، أو يُتّجر بهم لنزع أعضائهم وبيعها. وقال الأمين العام «نعيش في عصر تعدّدت فيه الأزمات والمشاكل، إذ تفرّقت أعداد كبيرة من البشر من الحروب والاضطهاد، ويجابه المجتمع الدولي تحديات شديدة تفرضها الهجرة في مناطق البحر المتوسط والبلقان وبحر أندمان وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، لكن بالنسبة للمتّجرين بالبشر، هذه الصعوبات تمثّل فرص عمل، ليس هناك مكان آمن في العالم، فوفقا للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالبشر الذي صدر حديثا عن مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تمّ التعرف على ضحايا الاتجار في 124 دولة وكانوا من مواطني 152 دولة مختلفة، وتتزايد أعداد ضحايا الاتجار من الأطفال، لا سيّما الفتيات دون سن الثامنة عشر. وحثّ بان كي مون، الحكومات والشركات والأشخاص على دعم صندوق الأممالمتحدة الاستئماني لضحايا الاتجار بالأشخاص، المموّل حصريا من التبرعات، حيث يعمل الصندوق مع المنظمات غير الحكومية الشريكة من شتى أرجاء العالم للتعرّف على النساء والأطفال والرجال ممّن استغلهم المتّجرون لأجل منحهم الدعم والمساعدة التي يحتاجونها. وأشار إلى أن الصندوق قام بمساعدة حوالي 2000 ضحية سنويًا منذ عام 2011، موفرًا المأوى والخدمات الصحية الأساسية والتعليم والتدريب المهني ناهيك عن الدعم النفساني والقانوني والاقتصادي. ونوه إلى أنه لم يوجد تحسن ملموس في تصّدي العدالة الجنائية لهذه الجريمة على مدار العقد المنصرم، ففي الفترة المشمولة في التقرير العالمي أبلغ نحو 40 في المائة من البلدان ما يقل عن عشر إدانات سنويا، فيما لم يبلغ حوالي 15 في المائة من البلدان عن أيّة إدانة، مشيرا إلى أن هذا يبيّن درجة الإفلات من العقاب غير المقبولة، كما يسلّط الضوء على إفلات المجرمين من العقاب في الوقت الحالي.