«يفترض ضمن قواعد الشراكة الدولية للموازنات أن يجرى طرح مشروع أو مقترح الموازنة العامة ونشره للجمهور فى نفس توقيت بدء مناقشتها من قبل الحكومة، ولأن الدستور يشترط أن تبدأ هذه المناقشات قبل ثلاثة اشهر من بدء العام المالى، فى الأول من أبريل، فقد كان من الضرورى أن يُطرح مشروع البيان المالى لموازنة العام الجديد فى هذا التوقيت للنقاش العام»، تقول أميرة خليل الباحثة الاحصائية فى المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. والمركز المصرى هو شريك وزارة المالية فى برنامج الشراكة الدولية للموازنات فى مصر، ولكن هذا الشريك غير راضٍ عن شفافية الموازنة. ولم تطرح الحكومة مشروع الموازنة للنقاش مع المجتمع المدنى حتى الآن، قبل أيام من تطبيقها فى بداية العام المالى الجديد، مطلع يوليو. ولا يُظهِر توقيت إعلان إقرار الموازنة اهتماما من الحكومة بمناقشتها مع الرأى العام، حيث أعلنت الحكومة إقرارها لمشروع الموازنة للعام المالى القادم 2015/2016 أول ايام رمضان قبل وقت قليل من الإفطار، كما أعلنت إقرار الموازنة الحالية 2014/ 2015، فى أول أيام الانتخابات الرئاسية العام الماضى. ويرتبط تحسن أو تراجع تصنيف الدول فى مؤشر شفافية الموازنات ضمن هذه الشراكة، على معايير تتعلق بالأساس بنشر ثمانى وثائق متعلقة بالموازنة العامة فى توقيتات محددة، وهى: مقترح الموازنة العامة (البيان المالى)، والموازنة المعتمدة، وموازنة المواطن، والتقارير المالية الشهرية، وتقرير نصف العام المالى، والموازنة التمهيدية، والحساب الختامى، وتقرير مراجعة تنفيذ الموازنة العامة. ونشرت وزارة المالية الموازنة التمهيدية فى مارس الماضى، كما نشرت فى أكتوبر من العام الماضى موازنة المواطن وهى وثيقة مبسطة لغير المتخصصين لشرح الموازنة العامة، للمرة الثانية بعد توقف دام لأربع سنوات، إذ كانت قد نشرت للمرة الأولى فى 2010. وكانت وزارة المالية قد تعهدت بنشر تقرير نصف العام فى ديسمبر، لكنه لم ينشر، كما أن تقرير مراجعة العام المالى (تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات) غير متاح للنشر. وترى خليل أن ما يسمى بالحوار المجتمعى حول الموازنة أمر غير مرتبط بالواقع المصرى، «فإقرار الموازنة من قبل رئيس الجمهورية أصبح وشيكا مع قرب بدء العام المالى الجديد فى الوقت الذى يعد مشروع الموازنة نفسه حتى الآن سرا على الجمهور الذى سيدفع من ضرائبه وموارد بلاده مصروفات هذه الموازنة». «وبعد إقرار الموازنة لن يكون من المجدى الاطلاع على البيان المالى لأن قرار تمريرها سيكون قد صدر بالفعل وبالتالى فرأى الشعب لن يكون أحد معطيات تمريرها أو الاعتراض عليها»، وفقا للباحثة التى شددت على الأهمية الخاصة لطرح مشروع الموازنة فى توقيت مبكر نسبيا على الجمهور فى ظل غياب برلمان. وتراجع تقييم مصر من 49% فى مؤشر شفافية الموازنات عام 2010 إلى 12% فقط فى 2012. ومن غير المتوقع ان يساهم إصدار الموازنة التمهيدية ايجابيا على ترتيب مصر، كون التصنيف يضع فى اعتباره الخطوات التى اتخذتها الدول حتى نهاية 2014 فقط، ويعاد مراجعة التصنيف كل سنتين.