يخوض الائتلاف الحاكم في إسرائيل، الذي نجح رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو "بصعوبة" في تشكيله، أولى معاركه داخل الكنيست في دورته العشرين من أجل تمرير مشروع بتعديل أحد القوانين. ويسمح هذا التعديل لنتنياهو بزيادة عدد وزراء الحكومة التي يحددها القانون ب18 وزيرا فقط، وذلك بعد انتخابات مبكرة أجريت في مارس الماضي؛ ودفعت الليكود إلى الواجهة بحصوله على 30 مقعدا. يأتي ذلك في وقت تشهد فيه أروقة حزب الليكود صراعا على خلفية اعتراض نواب بالحزب على سياسة توزيع الحقائب الوزارية؛ وهو ما يهدد الغالبية البرلمانية "الهشة" التي سعى نتنياهو عبر مفاوضات "شاقة" استغرقت أكثر من 42 يوما إلى تشكيلها. وكلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، في مارس الماضي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو رسميا بتشكيل الحكومة. وقاد الأخير مفاوضات شاقة استغرقت فترتين، الأولى (28 يوما) قضاها دون تحقيق أي تقدم ملموس؛ ليمنح الرئيس في 20 أبريل لنتنياهو مهلة أخيرة أسبوعين، وينجح في تشكيلها. وقد تمكن نتنياهو الأربعاء الماضي من إبرام صفقة تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وذلك قبل ساعتين فقط من انتهاء المهلة المحددة لذلك، وهو ما مكنه من تفادي نقل مهمة تشكيل الحكومة إلى رئيس كتلة برلمانية أخرى، في خطوة كانت ستكون عاملا حاسما في مستقبله السياسي. ويرى الساسة في إسرائيل أن نتنياهو، الذي يقود الحكومة منذ عام 2009 بعد ولاية أولى من 1996 وحتى 1999، انتهى من معركة تشكيل الائتلاف الحكومي والآن يدخل في معركة لا تقل ضراوة عن المعركة الأولى، وهي معركة توزيع المناصب داخل حزب الليكود. ويتخوف نتنياهو من أن يرفض نواب من الليكود التصويت لصالح الحكومة بسبب عدم حصولهم على حقيبة وزارية، وهو ما يضعه في مأزق سياسي عميق قد يعصف بمستقبله. ودفع ذلك نتنياهو إلى إرجاء إعلان تشكيل حكومته الجديدة إلى الأربعاء المقبل، حيث كان من المفترض أن يقدم تشكيلة حكومته إلى الكنيست الإثنين، لكن ما وصفته ساسة تل أبيب ب"شهية" عناصر حزب الليكود حالت دون إتمام ذلك في هذا الموعد. ويسعى نتنياهو حتى الأربعاء إلى تعديل القانون الخاص ب"أسس تشكيل الحكومة" من أجل امتصاص حالة الغضب لدى أعضاء حزبه بزيادة عدد الوزراء من 18 إلى 20 وزيرا، وزيادة عدد نوابهم من أربعة إلى ستة، وهو القانون الذي أقرته إسرائيل عام 2014 بهدف خفض النفقات بعد أن ضمت الحكومة الثانية لنتنياهو (2009-2013) ثلاثين وزيرا، وهو العدد الأكبر في تاريخ إسرائيل. وسيقدم مجلس الوزراء الإسرائيلي نص القانون المعدل، الأحد، على أن يتم رفعه إلى الكنيست الإثنين، وفي حال ما تم التعديل؛ يعلن نتنياهو توزيع الحقائب الثلاثاء بحيث سيكون عددها نحو عشرين؛ ليعرض حكومته الجديدة أمام الكنيست لنيل الثقة الأربعاء المقبل. مأزق نتنياهو يضم ائتلاف نتنياهو الجديد 61 عضو كنيست من أصل 120 نائبا، وهو ائتلاف حكومي "هش"، خاصة وأنه أقل أغلبية ممكنة في البرلمان الإسرائيلي "المضطرب". فعضو واحد يستطيع إسقاط هذه الأغلبية "المتدنية"، ويعرقل تمرير أي مشروع قانون ينوي نتنياهو طرحه بل ويمكن إسقاط الحكومة إذا رغب في ذلك. وهو شأن ينصرف إلى التهديدات التى أطلقها النائب الدرزي فى الليكود أيوب قرا بشأن امتناعه عن حضور جلسة أداء الوزراء الجدد لليمين في الكنيست إذا لم يتم تعيينه وزيرا في الحكومة؛ وهو الأمر الذي يفقد حكومة نتنياهو نصابها القانوني للأعضاء المؤيدين للحكومة ب(60 +1). يشار إلى أن نتنياهو تمكن من الحصول على دعم حزب البيت اليهودي قبيل ساعات من انقضاء المهلة القانونية الممنوحة له لتشكيل الحكومة، بالإضافة إلى اتفاق أبرمه مع ثلاثة أحزاب أخرى هي كولانو (وسط)، وحزبين دينيين متشددين هما «يهودا هتوراة» و«شاس» ليصبح الائتلاف الحكومي يستند إلى خمسة أحزاب. وفى مقابل ذلك، تحشد المعارضة فى الكنيست - التي تقل بنائب واحد عن أغلبية نتنياهو - من أجل عرقلة مساعي حكومته اليمينية لاسيما وأن المعارضة يتصدرها المعسكر الصهيوني وهو تحالف انتخابي بين حزب العمل برئاسة إسحاق هرتسوج، وحزب «هتنوعا» (الحركة) برئاسة تسيفي ليفني، والذي حاز على 24 مقعدا بالكنيست، إضافة إلى حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل) بزعامة يائير لبيد الذي تسبب إقالته من حكومة نتنياهو السابقة هو وليفني في تبكير الانتخابات وحل الحكومة، وقد حاز على 11 مقعدا. وفى مفارقة غريبة، أضعفت من موقف نتنياهو يظهر حزب «يسرائيل بيتنو» برئاسة اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان الذي انسحب فى اللحظات الأخيرة من ائتلاف نتنياهو، وأعلن وقوفه فى صفوف المعارضة بعد أن استحوذ على حقيبة الخارجية في حكومات نتنياهو الثلاثة السابقة، وقد حاز على ثمانية مقاعد بالكنيست. وللمرة الأولى فى تاريخ إسرائيل يقف في صفوف المعارضة بقوة عرب إسرائيل، الذين حازوا على 13 مقعدا من خلال قائمة موحدة ضمت أربعة أحزاب عربية. وفى ضوء ذلك، حث زعيم «المعسكر الصهيوني» هرتسوج (غريم نتنياهو الشرس في الانتخابات الأخيرة) أحزاب المعارضة على ألا يتغيب أحد عن التصويت في الكنيست، وذلك في ضوء تطلعه نحو إفشال نتنياهو وإجباره على الاعتراف به شريكا في "حكومة وحدة وطنية" تدار بالتناوب بينهما، وهو الأمر الذي تحدثت عنه تقارير إسرائيلية من أن هرتسوج بدأ بالفعل فى الإجهاز على نتنياهو ودفعه نحو هذا المخطط، وأشارت إلى قيام هرتسوج بالتشاور مع ليفني ولبيد بهدف منعه من توسيع حكومته لاحقا.