حددت محكمة النقض جلسة 4 يونيو المقبل للنطق بالحكم في الطعن المقدم من النيابة العامة على براءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه السابقين ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، في القضية المعروفة إعلاميًا ب«محاكمة القرن». وتحسم «النقض» مصير مبارك في تلك الجلسة نهائيا إما برفض الطعن وتأييد حكم البراءات أو بقبول الطعن وتحديد جلسة أخرى لنظر موضوع القضية بخضور المتهمين والاستماع لأقوال الشهود، ويعد حكم المحكمة نهائيًا باتًا لا يجوز الطعن عليه. عرضت المحكمة، في بداية جلستها، فيديوهين لجلسة النطق بحكم البراءة الذي أصدره المستشار محمود الرشيدي والجلسة السابقة لجلسة النطق بالحكم. في بداية الفيديو الأول، أثبت الرشيدي حضور المتهمين وتحدث عن الحكم وكتابة حيثياته، قائلا: "تم نسخ تبيان للحكم على أسطوانات مدمجة بما لا يخالف القانون والأعراف القضائية، وتم عمل التبيان على ذاكرات إلكترونية للإعلاميين، والمحكمة أوجدت أقراصًا مدمجة عليها تبيان الحكم وقدم أقراص عليها الحكم للنيابة العامة". أعقب ذلك، عرض الفيديو الثاني للجلسة السابقة للنطق بالحكم والخاص بتطبيق المادة 14من قانون الإجراءات الجنائية، وبحسب الرشيدي فإنهم رأوا بالإجماع تطبيق المادة، الخاصة بإصدار الحكم في حالة وفاة المتهم. من جانبه، قال رئيس المحكمة المستشار أنور جابري، إنه "سيسمح لدفاع المطعون ضدهم بإبداء دفاعهم ودفوعهم بشكل مختصر، وإذا ارتأت المحكمة التأجيل لجلسة أخرى للاستماع باستضافة إلى المزيد من الدفوع وأوجه الدفاع، فإنها لن تتوانى عن اتخاذ مثل هذه الخطوة، وحتى يتسنى للدفاع كتابة المذكرات وتقديمها إلى المحكمة". بدوره، طالب فريد الديب محامي مبارك ونجليه برفض الطعن شكلًا استنادًا إلى أربعة أسباب، بأن مذكرة الطعن التي أودعتها النيابة العامة طعنا على الحكم أودعت في محكمة جنوبالقاهرة، في حين أن المحكمة التي أصدرت الحكم كانت محكمة جنايات شمال القاهرة، وتقرير الطعن المقدم من النيابة، جاء عامًا فضفاضًا خاليًا من بيان بأسماء المتهمين المطعون ضدهم، وهو الأمر الذي يمثل مخالفة إجرائية، باعتبار أن المتهمين متعددون ومراكزهم القانونية مختلفة. والسبب الثالث، أن مذكرة الطعن المقدم من النيابة العامة، ذيلت بتوقيع المستشار محمد إبراهيم المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام، وأرفق بالمذكرة قرار ندبه من النائب العام المستشار هشام بركات ل«إعداد مذكرة الطعن»، معتبرا أن هذا الأمر يخالف أحكام القانون، باعتبار أن قرار الندب لإعداد تقرير الطعن وليس للتوقيع عليه وتقديمه لمحكمة النقض. وأضاف أن "تقرير الطعن المقدم من النيابة بحق المتهمين، قد خلا من (اسم المحكمة) مصدرة الحكم، حيث اكتفى التقرير بذكر "محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم" دون تحديد اسم «محكمة جنايات القاهرة»، الأمر الذي ينطبق على كافة محاكم الجنايات بجميع المحافظات. كما طالب برفض طعن النيابة موضوعًا على الطعن المقدم من النيابة العامة، لعدم صحة ما ورد بتقرير الطعن من أن المحكمة أفشت سر المداولة قبل النطق بالحكم بإعطائها لاسطوانات مدمجة إلى أمين سر المحكمة وممثلي النيابة ومندوبي وسائل الإعلام، تحتوي على منطوق الحكم وأسبابه، لافتا إلى أن "الجميع قد رأى من المقطع المصور لجلسة النطق بالأحكام، ولم يتحرك أحدا أو اطلع على أسباب الحكم قبل النطق به من رئيس المحكمة المستشار محمود كامل الرشيدي". وأشار فريد الديب إلى "عدم صحة ما جاء بتقرير الطعن المقدم من النيابة العامة من لجوء المحكمة إلى (فنيين) لكتابة أسباب الحكم على الكمبيوتر، وما استدلت عليه النيابة في هذا الشأن من أن (ملخص الحكم) احتوى على أشكال هندسية توضيحية"، موضحا أن "أسباب الحكم لم تحتو سوى على الكلام المكتوب، وبعض الأشكال التوضيحية الواردة في أسباب الحكم، هي أمر بسيط معروفة لكافة مستخدمي أجهزة الكمبيوتر، خاصة وأن معهد تدريب القضاة يعطي للقضاة والمستشارين دورات مكثفة في استخدام واستعمال الكمبيوتر وفنونه، ومن ثم فإن النيابة قد جانبها الصواب في إبداء مثل هذا الدفع". وقال: "الاتهامات في قتل المتظاهرين كانت موجهة إلى 18 شخصا منهم مبارك والعادلي وأحمد نظيف وصفوت الشريف وأنس الفقي وأحمد عز، إلا أن النيابة العامة استقرت على اتهام العادلي ومساعديه الستة واستجوبتهم دون استجواب الآخرين، وما تضمنه الحكم من عدم جواز نظر الدعوى الجنائية عن الاتهام بقتل المتظاهرين بحق مبارك يرجع إلى أن النيابة العامة كانت قد سبق وحققت وتصرفت في الوقائع المتعلقة بذلك الاتهام، بإحالة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و4 من كبار مساعديه إلى المحاكمة الجنائية، بعد أن انتهت تمامًا من الاستماع إلى كافة الشهود والمبلغين وإصدار قرار الاتهام فيها بتحديد المسؤوليات الجنائية، وهو ما يشكل قرارا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل مبارك". وأشار فريد الديب إلى "صحة ما انتهى إليه حكم المحكمة، من انقضاء الدعوى الجنائية بحق مبارك في شأن الاتهام الخاص باستغلال النفوذ وتقاضي رشاوى مالية تتمثل في فيلات بمنتجع شرم الشيخ له ولنجليه علاء وجمال من رجل الأعمال المتهم حسين سالم، ومدة التقادم تبدأ من تاريخ بدء وقوع الجريمة، التي وقعت في عامي 1997 و1998 شريطة عدم تدخل المتهم بأي فعل يقطع هذا التقادم"، مقدمًا مجموعة من أحكام محكمة النقض التي تؤكد صحة كلامه في شأن انقضاء الدعوى الجنائية. وقال عثمان الحفناوي، مدع بالحق المدني، إن "القضية قضية شعب وإنه محامي الشعب المصري" وذلك بصوت مرتفع مما أدى لاستياء القاضي ورفع الجلسة، ثم أعقبها هتافات من أنصار مبارك المتواجدين بالقاعة عبد العزيز باشا فهمي بدار القضاء العالي. كما دفعت النيابة العامة في مذكرة طعنها، "بعدم صلاحية (الرشيدي) وبطلان حكمه"، لما وصفته ب"إفشائه أسرار الجلسات والمداولة قبل النطق بالحكم من خلال إعطائه الحكم وحيثياته لمهندس مختص لوضعها على أسطوانات مدمجة بمعرفة فني مختص بما من شأنه معرفته للحكم قبل النطق به بالمخالفة للقانون". وحال قبول محكمة النقض دفع النيابة العامة بعدم صلاحية الرشيدي، فإن حكمه يعد منعدمًا وباطلا، وتعاد محاكمة مبارك وباقي المتهمين أمام محكمة جنايات أخرى بعد إلغاء الحكم الأخير. وأوصت نيابة النقض بقبول طعن النيابة العامة على أحكام البراءة شكلا وموضوعًا، مستندة إلى 3 أمور أساسية، أولها: أن قاضي الجنايات، الرشيدي، أفشى أسرار المداولة وأعطى الحكم وحيثياته لسكرتير الجلسة أو شخص آخر لنسخهما قبل النطق بالحكم على المنصة، وهذا مخالف للقانون، والأمر الثاني، أن الجداول التي أعدت في حيثيات الحكم على الأسطوانات تحتاج إلى خبرة في ذلك لا تتوافر لقاض، مما يدل على أنه أعطى البيانات لمختص فني لإعدادها ووضعها على أسطوانات مدمجة قبل النطق بالحكم على المنصة بالمخالفة للقانون، أما الأمر الثالث، أن "الرشيدي في الجلسة السابقة لجلسة النطق بالحكم أعلن أنه سيحكم على مبارك والمتهمين في الجلسة القادمة حتى لو تحققت المادة 14 الخاصة بوفاة المتهمين، مما يدل على أن القاضي أفصح عن عقيدته في الحكم بالبراءة لأنه لا يجوز إدانة المتهم بعد وفاته، وتقدمت نيابة النقض بأسطوانة مدمجة لجلسة النطق بالحكم، لعرضها أمام المحكمة. كانت محكمة الجنايات برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي قضت في 29 نوفمبر الماضي بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضد مبارك لسابقة صدور أمر ضمني من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضده، وببراءة وزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه السابقين، في اتهامهم بقتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير، وبراءة مبارك من تهمة إهدار المال العام في صفقة تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، وبانقضاء الدعوى الجنائية قبله ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، بالتقادم في جريمة الرشوة واستغلال النفوذ.