دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري، السبت، إلى "مصالحة فعلية" بين الغالبية السنهالية وأقلية التاميل في سريلانكا، البلد الذي عانى طويلاً من حرب أهلية دامية. وخلال الزيارة الأولى لوزير خارجية أميركي إلى كولومبو منذ العام 2005، رحب كيري ب"التقدم الكبير" الذي تحقق منذ وصول الرئيس المنتخب ديمقراطيًا ماثريبالا سيريسينا إلى السلطة في يناير الماضي، بعد أن تغلب على الرجل القوي السابق في النظام ماهيندا راجاباكسي. ورحبت الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية كثيرًا بهذا الانتقال الديمقراطي السلس بعد سنوات من الخلافات بين الدول الغربية والحكم في سريلانكا، المتهم بإنهاء تمرد التاميل الذي تواصل لثلاثة عقود بوحشية، ما أدى إلى سقوط عشرات آلاف القتلى. ووعد الرئيس الجديد سيريسينا بتشجيع جهود المصالحة مع أقلية التاميل أكثر مما كان يفعل سلفه، الأمر الذي رحب به وزير الخارجية الأميركي. وقال كيري، في خطاب ألقاه إثر لقائه رئيس البلاد، "إن سيريلانكا تمر في مرحلة مصيرية. السلام قائم لكن المصالحة الفعلية بحاجة لمزيد من الوقت". وأضاف "أن سلامًا فعليًا دائمًا بعد حرب أهلية يحتاج لمواقف سياسية تسهل المصالحة". وكشفت السلطات الجديدة عن برنامجها الإصلاحي الجديد، الذي يشمل خصوصًا تحقيقًا في الفساد ضد نظام راجاباكسي السابق، بالإضافة إلى تعاون أعلنته كولومبو مع الأممالمتحدة حول انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في نهاية الحرب الأهلية. وقال كيري أيضًا "نأمل بأن تواصل الحكومة التعاون مع الأممالمتحدة"، وطالب "بإطلاق سراح السجناء السياسيين" الذين لا يزالون محتجزين. وتحقق الأممالمتحدة مدعومة بواشنطن منذ أكثر من عام في جرائم حرب محتملة قد تكون ارتكبت خلال الهجوم النهائي للجيش على مواقع التاميل؛ ما أدى إلى وقوع أكثر من 40 ألف قتيل. وحصلت سريلانكا في فبراير الماضي على إرجاء لتقرير الأممالمتحدة، لكي يتسنى للسلطات إقرار قانون محلي وإجراء تحقيقاتها الخاصة بشأن هذه المجازر المحتملة. وقد استمر النزاع بين التاميل والجيش من 1972 إلى 2009، وأسفر عن 100 ألف قتيل بالإجمال كما تفيد تقديرات الأممالمتحدة. وخلال حكم راجاباكسي، كانت واشنطن على وشك فرض عقوبات على كولومبو بسبب رفضها السماح بتحقيقات حول أعمال القتل والتجاوزات التي وقعت مع انتهاء الحرب في 2009 بين نمور التاميل والقوات الحكومية. ومع توتر علاقات سريلانكا بالغرب وبالهند، لجأ راجاباكسي بشكل متزايد إلى بكين؛ حيث ازدهرت مشاريع استثمارات بتمويل صيني في أنحاء الجزيرة. ومنذ وصوله إلى السلطة، يحاول سيريسينا إعادة التوازن للتحالفات الدبلوماسية واختار الهند للقيام بأول زيارة إلى الخارج وعرض علاقات صداقة على دول أخرى رئيسية كانت على خلاف مع سلفه. وكان كيري أعلن قبل ذلك في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره السريلانكي مانغار ساماراويرا، عن إقامة "شراكة سنوية للحوار" بين البلدين. وقال: "تكلمنا اليوم عن تقدم هائل حققته سريلانكا خلال بضعة أشهر فقط". وكان الوزير السريلانكي زار واشنطن في فبراير الماضي. وتابع كيري: "وعدته بأن الولاياتالمتحدة تريد العمل مع سريلانكا ومساعدتها بكل الوسائل الممكنة"، معتبرًا أن سريلانكا "واعدة جدًا جدًا للمستقبل". ورد عليه نظيره السريلانكي قائلاً: "اليوم يسجل بداية صداقة استثنائية جدًا جدًا". وأضاف كيري: "في هذه المسيرة لإقرار ديمقراطيتكم يقف الشعب الأميركي إلى جانبكم". وتقع سريلانكا في جنوب شرق الهند وتحتل موقعًا استراتيجيًا عند ملتقى طرقات بحرية مهمة في المحيط الهندي يرتدي أهمية كبيرة بالنسبة للصين والهندوالولاياتالمتحدة.