يبقى "الفانوس" تاريخيًا علامة مميزة من علامات شهر رمضان في العالم العربي، وفي مصر بشكل شديد الارتباط، حيث إن أول من أقرن اسمه برمضان هم المصريون. حيث يعود ارتباطه «برمضان المصري» للخامس من رمضان سنة 358 هجرية، عندما دخل المعز لدين الله الفاطمي القاهرة، والتي اقترنت فيما بعد باسمه أيضًا «القاهرة الفاطمية، وقاهرة المعز». في ذلك اليوم استقبل المصريون موكب المعز لدين الله الفاطمي، على أطراف صحراء الجيزة، وكانوا يحملونه ملونًا ومزينًا لإضاءة الطريق إليه، وهكذا اكتمل رمضان وهو يبعث الأضواء الملونة لشوارع القاهرة حتى آخر شهر رمضان، ومن هنا أصبح عادة مصرية ورمزًا للشهر وتسيد العادة والتقاليد المصرية في رمضان وأصبح اسمه «فانوس رمضان». الفانوس ارتبط أيضًا بشباب هذه الأيام أطفال «التسعينات و التمنينات» بشكله التاريخي الفاطمي، ومع تطور التكنولوجيا والانفتاح الاقتصادي والاستيراد، تدخلت الصين كعادتها لتقلد منتجات مرتبطة بثقافة الشعوب لاسيما المصرية، وبالتالي قلدت الفانوس الذي أبدعناه فصدرته لنا، وغيرت في ثقافة الفانوس وقدمته على أشكال شخصيات كارتونية ولاعبي كرة، وهو ما أفقد الفانوس هويته الشعبية والتاريخية. قررت الحكومة المصرية مؤخرًا منع استيراد الفوانيس من الخارج وحددت الصين، القرار الذي من شأنه أن يدعم الصناعة المحلية لهذا «المنتج التراثي» من الناحية الاقتصادية، ورأى الصناع القرار بمثابة حماية للهوية الوطنية وحفاظ على التراث المصري، فضلا عن إعادة الروح للورش الصغيرة وفي توفير فرص العمل للكثير من العمالة الحرفية. الورش الصغيرة والبائعين سعداء يقول الحاج أبو شريف، أحد صناعي وبائعي الفوانيس من ورشته الصغيرة بمنطقة الدرب الأحمر "هذا القرار جاء متأخرًا سنوات، ليس فقط بسبب الأزمة المادية وانهيار الصناعة، ولكن لأن الاستيراد للفانوس الصيني تعدى على هوية الطقوس الرمضانية، وطمس معالمها التي بقيت لنا من كل الأشياء الأخرى". فرمضان عرف في زمننا وزمنكم «يقصد جيل الشباب الذي عاصر الفانوس الأصلي»، بطقوس وتفاصيل ترافق الطقوس الدينية، كألف ليلة وليلة، ومسلسلات إسماعيل عبد الحافظ وأسامة أنور عكاشة، ويحيى العلمي، وفوازير نيلي و شريهان، والفانوس الصفيح الملون ذو الأشكال المتعددة، وزينة الشوارع المتصلة بين البيوت. يكمل أبو شريف، لم يعد هناك نيلي ولا شريهان، ولكن بقى الفانوس بأصالته وشكله وتصميمه العتيق، وحينما فتحوا الطريق للاستيراد لم يعد للفانوس هوية، فما معنى أن يمسى "كرومبو" أو "حسن شحاتة" بفانوس رمضان ويقدمه الأهالي للأطفال على على أنه فانوس رمضان، إن هذا القرار سيعيد الأمور لطبيعتها قليلًا فلازال هناك بواقي صينية من العام الماضي. ويرى أبو شريف، أنه من ناحية أخرى فإن القرار يعيد الحياة للصناعة المحلية اليدوية، ويعيد تشغيل الورش التي أغلقها أصحابها مستلمين للفانوس الصيني، فالصينيين حتى لم يتركوا الفانوس التقليدي للسوق المصري بل وجدوا أن هناك فئة تشتريه فقلدوه بخامات وجودة أقل وسعر أقل طبعًا الآن، هذا القرار أفضل بكثير. وفي منطقة باب الشعرية، اتفق هيثم أحد تجار الفوانيس مع كلام أبو شريف، حيث قال إن "الفانوس الصيني كان "غمة" على السوق المصري، وشخصيًا لم يكن يجد متعة في عرضه كفانوس، كيف يكون «دبدوب أو كرمبو» ونكتب على علبته فانوس رمضان "احنا بنشتغل نفسنا" الفانوس هو ما عرفته مصر الفاطمية بأشكاله المختلفة الملونة سواء الطويل أو الدائري الشكل أو على شكل مسجد". وأضاف، أنا "كتاجر أرى أن هذا القرار سيساعد العمالة اليدوية في إعادة تشغيل ورشهم التي أغلقت بسبب الفوانيس الصينية المقلدة، وفوانيس كرومبو وغيرها". ويرى هيثم، أن "قرار منع الاستيراد سيكون سلاح ذو حدين فهناك الكثير من التجار لا يجيدون التعامل مع الفانوس الصفيح والنحاس، قد يكون ما أقوله غريبًا لكنه حقيقة، فهناك فرق بين تاجر فوانيس وتاجر ألعاب ومن ضمنها الفوانيس". وهذا يعني أن من لا يجيد مهارة بيع الفانوس المصري الأصلي سيتضرر من هذا القرار، لكن على الجانب الآخر ستجد انتعاشًا في الصناعة نفسها والصناعات التابعة "المواد الخام" المكونة للفانوس "زجاج، صفيح، نحاس، لحام، شمع ولمبات" كل هذه القطاعات ستعمل. ويرى هيثم، أنه بطبيعة الحال سيرتفع لأن "الدنيا غليت"، بالإضافة إلى أن الطلب سيزيد على المنتج وهو ما يتطلب عمالة زائدة وتكلفة أكثر على المنتج، لكن الزيادة لن تكون خارج متناول المواطن المصري العادي، فالمصنع شعبي ويعيش حياة المواطن المطحون في الحياة. الناس في الشارع تؤيد القرار يقول محمد عصام "28 سنة" أنا "مؤيد جدًا لهذا القرار، هذا من القرارات المحترمة النادرة التي تتخذها هذه الحكومة، هذا القرار يحافظ على هوية مصر التاريخية والشعبية، ويقف كحائط صد للمستوردين الذين لا يهمهم في الأمر سوى جمع المال فلا يعنيهم التاريخ والثقافة الروح التي يضفيه التمسك بالتراث المصري". وتتفق معه محمد الشيخ 37 سنة، حيث أكد أن "الفشل الذي لاحق المظاهر الشعبية المصرية و الطقوس الرمضانية بسبب الصين، وتقليدها لتراثنا المتمثلة في "فانوس رمضان"، فصار الفانوس التاريخي الذي أصبح أيقونة لرمضان في باقي دول العالم، كرومبو و هيفا ولاعيبة كورة، أنا مؤيد جدا لهذا القرار الذي جاء من حكومة لا أطيقها من الأساس". المستوردون يتضررون : لا ننافس الفانوس الصاج فيما رأى أحمد أبو جبل، رئيس شعبة الخردوات ولعب الأطفال باتحاد الغرف التجارية، أن القرار جاء في وقت غير مناسب وكان الأجدر اتخاذ مثل هذا القرار قبل الموسم بفترة مناسبة حتى يتسنى للتجار والمستوردين اتخاذ التدابير اللازمة. وطالب أبوجبل، بتوضيح موقف الشحنات التي تم التعاقد عليها قبل صدور القرار، وهل سيتم منع دخول هذه الصفقات للبلاد من تاريخ القرار أم لا؟ وقال إن "مصر تصدر الفانوس إلى الخارج، وهذا لن تتأثر صناعته بالاستيراد وفيما يخص الفانوس الصاج المعروف تاريخيًا وشعبيًا والذي يوضع في البلكونات والساجد و يعلق كزينة في الشوارع فلن يمس وله رواج وعميله يعرفه جيدًا، والذي يم اسيراده هو فقط الفانوس البلاسيك وهو لعبة للأطفال وليس منافسًا للفانوس المصري المصنع يدويًا".