اعتبر محللون أن طهران والقوى العظمى نجحت في تحقيق اختراق من خلال التفاهم على اتفاق إطار حول الملف النووي الإيراني لكن لا يزال يتعين القيام بعمل هائل لإنجاز اتفاق تاريخي نهائي، بمعزل عن المعارضين للاتفاق - من إسرائيل إلى خصوم الرئيس باراك اوباما الجمهوريين- الذين قد يضاعفون الجهود سعيا لنسف العملية. ولخص المحلل في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز أن ما أنجز يبقى "هشا جدا" لافتا إلى القوة "المخيفة" لمعارضي هذا الاتفاق، فضلا عن ذلك "هناك مسائل عديدة شائكة للغاية سيتوجب حلها في الاشهر الثلاثة المقبلة"، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل والاتفاق الاطار الذي اعلن مساء الخميس في لوزان يتضمن جوانب عديدة ضبابية وغامضة. توصلت الدول الكبرى (الولاياتالمتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين وألمانيا) وايران بعد سنة ونصف السنة من المفاوضات المكثفة الى وضع وثيقة إطار من أربع صفحات تحدد ثوابت النقاط الأساسية للتفاوض وهي تخصيب اليورانيوم، المراقبة وعمليات التفتيش، العقوبات ومدة الاتفاق. وهذه الوثيقة تعتبر مقدمة لما سيكون عليه اتفاق نهائي. وبحسب نسخة اميركية للنص تتعهد ايران بخفض عدد اجهزتها للطرد المركزي التي تسمح بتخصيب اليورانيوم بمقدار الثلثين، وستحتفظ بستة الاف منها مقابل 19 الفا حاليا (منها عشرة الاف مشغلة). إضافة إلى ذلك سيخفض مخزون اليورانيوم المخصب التي تملكه إيران بأكمله تقريبا (98 %)، ومفاعل اراك للمياه الثقيلة الذي يثير قلق الغربيين بشكل خاص، سيعاد بناؤه ليقتصر على الأبحاث وإنتاج النظائر المشعة الطبية بدون إنتاج البلوتونيوم، المادة الأخرى التي يمكن استخدامها للتوصل إلى صنع القنبلة الذرية، وسيخضع لعمليات تفتيش مشددة للأمم المتحدة. وهذه النقاط المختلفة تسمح بحسب الولاياتالمتحدة بتمديد الفترة الزمنية اللازمة لإنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لصنع سلاح نووي لسنة (بدلا من شهرين إلى ثلاثة أشهر) ما يتيح الوقت للقوى العظمى للتحرك. وفي مقابل هذه التعهدات يقضي النص بان ترفع العقوبات الاميركية والاوروبية وخاصة الدولية التي تفرضها الاممالمتحدة تبعا لاحترام ايران لالتزاماتها، لكن يمكن ان يعاد فرضها ايضا. ويرغب الأيرانيون الذين نزلوا مساء الخميس الى شوارع طهران للاحتفال بالاتفاق، قبل اي شيء في رفع العقوبات التي تخنق اقتصادهم منذ سنوات بشكل سريع، لكن العقوبات لن ترفع دفعة واحدة بل ستخفف بصورة تدريجية وفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسينكب الخبراء الدوليون خلال الأشهر الثلاثة المقبلة على جدول زمني واضح لتحديد العقوبات التي سترفع وفي اي وقت وتبعا لاي تدابير واضحة ستتخذها ايران. وكرر وزير الخارجية الاميركي جون كيري كبير المهندسين للاتفاق مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف "كنا في منتهى الوضوح، علنا وفي المجالس الخاصة: اي اتفاق نهائي لن يكون مستندا الى وعود. (بل) سيكون مرتكزا على ادلة". وقال دبلوماسي غربي بلهجة مازحة "هذه الادلة الودية" ضرورية في علاقة ما زالت متميزة بالريبة والتشكيك المتبادلين بين ايران والقوى العظمى. ولفتت المحللة كيلسي دافنبورت الاختصاصية في مسائل عدم الانتشار النووي إلى أن الاتفاق الإطار الذي تم التوصل اليه في لوزان "لا يحدد جدولا زمنيا معينا كي تمتثل إيران للتدابير المطلوبة في إطار تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية". لكن بالرغم من نقاطه غير الواضحة وجوانب الظل فيه "فان الأهمية الاساسية لهذا الاتفاق حول الثوابت الرئيسية للملف لا يمكن الاستهانة بها". ولفت فايز الى ان ضغوط الجمهوريين قد تجعل اي رفع للعقوبات الاميركية امرا صعبا، واي اقتراح قانون يتوجب التصويت عليه في 14 إبريل قد يرغم الرئيس اوباما على الحصول على موافقة اعضاء الكونغرس قبل ابرام اتفاق نهائي. وراى توم كولينا من مؤسسة بلوشيرز فاند انه "يفترض تجنب اتخاذ تدابير في مجلس الشيوخ الاميركي من شأنها ان تنسف الاتفاق الإطار لأن ذلك قد يقتل الاتفاق قبل ابرامه".