قومى المرأة يشارك فى مهرجان 16 يومًا لمناهضة العنف ضد الإناث    "إيرينا يسري" ترد على شائعات ارتباطها بمصطفى أبو سريع    ضعف مياه الشرب عن بعض قرى بنى سويف.. «اعرف الأسماء والمدة الزمنية»    وزير الخارجية: ناقشت مع لافروف تطورات الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية    خليفة بونو، إنزاجي يتخذ قرارًا حاسمًا    إخلاء سبيل والدة الإعلامية الراحلة شيماء جمال في بلاغ تهديد بالقتل    أثناء حضورهما مسرحية أم كلثوم، المسلماني يرحب برئيس الهيئة الوطنية للإعلام بدولة الإمارات    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    أسس كتابة القصة القصيرة في لقاء أدبي بثقافة الإسماعيلية    مجلس وزراء الصحة العرب يسلم أحمد طه جائزة الطبيب العربي لعام 2025    ترامب لا يستبعد الحرب مع فنزويلا    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    أبرزها صدام نيجيريا وتونس.. مواعيد مباريات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    رئيسا وزراء مصر ولبنان يترأسان جلسة مباحثات موسّعة لبحث سُبل تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية المختلفة.. ومدبولي يؤكد أهمية تطبيق ما تم التوافق عليه خلال أعمال اللجنة العليا المصرية اللبنانية    يبدأ رسميًا 21 ديسمبر.. الأرصاد تكشف ملامح شتاء 2025 في مصر    محافظ أسيوط يطلق مبادرة كوب لبن لكل طفل دعما للفئات الأولى بالرعاية    افتتاح مسجد نادي جامعة أسيوط بعد تجديد شامل    وزير الخارجية: العلاقات مع روسيا شهدت طفرة استراتيجية على جميع الأصعدة    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    سوريا: عقوبات "قيصر" انتهت دون شروط أو تهديد بإعادة فرضها    تعرف على خريطة ما تبقى من انتخابات مجلس النواب 2025    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    ضبط 99530 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 116 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    تنفيذ 27 حملة تفتيش وتحرير 156 محضرا فى حملة تموينية بالوادى الجديد    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أفضل أوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة – اغتنم الساعة المباركة    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لكلمة السيسي أمام البرلمان الإثيوبي
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 03 - 2015

ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة، اليوم الأربعاء، أمام البرلمان الإثيوبي، في ختام زيارته لأديس أبابا، وفيما يلي النص الكامل للكلمة..
السيد/ رئيس جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية
السيد/ رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية
السيد/ رئيس مجلس نواب الشعب الإثيوبى
السيد/ رئيس المجلس الفيدرالىالإثيوبى
السيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الفيدرالى
الحضور الكريم...
إنها لحظة تاريخية فارقة ... تلك التى أقف فيها أمامكم ...فى بيت الشعب الإثيوبى... لأحمل لكم رسالة أُخُوَّة صادقة ومحبة خالصة ... وأيادٍ ممدودة بالخير ... تنشد التعاون من أجل التقدم والرخاء ... من أخوتكم فى مصر ... الذين تطلعوا معكم لتلك اللحظة ...التى تجسد إرادة سياسية متبادلة للحوار والتواصل والتعاون على كافة المستويات ومن خلال مختلف المحافل ... فنحن ومنذ بدء التاريخ ... ننهل ونرتوى من نهر النيل العظيم ... الذى أجراه الخالق ليحمل الحياة والنماء لشعوب حوضه ... إنه النهر الذى باتت مياهه تجرى دماءً فى عروق المصريين والإثيوبيين الذين سيظلون دوماً أشقاء ... ولن يسمحوا لأى خلاف بأن يدب بينهم أو أن ينال من قوة الروابط التى تجمعهم ... وهو ما يؤكده تواصلى المستمر مع أخى رئيس الوزراء الإثيوبى منذ لقائنا الأول فى مالابو ... وثقتىكاملة فى أنه يتطلع معى إلى توثيق وتفعيل ما بيننا من صلات والبناء عليها فى كل المجالات ... وقد تأكدت تلك الثقة عندما سعدت بلقاء الأخ العزيز رئيس مجلس نواب الشعب الإثيوبى فى القاهرة بصحبة نخبة من أعضائه ووفد الدبلوماسية الشعبية ...
إن تلك الصلات التى تجمع بين بلدينا زادت قوة بانتمائنا معاَ إلى عائلة واحدة هى قارتنا الأفريقية التى تستضيف أديس أبابا رمز وحدتها ... حيث كانت مصر من أشد المتحمسين لأن تكون هذه المدينة مقراً لها ... لقد كان وقوف بلدينا فى طليعة الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية أقوى تعبير عن إدراكهما لارتباط مصير أبناء تلك العائلة الأفريقية وحتمية نضالهم معاً من أجل التحرر والاستقلال والوحدة ... وأنه لا بديل عن تلبية نداء التعاون حتى يمكن لشعوب أفريقيا مجابهة التحديات التى كانت تواجهها ... واليوم وإن اختلفت طبيعة التحديات لكنها زادت جسامة وتعقيداً ... على نحو بات يحتم علينا درجة أوثق من التعاون والتضامن ومزيداً من الفهم المشترك للبناء على ما يجمعنا...
السيدات والسادة...
إننى وباِسم تلك الأخوة وهذا المصير المشترك ... ومن منطلق مسئوليتنا جميعاً إزاء شعوبنا وأجيالنا القادمة ... أدعوكم اليوم كى نكتب معاً صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات المصرية الأثيوبية ... نسطر فيها آمال وطموحات شعبينا ... نتطلع فيها إلى مستقبلنا المنشود ... مستقبل زاخر بالرخاء ومفعم بالأمل ... ونستلهم فيها أفضل ما فى تاريخنا من قيم سامية ومواقف مُشرقة لن ينساها التاريخ ... من رحلة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عليهما السلام طلباً للأمان فى بلادنا التى باركها الله فى الإنجيل والقرآن ... إلى لجوء المسلمين الأوائل لإثيوبيا هرباً من الاضطهاد حيث لقوا الحماية والرعاية من أهلها ... وصولاً إلى كفاحنا ضد الاستعمار وتدخل القوى الطامعة فى بلادنا ...
أدعوكم أيضاً لنأخذ العبرة من الصعاب التى خضناها... ومن العقبات التى اعترضت سبيل علاقاتنا ... لكى نتخطى سلبيات الماضي التى يجب أن نتفق على أنها لن تضع قيوداً على الحاضر ... ولن تعيق تطلعاتنا نحو المستقبل ... نعم ... نحن بحاجة إلى بناء جسور الثقة ... لكننا نريد أيضاً أن نسد فجوات الشك والريبة التى ما كان يجب لها أن تُترك لتتمدد ... أو أن تصبح هُوَّة تفصل فيما بيننا ... وتلك مسئولية مشتركة تقع على عاتق السياسيين والمثقفين والإعلاميين فى بلدينا ... باعتبارهم قادة الرأى والفكر ... وعليهم أن يرتقوا إلى قدر المسئولية الجسيمة التى يحملونها أمام الله وأمام الشعوب ... فمن الواجب علينا معاً أن نترك لأجيالنا الجديدة ميراثاً أفضل مما آل إلينا ...
كما نحتاج إلى أن نكتب معاً صفحة جديدة فى تاريخ علاقاتنا الثنائية نستفيد فيها من مبادئ العصر الحديث الذى نعيشه ... وعلى رأسها التعاون وتحقيق المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة ... فمن يَنشُد التقدم فى عالم اليوم يدرك أن عليه تجنب النزاعات غير المُجدية ... والنأى ببلاده عن الصراعات التى تستنفد الطاقات والموارد الثمينة ... والتى يجب توجيهها عوضاً عن ذلك إلى التنمية وتحقيق الرخاء ... من أجل الارتقاء على دروب العلم والمعرفة وامتلاك الأدوات التى تكفل استدامة التقدم والرقى ...
السيدات والسادة...
أدعوكم اليوم لكى نضع معاً ركائز مستقبل أفضل لأبنائنا ولأحفادنا ... مستقبلٌ تُضاء فيه كل فصول المدارس فى إثيوبيا ... ويشرب فيه كل أطفال مصر من نهر النيل كعهد آبائهم وأجدادهم ... مستقبلٌ يتسع فيه اقتصاد البلدين ليستوعب قوتهما العاملة بما يضمن العيش الكريم لشعبينا ... ويحقق الإنتاج الوفير لبلدينا ... ولكى يستعيدا مكانتهما بين الأمم بما يتسق مع تاريخهما وقدراتهما ... فلا ينبغى أبداً أن يأمن أحدنا على مستقبله دون الآخر... أو أن يبنى رفاهيته على حساب أخيه ... فكما أن لبلدكم الشقيق الحق فى التنمية... وفى استغلال موارده لرفع مستوى معيشة أبنائه ... وكما لا ينبغى أن يشهد القرن الحالى مشاهد الجفاف والمجاعة التى أدمت قلوبنا جميعاً وتألمنا لها فى القرن الماضى ... فإن لأخوتكم المصريين أيضاً الحق ليس فقط فى التنمية ولكن فى الحياة ذاتها... وفى العيش بأمان على ضفاف نهر النيل الذى أسسوا حوله حضارة امتدت منذ آلاف السنين ودون انقطاع ...
إن هذه الحضارة التى أقامها المصريون أدركت منذ القدم قيمة النهر العظيم فكان يوم وفائه عيداً ... وخاطبه المصريون بالشعر والغناء كأنه يسمع ويعى مدى اِرتباطهم به ... إن ذلك التخليد ليس إلا تعبيراً بسيطاً عن محورية النيل الذى كان ولا يزال المصدر الوحيد للمياه ... بل وللحياة ... لما يقرب من 90 مليون مصرى يعيشون على جانبيه ويتعلقون به ... وتقوم حياتهم فى الوادى الضيق الذى يشقه نهر النيل وسط صحراء شديدة الجفاف تمثل نحو 95٪ من مساحة مصر ... كما أن نشأة الدولة المصرية ذاتها ارتبطت بدورها الرئيسى فى تنظيم الحياة حول نهر النيل ... وفى إدارة حقوق المواطنين فى الاستفادة من مياهه ... وقد امتد هذا الدور على مدى العصور التالية تأكيداً للارتباط الوثيق بين مصر وبين نهر النيل... فقامت الحضارة المصرية وأبدعت فى مختلف مجالات الحياة لتسهم فى إثراء التراث البشرى ... واليوم وبرغم زيادة السكان بمعدلات كبيرة وتعاظم الاحتياجات وتوسعها لتحقيق متطلبات التنمية الشاملة ... لم تشهد موارد مصر من المياه أية زيادة تتناسب مع كل هذه الاستخدامات الأساسية ... إننا بإذن الله عازمون على أن تعود مصر لمكانتها وعلى أن تزداد حضارتها تألقاً ... على أن يكون التعاون والمشاركة وسيلتنا لتحقيق النماء والازدهار والرخاء لنا فى مصر ولأشقائنا فى إثيوبيا وفى حوض النيل بأكمله ... لاسيما فى ظل ما لدى دول الحوض من الموارد ومن الإمكانيات البشرية ... وذلك فىإطار سياسة الانفتاح على إفريقيا التىتحرص عليها مصر الجديدة .. التىلا تكتفى بالأقوال بل تتخذ من الأفعال سبيلاً لتعزيز علاقاتها العضوية مع قارتها الأم ودولها الشقيقة ...
السيدات والسادة...
إن لدينا اليوم الفرصة السانحة لنصوغ معاً رؤيةً طموحاً للمستقبل ... حتى يسجل التاريخ أننا كنا على قدر المسئولية التى تحملناها... وأننا سعينا دون تقصير لضمان حقوق شعوبنا الأساسية ... بما فى ذلك الحق فى حياةٍ كريمةٍ خاليةٍ من الجوع والعطش ... ومن الظلام والفقر... للوفاء بالوعود التى قطعناها على أنفسنا لأبناء الوطن نحو مزيد من التنمية ... والتى نثق أنها سوف تمتد حتماً لتعُم دول المنطقة وقارتنا بأكملها ... عندما نقدم مثالاً يُحتذى به للتعاون والعمل المشترك والمثمر... لدينا اليوم هذه الفرصة ... من خلال إنفاذ الإرادة السياسية التى أنجزت اتفاق المبادئ الذى وقعنا عليه فى الخرطوم مؤخراً ... وذلك باِستكمال الإجراءات الدستورية فى دولنا حتى يدخل حيز النفاذ دون إبطاء أو تأجيل ... فالعبرة ليست بالكلمات والشعارات ... ولا بتوقيع الوثائق والاتفاقيات ... وإنما بتنفيذها بصدق وإخلاص ... ولسوف تذكر الأجيال القادمة أننا اخترنا فى لحظات حاسمة أن ننحاز إلى مستقبل أفضل ... وألا نبقى أسرى للماضى ... وأن نحلق نحو آفاق أرحب من التعاون ... دون قيود من الشك والريبة ... وسوف تجد الأجيال القادمة أيضاً أن الاتفاق الذى أنجزناه كان هو السبيل إلى ذلك الأفق الذى مضينا إليه... على أساس قوى من الثقة المتبادلة والتفاهم المشترك حول المبادئ والإجراءات التىأرسيناها معاً من خلال الاتفاق الذى تم توقيعه ...
كما أن اتفاقنا لابد أن يدفعنا لاستغلال القواسم المشتركة التى تجمع بين مصر وأثيوبيا والسودان وجنوب السودانفى إطار حوض النيل الشرقى ... والتى تؤهل هذه الدول الشقيقة جميعاً للبناء على ذلك الاتفاق الذى وقعنا عليه... من خلال صياغة وتنفيذ الخطط للتعاون وللاستفادة من مواردنا المشتركة للتغلب على المشكلات وتحقيق الفوائد المتبادلة ...
فلنعمل إذن من أجل مواطنينا ... ولنقدم لأبناء قارتنا نموذجاً يُجسد معانى الأخوة والتفاهم ... ويتبنى فى ذات الوقت مبادئ التعاون والإنصاف وتبادل المصالح بين الدول ... بل إننى أدعوكم أيضاً انطلاقاً من هذه النقطة... وكنواب للشعب الإثيوبى إلى النظر إلى ما هو أبعد من ذلك ... إلى العمل مع أشقائكم فى مصر وفى باقى دول حوض النيل لبناء توافق أشمل وأوسع فيما بيننا ... يسمح بتجاوز الخلافات والنقاط العالقة فى الاِتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل ... حتى تتسع كى تشمل كافة دول الحوض وتلبى احتياجاتها جميعاً ... ولكى نمضى بكل ثقة نحو آفاق من التعاون الذى لم يعُد من قبيل الترف ... بل إن التخلف عنه صار بمثابة إضاعة لفرص سانحة ... وإهدار لعوائد كان يمكن لنا تحقيقها ... فالموارد متوافرة ومتاحة ... ولا ينقصنا سوى توظيفها واستقطاب الفواقد منها ... واستخدامها فيما ينفع شعوبنا التىطالما تاقت نحو التنمية والرخاء ...
فالتحديات التى تواجهنا سواءً فى حوض النيل أو فى أفريقيا عديدة وعلى جبهات واسعة ... فما بين الفقر والبطالة وسوء استغلال وإدارة الموارد ... وبين قضايا السلم والأمن ومكافحة الإرهاب البغيض الذى يتربص بنا والجريمة المنظمة التى تتاجر بأبنائنا وتقتات من دمائهم ... فضلاً عن تفشى الأمراض والأوبئة والتهديدات المرتبطة بتغير المناخ وتدهور البيئة والتصحر ... لا بديل لمصر وأثيوبيا كقطبين رئيسيين فى القارة ... سوى أن تعملا على المستوى الثنائى ومع أشقائهما فى أفريقيا ... للتغلب على تلك التحديات التى أصبحت تهدد شعوبنا بل وتستهدف كياننا ووجودنا ذاته ...
واسمحوا لى هنا أن أشير بصفة خاصة إلى أحد أبرز التحديات التى تواجه منطقتنا والتى لا تقل خطراً عن الجفاف أو الأمراض ... إنه وباء الإرهاب الذى يحصد الأرواح ويقسم المجتمعات ويقضى على نسيجها ... إن عدوى هذا الوباء تنتقل عبر الحدود وتتحدى سلطات الدول ... فلا يمكن اليوم أن نفصل بين التنظيمات الإرهابية التى تسعى للتمدد فى أقاليم أفريقيا المختلفة ... الأمر الذى تتطلب معه جهود مقاومة الإرهاب والقضاء عليه عملاً جماعياً على مختلف المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ... فما لم نعمل معاً على استئصاله .. لا يمكن أن يكون أحدنا بمأمن من شره ...
السيدات والسادة...
لقد حان الوقت كى تتحقق نبوءة الزعيم الأفريقى العظيم "نكروما" عن "نهضة إثيوبيا الحكيمة" ... والتى أطلقها فى ختام الاجتماع التأسيسى لمنظمة الوحدة الأفريقية منذ أكثر من خمسين عاماً ... ومصر اليوم تقف بكل عزم إلى جانب إثيوبيا لكى نحول معاً تلك النبوءة إلى حقيقة واقعة ... إنطلاقاً مما أكده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى نفس الاجتماع حينما تحدث عن مجئ مصر "بقلب مفتوح وعقل مفتوح وتقدير للمسئولية مفعم بالنية الصادقةوهى مستعدة أن تتحمل إلى كل الحدود مسئولياتها التاريخية تجاه قارتنا الإفريقية"... ولا يفوتنا بهذا المقام الإشارة إلى ما ذكره رئيس الوزراء الإثيوبي العظيم "ميليسزيناوي" خلال زيارته للقاهرة عندما ذكر أن نهر النيل يُعد بمثابة الحبل السُرى الذى يربط بين مصر وإثيوبيا، وهو ما يؤكد أن تدفق مياه النهر من المنبع إلى المصب ما هو إلا حصص إلهية قدرها الله لنا جميعا.
وإننى أؤكد أمامكم مُجدداً التزام مصر بهذا الواجب ... وحرصها على الوفاء به على أسس من التعاون والمشاركة ... باعتبارهما أقوى دافع وأفضل ضمان حتى تكلل جهودنا بالنجاح ...
إن مصر الزاخرة بالإمكانيات والطاقات وبخبرات وقدرات أبنائها ... وبما لديها من العلاقات الممتدة والمتشعبة إقليمياً ودولياً ... ومن الانفتاح على العالم فى مختلف المجالات ... على استعداد لأن تستثمر بكل دأب فى مشاركة فعالة مع أشقائها فى إثيوبيا ومن أجلهم ... نهدف إلى أن يكون أهم عوائدها هو تحقيق التنمية والفائدة المشتركة فى مختلف المجالات ... لاسيما تلك التى يلمسها المواطنون فى القرى والحقول وفى القطاعات التى تمس حياتهم ومستقبلهم ...
وأخيراً وليس آخراً ... أؤكد لكم باِسم الإنسانية التى تجمعنا ... وأخوتنا الإفريقية التى نعتز بها ... ونيلنا الذى يوحدنا ... إننى بينكم اليوم لنكسب معاً... لنصنع مستقبلاً واعداً وحياة مزدهرة لنا جميعاً .. فلا سعادة لأحدٍ بشقاء الآخرين ... لنقر حقوق شعبينا بتحمُلٍ كاملٍ للمسؤولية ... وبضمائر نقية ... لنؤكد معاً قيماً نبيلة ... أراد الله العلى القدير ... أن ننشرها فيما بيننا ... وأن تكون دستوراً لحياتنا معاً ... إعلاءً لقيمة الإنسان ... الذى كرمه الله ... وأمره بعمارة الأرض ... ولنساعد معاً فىإحياء نفوس بريئة مصداقاً لقوله تعالى "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.