أكد خبير الآثار، الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الآثار، أن "هناك موقعًا أثريًا مكتشفًا بجزيرة فرعون بطابا يؤكد أن العلاقة التجارية بين مصر وإثيوبيا عمرها 1500عام عبر البحر الأحمر وخليج العقبة، والموقع هو فنار لإرشاد السفن التجارية في خليج العقبة أنشأه الإمبراطور جستنيان في القرن السادس الميلادي قبل إنشاء قلعة صلاح الدين الأيوبي بالجزيرة". وأضاف ريحان، في تصريح له، اليوم الاثنين، أن "الهدف من إنشاء هذا الفنار كان لخدمة التجارة البيزنطية عن طريق أيلة (العقبة حالياً)، خاصة تجارة الحرير ذات الأهمية الكبرى بالنسبة للكنائس لاستخدامه في الستائر المزركشة، حيث كان الكثير منها مطرز بالذهب والفضة وكذلك استخدامه فى أكفان للموتى، وفي السنوات الأولى بعد تأسيس القسطنطينية كان بها خمس نقابات لا تتعامل إلا في الحرير كصناعة وتجارة، وكان يحتكر تجارة الحرير الفرس، بينما تخصصت مملكة أكسوم (إثيوبيا) في تجارة التوابل التي ظهرت في القرن الأول الميلادي ودخلوا المسيحية فى القرن الرابع الميلادي، وكانت تجارة التوابل تنقل من مملكة أكسوم على البحر الأحمر إلى سيلان". وأوضح أن الإمبراطور جستنيان حرص على أن يحرر التجارة البيزنطية من اعتمادها على الفرس، فأسس اتصالاً مباشرًا مع الهند عن طريق الميناء البيزنطي على خليج العقبة، وهو ميناء أيلة، ولذلك أنشأ فنار للسفن بجزيرة فرعون المواجهة لأيلة، وكان للبيزنطيين نشاط تجارى كبير فى القرن السادس الميلادي واستوردوا الحرير من الهند وإثيوبيا، وكان تجار إثيوبيا يجلبون هذه البضائع لميناء (Adule) على البحر الأحمر، وهي عاصمة مملكة أكسوم، ومنها تنقل السفن البيزنطية البضائع إلى جزيرة إيتاب (جزيرة تيران الحالية التى تقع عند قاعدة خليج العقبة تجاه رأس محمد)، وتتجمع فى إيتاب أيضًا المراكب البيزنطية التي تتاجر فى التوابل مع الموانئ العربية على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر. وتابع: أنه "كان في إيتاب محطة الجمارك الإمبراطوري لتحصيل الضرائب عن التجارة القادمة من الهند إلى الموانئ البيزنطية، حيث تبحر السفن إلى أيلة أو القلزم (السويس حاليًا) ومن القلزم برًا إلى النيل ومنه للإسكندرية، ومنها يتم توزيع منتجات الشرق لكل حوض البحر المتوسط. وكانت التجارة المتبادلة في عهد البيزنطيين تشمل البردى والتوابل من مصر، وكانت التوابل تأتى لمصر من الشرق الأقصى. وأشار ريحان، إلى أن مساحة الفنار البيزنطى المكتشف بجزيرة فرعون 22م من الشرق للغرب 13م من الشمال للجنوب بنى من الحجر الجرانيتى المقطوع من نفس التل وبلاطات من الحجر الجيرى فى الأسقف، ويتوسط الفنار مبنى مساحته 7.5م طولا 4.80م عرضا يشمل سكن خاص لقائد الحامية البيزنطية وغرف حراسة وإقامة للجنود، مبينًا أنه أعيد استخدام هذا المبنى فى عهد صلاح الدين كتحصين جنوبى لقلعته وأحاطه بسور دفاعى.