- انغماسهم في السياسة «طامة كبرى».. والتحريات لا تصلح دليلاً لإدانة دربالة و4 قضاة حصلت "الشروق" حيثيات حكم مجلس التأديب والصلاحية بإحالة 10 قضاة للمعاش وتبرئة 5 آخرين، في قضية انتمائهم لحركة قضاة من أجل مصر بالمخالفة للقانون، والتحيز لفصيل سياسي –جماعة الإخوان- واعلان نتيجة اعادة انتخابات الرئاسة 2012 في مؤتمر صحفي قبل اعلان النتيجة رسميا. قال المجلس إن "اعتلاء منصة القضاء للحكم بين الناس ليس حقاً لكل من توافرت فيه الشروط العامة لشغل الوظائف الحكومية، وإنما ولاية فرضت نفسها بقدر احتياجاتها على من تحققت فيه خصائص توليها ممن طوعت نفسهم على الحيدة والاستقلالية، ومن أجل ذلك كان القضاء" مضيفاً أنه "منذ أن عرفت مصر القضاء فهم يعتلون منصات أحكامهم حاجبين عن عيونهم كل ما قد يؤثر رؤاه فيهم، ويحاول القاضي ألا تنطبع رؤى الناس على رؤاه، وليس معنى ذلك أن ينعزل القاضي عن كل مناحي الحياة في بلده بل يبقى عضوا فاعلا فيها بقدر ما لا تكشف فعاليته عن دخيلة نفسه ودون ان تفصح كلماته مكنون أسراره". وتابع: "فالقاضي لا يعيبه أن يختار للرئاسة من يراه لها أصلح وفي المجلس التشريعي من يراه لتمثيله اوفي لكنه في ذلك كله محظور عليه أن يكون عضوا في جماعة أو منتميا الى حزب بعينه، كما ان اهتمام القاضي بمعرفة أحوال السياسة في بلده لا يتسع به لينزل به الى مجاراة الساسة في مسار اعمالهم ولا يظهر معه او لهم في اجهزة اعلامهم ولا يكشف عن مكنونه بتأييده لهم، فيجب أن يكون بعيدا عن كل ما ينتقص من ثقة الناس وتسليمهم بنزاهته". واستطرد: "كما أن ليس للقاضي ان يتزرع بشيوع الخطأ ليبرر خطأه فكل مؤاخذ بعمله، ولما كان ما دأب عليه قلة من القضاة بالظهور في أجهزة الإعلام منتمين الى تيارات بعينها يدعون بدعوتها صراحة أو ضمنا وقد عرفوا أنفسهم أو عرفهم مضيفهم أو عرف الناس بأنهم قضاة هو افتراء ممن قام به على حق غيره من زملائه في أن يبقى مع سكينته في صومعة أبحاثه وخلجات ضميره فضلا عن ان طعنه موجعة ان لم تكن قاتلة للسلطة التي ينتمي اليها وسقوطا لهيبة القضاء في نفوس المتقاضين ويؤدي بالمجتمع الى هاوية من الفوضى واللامبالاة". وأكد أن "الانغماس في السياسة الحزبية والميل لفريق على حساب اخر وهو ما قامت به جماعة قضاة من أجل مصر طامة كبرى وخروج غير مقبول على مقتضيات العمل القضائي لان التحزب يعني التحيز وتفضيل حزب على اخر وبالتالي كيف يطمئن من ينتمي للفريق الاخر ان يقف امام قاضي وهو يعلم انه منحاز علنا لخصمه". وأضاف: لقد أخطأ "قضاة من أجل مصر" حين ساندوا فريقا في انتخابات الرئاسة التي أجريت عام 2012 دون ان يكونوا طرفا في ظل وجود اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، كما أخطا كل من ظهر على شاشات التلفزيون باحثا عن الشهرة والاضواء سواء معلقا على الاحكام القضائية او مشاركا بالرأى فيما يدور على الساحة السياسية، وأخطا كل من اشترك مع فصيل ما في المظاهرات والاعتصامات بالميادين العامة معلنا عن وظيفته مخالطا العوام من الناس بما ينال من شموخ القضاة وهيبته وكرامته، وأن انتماء القاضي الى تيار سياسي او حزبي وهو جزء من سيرته وسمعته لا يلزم ان يثبت بدليل يقيني ملموس بان المرجع فيه ما وقر في يقين الناس واستقر في اذهانهم. وبشأن القضاة المحالين للمعاش، وهم (محمد عبد الحميد حمدي ومحمد الاحمدي مسعود واحمد خطيب وحسن السد النجار وعلاء الدين مرزوق ومحمد عوض وأيمن الورداني وبهاء طه الجندي ونور الدين يوسف وهشام اللبان) قال المجلس إنه: وقر في يقينه صحة ما نسب إليهم وما اكدته تحريات الأمن الوطني وما ثبت بالتحقيقات وتسجيلات مقاطع الفيديو المنقولة عن قنوات تلفزيونية ومواقع اخبارية والمواد المنشورة عليها. وأن القضاة أسسوا جماعة على خلاف القانون وانضموا اليها وشاركوا في فاعليتها التي لا تخلوا مناقشتها من الطابع السياسي في المؤتمرات التي عقدتها واعلن فريق منهم عن نفسه وصفته في الهيكل التنظيمي للحركة وتاكد للمجلس جليا ان الحركة ذات طابع سياسي وعقدت عدة مؤتمرات لمناصرة فصيل سياسي بعينه، وناقشوا خلالها العمل السياسي بالبلاد واشترك بعضهم في مظاهرات واعتصامات جماعة الاخوان المسلمين بميدان رابعة كما شارك بعضهم في مؤتمرات عقدتها احزاب سياسية تحدثوا فيها عن امور ذات صبغة سياسية بينما اتجه البعض الاخر الى اجهزة الاعلام يناقشون الاوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، والتي من شانها ان تورث في اذهان الراي العام اعتقادا جازما باشتغالهم بالسياسة ومناصرتهم لفريق سياسي معين وانتماءهم له ويكونوا بذلك قد خلعوا عن انفسهم رداء الحيدة مرتدين حلة اخرى لا تليق بمقام القاضي وما يفترض فيه من حيدة وهيبة وكرامة. وأشار إلى أن هذه السلوكيات مخالفة للنصوص العقابية، إضافة الى كشفها عن انخراطهم في العمل السياسي وخروجهم عن مقتضيات الواجب الوظيفي مخالفين قانون السلطة القضائية وقرار المجلس الاعلى للقضاء، بحظر اشتغال القضاة بالسياسة والظهور في وسائل الاعلام صونا لكرامة الوظيفة القضائية وهو ما يفقدهم صلاحية تولي القضاء ويجب تباعا لذلك المباعدة بينهم وبين ولاية العمل في اداء تلك الرسالة السامية مما يتعين على المجلس احالتهم للمعاش اعمالا لنص المادة 111 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972والمعدل بالقانون رقم 142 لسنة 2006. وبشأن تبرئة خمس قضاة ورفض الدعوى بشأنهم قالت الحيثيات الى أن كل ما نسب للقضاة المدعى عليهم أيمن مسعود السهيت وحاتم اسماعيل واسامة عبد الرؤوف ومحمد وائل فاروق، محمد ناجي دربالة من الانضمام الى جماعة مؤسسة على خلاف احكام القانون الغرض منها الاضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي – قضاة من اجل مصر- وهي حركة ذات طابع سياسي لمناصرة فصيل سياسي بعينه، وعقد مؤتمر بنقابة الصحفيين لاعلان نتيجة الاعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية ثم مؤتمر لتأييد اعلان الدستوري نوفمبر 2012، واستخلص المجلس من اوراق الدعوى وما شهد به القاضيان محمد عبد الرازق ومجيد على حسن بجلسات المحاكمة ان حضور المدعى عليهم هذين المؤتمرين كان عرضيا حيث لم يشاركوا اي مشاركة ايجابية في فعاليتهما وخلت الاوراق من اى دليل اخر يثبت انضمامهم الى حركة قضاة من أجل مصر سوى تحريات قطاع الأمن الوطني والتي لا تنهض بمفردها دليلا كافيا على ما اسند اليهم. وبشأن ما نسب الى القاضي محمد ناجي دربالة لتأسيسه للحركة، جاءت الاوراق جاءت خالية من اى دليل يثبت ذلك سوى التحريات التي لا تعد دليلا كافيا كما انه لم يظهر في اى من المؤتمرات التي نظمتها الحركة. وأهاب مجلس التأديب بمجلس القضاء الأعلى تفعيل قراراته بدعوة رجال القضاء والنيابة العامة إلى الامتناع عن إدلاء أية أحاديث للصحف أو التلفزيون، والتعقيب على الاحكام الصادرة من المحاكم المختلفة، أو التحدث في الأمور السياسية التي تكون موضع خلاف بين الأحزاب في وسائل الإعلام أو بمواقع التواصل الإجتماعي، حتى لا يزجوا بأنفسهم والقضاء في معرتك السياسة. كما أهاب المجلس بمخاطبة المشرع لتضمين قانون السلطة القضائية نصاً يحظر ظهور القضاة إعلامياً واشتغالهم بالسياسة ووضع الجزاء المناسب حال مخالفته، موضحاً أن من حق المجتمع أن يرى القاضي دائماً وقورا مهيباً زاهداً مترفعاً عن الصغائر، متحلياً بالنزاهة والحيدة مستقلاً في رأيه، موضوعياً في تفكيره متمتعاً بسلوك حسن.