إقبال ضعيف في ثاني أيام التقدم للترشح بانتخابات النواب في قنا    "المصري الديمقراطي" يعلن تفاصيل خطته الإعلامية لانتخابات "النواب 2025"    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    تحقيق عاجل بجامعة بني سويف الأهلية بعد واقعة الطلاب الأربعة المقبولين بمجموع أقل من التنسيق    «المصري اليوم» تُحلل خارطة المقبولين في كلية الشرطة خلال خمس سنوات    أسعار البنزين والسولار اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات    باسل رحمي: نؤهل المشروعات على معرفة آليات التصدير ومتطلبات الأسواق الخارجية    أسعار مواد البناء اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع وزير التنمية الدولية النرويجي تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التنمية والحماية الاجتماعية    بدء التشغيل التجريبي لوحدة طب الأسرة ب العطارة في شبين القناطر    اتحاد الكنائس اللوثرية يرحب باتفاق السلام في غزة: خطوة حاسمة نحو إنهاء دوامة العنف    العقوبة في انتظار نجم المنتخب السعودي    دى يونج: تم الاتفاق على تجديد عقدي مع برشلونة    هل أمم أفريقيا 2025 نهاية مشوار حسام حسن مع منتخب مصر؟ رد حاسم من هاني أبوريدة    رئيس جهاز "العلمين الجديدة" يشهد افتتاح بطولة العالم للسباحة بالزعانف ببورتو مارينا    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    بدون خسائر في الأرواح.. تفاصيل جديدة في حريق مستشفى راقودة بمنطقة كرموز    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    منة شلبي تكشف لأول مرة سبب اعتذارها عن السلم والثعبان 2 (فيديو)    محافظ القاهرة ينيب نائب المنطقة الجنوبية لحضور افتتاح قصر ثقافة حلوان    سحب فيلم المشروع x من دور العرض السينمائي.. لهذا السبب    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    وزير الصحة يُجري جولة مفاجئة بمستشفى منشية البكري العام بمصر الجديدة    وكيل صحة الأقصر يتابع موقف الأدوية في وحدات طب الأسرة في أرمنت    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    بعد 24 ساعة من حكم الإعدام.. "القودة" تنهي خصومة ثأرية في أبو حزام بقنا    تحذير من «الري» بشأن تداول بيانات أو تصريحات منسوبة إليها    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    رأي توفيق الحكيم في المرأة والحب.. السر في البطاطس    حبس المتهمين بقتل بلوجر المطرية    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    أشرف زكي لليوم السابع: وقف الحرب انتصار للإرادة المصرية وحفظ حقوق فلسطين    سيرة المجرى لازلو كراسناهوركاى صاحب جائزة نوبل فى الأدب عام 2025    67 ألف شهيد و170 ألف جريح.. حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة    زيلينسكى يتهم روسيا بمحاولة زرع الفوضى فى أوكرانيا بقصف منشآت الطاقة    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    أستاذ قانون دولى: اتفاق شرم الشيخ انتصار للدبلوماسية المصرية ومصر تعيد رسم خريطة السلام    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    صبحي: لسنا راضين عما حدث بمونديال الشباب وسيتم تغيير الجهاز الفني    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    هل يجب التوقف عن بعض وسائل منع الحمل بعد سن الأربعين؟ استشاري يجيب    بطرق آمنة وفعالة، وصفات طبيعية لتهدئة السعال الليلي    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    أسعار البيض اليوم الخميس 9 أكتوبر    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق الشَّقَا
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 03 - 2015

إذا سقط اسم ابن عرضون الكبير من الذاكرة العربية، فينبغى أن يذكر على الأقل فى مناسبة الاحتفال باليوم العالمى للمرأة. صحيح أن نحو أربعمائة عام تفصل بين زمن الرجل وبين قرار الأمم المتحدة تحديد يوم للاحتفال بنضال المرأة والدعوة لإنصافها. إلا أن ابن عرضون سبق الجميع بفتواه الشهيرة، التى كانت بمثابة نقطة تحول فى ذلك المضمار. وهى الفتوى التى أسست لما عرف بحق «الكد والسعاية» من الآية القرآنية لكل امرئ ما سعى أو «حق الشقا».
خلاصة رأى ابن عرضون أن كفاح المرأة وكدِّها أثناء الزواج ينبغى أن يوضع فى الحسبان بعد الطلاق أو الوفاة. لذلك فلها أن تحصل على نصف ثروة زوجها التى حققها أثناء ارتباطه بها وبعد ذلك تأخذ نصيبها من الميراث فى حالة وفاة الزوج. وهو ما اعتبر ثورة فى فقه الأسرة، أيدها البعض وانتقدها آخرون، ولكن يحسب لابن عرضون أنه أطلق شرارتها قبل أربعة قرون.
هو أبوالعباس أحمد بن الحسين بن عرضون، تصفه كتب الرجال بأنه الإمام العمدة والفقيه الموثق والقاضى العادل. تولى القضاء فى مدينة شفشاون بشمال المغرب فى أواخر القرن السادس عشر الميلادى. وعُد فى مقدمة فقهاء المذهب المالكى، الذين أثروا فتاوى النوازل (المستجدات) بثاقب نظره وغزير علمه وجرأته فى الحق. ولأن المجتمع الذى نشأ وعاش فيه جزء من البادية، التى كان الرجال فيها أهل حروب وقتال. فى حين تحملت النساء أعباء تسيير الحياة. من شئون البيت إلى أمور الزراعة والرعى، فإنه وجد أن ذلك الجهد لابد أن يقدر. وكان أحد الفقهاء المغاربة اسمه السوسى نسبة إلى بلدة سوسه قد وصف ما تقوم به المرأة فى البادية قائلا: إنها تقوم سحرا لتطحن، ثم تسخن ماء الوضوء مع الفجر، ثم تحلب البقرة، ثم تسقى من البئر بالقُلَّة على ظهرها. ثم إن أرادت أن تحطب فإنها تبكر. ولا تطلع الشمس إلا وهى وراء الروابى (فى الحقول) ثم لا تكاد تدخل الدار حتى تهيئ الغداء وترضع ولدها. ومن الواضح أن ذلك الجهد الكبير الذى كانت تبذله نساء البوادى ظل محل تقدير فى مجتمعات ذلك الزمان، لذلك سميت المرأة فى اللهجة الأمازيغية المتداولة بين البربر تامغارت، والكلمة مؤنث أمغار أى الشيخ رئيس القبيلة، وأطلقت الكلمة على المرأة باعتبارها رئيسة الأسرة وسيدة البيت.
حين سئل ابن رضون عن نصيب المرأة بعد انقضاء الزوجية بالطلاق أو الوفاة، فإنه أصدر فتواه فى أرجوزة على طريقة أغلب فقهاء المالكية قال فيها:
وخدمة النساء فى البوادى للزوج بالدراس والحصاد
قال ابن عرضون لهن قسمة على التساوى بحسب الخدمة
لكن أهل فاس فيها خالفوا قالوا لهم فى ذاك عرف يُعرف
لم تمر فتوى ابن عرضون بسلام، لأن كثيرين عارضوه وآخرين أيدوه. والمؤيدون قالوا إن الفقيه الكبير رأى واقعا كان لابد أن يتفاعل معه، وقدر أن الجهد الزائد الذى تبذله المرأة المكافحة ينبغى أن يرتب لها حقوقا إضافية على ما قرره الشرع لها فى الظروف العادية. واعتبر أن ذلك من مقتضى العدل والإنصاف إلى جانب أنه يعبر عن تقدير فيض العطاء الذى تقدمه المرأة.
قال هؤلاء أيضا إن للمسألة أصلا فى الخبرة الإسلامية. ففى عهد الخليفة عمر بن الخطاب توفى عمر بن الحارث الذى كان زوجها لامرأة هى حبيبة بنت زرق. وكانت حبيبة نساجة طرازة، وكان زوجها يتاجر فيما تنتجه وتصلحه حتى اكتسبوا من جراء ذلك مالا وفيرا. ولما مات الزوج وترك المال والعقار فإن أولياءه تسلموا مفاتيح الخزائن. إلا أن الزوجة نازعتهم فى ذلك. وحين اختصموا إلى عمر بن الخطاب فإنه قضى لها بنصف المال وبالإرث فى الباقى. واعتبر مؤيدو ابن عرضون أن ما أقدم عليه خليفة المسلمين يعد سابقة يمكن القياس عليها فى استنباط حكم جديد يحقق العدل والإنصاف ضمن أحكام المواريث المقررة فى النصوص القرآنية. وهو ما أقرته ونصت عليه مدونة الأسرة فى المملكة المغربية لاحقا حين قررت أن للمرأة نصف مملتكات الزوج عند الطلاق أو الوفاة. وقد طبق نفس المبدأ فى قانون الأسرة بماليزيا. ومعروف أن هذا المبدأ معمول به فى القوانين المعمول بها فى الدول الغربية.
للأسف فإن اسم ابن عرضون لا يعرفه كثيرون فى بلادنا. استثنى من ذلك نفر من الباحثين والأكاديميين المهتمين بفقه النوازل. وأغلب الظن أن ذلك راجع إلى أن فقهاء المالكية لهم شهرتهم الأوسع فى بلاد المغرب، لأن المذهب المالكى هو الأول هناك، فى حين أن أغلب المشارقة من الأحناف والشافعية.
ليس ذلك هو السبب الوحيد لعدم معرفة كثيرين باسم ابن عرضون وفتواه، لأن أيضا حظ أمثاله من الفقهاء الشجعان الذين ملأوا الفقه الإسلامى باجتهاداتهم المنيرة. فنحن فى زمن ما عاد يذكر فيه من التراث الفقهى إلا ما هو مثير للنفور والبغض لأسباب بعضها استجابة للهوى والبعض الآخر ركوبا للموجة وميلا مع الريح السياسية وتسويغا للدعوة إلى الثورة الدينية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.