سحب الطرفان المتنازعان في شرق أوكرانيا الجزء الأكبر من أسلحتهما الثقيلة من الخطوط الأمامية لجبهات القتال في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وفق ما أعلن الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو. وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي مساء الاثنين، قال بوروشنكو إن القوات الحكومية "سحبت الجزء الأكبر من أنظمة إطلاق الصواريخ والمدفعية الثقيلة". وتابع "لاحظنا أن المقاتلين الموالين لروسيا سحبوا أيضا جزءا مهما". وأكد بوروشنكو أن اتفاق وقف إطلاق النار يبدو متماسكا بشكل جيد حتى الآن رغم الاشتباكات المتقطعة بين الطرفين. وتوصلت كل من فرنسا وألمانيا وروسياوأوكرانيا إلى الاتفاق في 12 فبراير الماضي خلال قمة جمعت قادة الدول الأربع في مينسك. وأوضح الرئيس الأوكراني أن القصف المدفعي توقف على الجزء الأكبر من خطوط الجبهة التي يصل طولها إلى 485 كيلومترا، بعدما نجحت كييف "في صد المعتدين". ورغم ذلك، لحقت بالجيش الأوكراني خسائر بشرية إذ قتل 64 جنديا منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 15 فبراير، ما رفع حصيلة قتلى القوات الحكومية إلى 1549 منذ بدء المعارك، بحسب بوروشنكو. وسقط غالبية قتلى الجيش الأوكراني منذ بدء وقف إطلاق النار حين نجحت القوات الانفصالية الموالية لروسيا في طردهم من مدينة ديبالتسيفي الاستراتيجية بعد ثلاثة أيام على الهدنة. وانحسر القتال منذ معركة ديبالتسيفي مع سحب الطرفين لمعداتهم الثقيلة مثل قاذفات الصواريخ التي استخدمت خلال 11 شهرا من معارك أسفرت عن مقتل أكثر من ستة آلاف شخص. ونادرا ما يعلن الانفصاليون عن حصيلة قتلاهم. وتتهم أوكرانيا والدول الغربيةروسيا بتقديم الدعم للانفصاليين إن كان على شكل قوات أو معدات أو تدريب. أما موسكو فتنفي ذلك، إلا أنها تواجه ضغوطا دبلوماسية أمريكية وأوروبية واسعة. واتهم وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الثلاثاء، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقويض أمن جمهوريات سوفيتية سابقة بالإضافة إلى أوكرانيا. وقال هاموند في كلمة أمام المعهد الملكي لدراسات الأمن والدفاع في لندن "نواجه اليوم زعيما روسيا مصمما على عدم الانضمام إلى النظام العالمي الذي تحكمه قوانين ويحافظ على السلام بين الأمم، ولكنه يصر على تخريبه". وأضاف هاموند أن "تصرفات الرئيس بوتين- الذي ضم شبه جزيرة القرم بشكل غير شرعي ويستخدم اليوم القوات الروسية لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا- تقوض بشكل كبير أمن الدول السيادية في شرق أوروبا". وتتزامن تصريحات هاموند مع تحضيرات تقوم بها قوات حلف شمال الأطلسي لبدء تدريبات كبيرة في دول البلطيق. وأعلن مسؤولون عسكريون أمريكيون بدء نشر حوالى ثلاثة آلاف جندي في إطار تدريبات للحلف الأطلسي ستستمر ثلاثة أشهر في استونيا ولاتفيا وليتوانيا. وصرحت الولاياتالمتحدة، الاثنين، بأنها أرسلت أكثر من 100 قطعة من المعدات العسكرية الثقيلة إلى دول البلطيق. وتخلل وقف إطلاق النار الهش في شرق أوكرانيا تبادل الاتهامات بين الطرفين حول من يتحمل مسؤولية الانتهاكات المتكررة. واتهم الجيش الاوكراني الاثنين الانفصاليين باطلاق نيران المدفعية والدبابات على مواقع للقوات الحكومية قرب مدينة ماريوبول. واستمرت الاشتباكات طوال اليوم، واسفرت عن اصابة تسعة جنود، الا ان القوات الاوكرانية حافظت على مواقعها، وفق ما اعلن المتحدث باسمها اندري ليسينكو الثلاثاء. وحذر قادة الدول الغربية من أي محاولة من قبل الانفصاليين للسيطرة على المدينة ستؤدي إلى زيادة العقوبات المفروضة على روسيا. وفي هذا الشأن، أعلن وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا-مارغايو الثلاثاء ان اسبانيا تسجل "خسائر اقتصادية كبرى" بسبب العقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على روسيا. وقال خلال مؤتمر صحفي في موسكو في ختام لقاء مع نظيره الروسي سيرجي لافروف "لا أحد يستفيد من هذه العقوبات التي تلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الاسباني". وأشار إلى أنه لا يتوقع "توسيعا لنطاق العقوبات في مرحلة لاحقة" نظرا "للأنباء السارة" من أوكرانيا حيث يسود هدوء نسبي. ويصر الانفصاليون، الذين حملوا السلاح ضد كييف بعد ايام قليلة على ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، على أنهم يحترمون الجزء المتعلق بهم في اتفاقية مينسك. واتهم متحدث في "جمهورية دونيتسك الشعبية"، المعلنة من جانب واحد، الاثنين كييف بانتهاك الاتفاق. وقال اندري بورغين لوكالة انترفاكس إن "كييف لم تسحب بالشكل الملائم أسلحتها الثقيلة". وتابع "كل شيء يعود بشكل تدريجي إلى ما كان عليه"، داعيا كييف إلى الدخول في محادثات حول الوضع السياسي لمناطق الانفصاليين في المستقبل.