كان يشار كمال الذي توفي السبت عن 92 عامًا، من أشهر الكتاب الأتراك في العالم وقد عرف خصوصًا بفضل عمله "محمد النحيل" ومواقفه الداعمة للقضية الكردية. حصل يشار كمال الكردي الاصل على جوائز كثيرة عن رواياته ذات الطابع الملحمي، التي تتناول ظروف الحياة الصعبة لسكان بلدات وسط الأناضول ونضالهم ضد الإقطاعيين والدولة. وقد عرّضته كتاباته ونضاله السياسي ضد النهج القمعي للسلطات حيال الأقلية الكردية في تركيا، لمحاكمات عدة ودخل السجن أيضًا. كما اضطر للعيش متخفيًا وفي المنفى لسنوات في السويد هربًا من تهديدات بالقتل تعرض لها وضغوط السلطات. بدأ يشار الكتابة في سن مبكرة، إذ وضع قصائده الأولى وهو على مقاعد المدرسة الابتدائية. وقد فرض نفسه على الساحة الأدبية التركية منذ روايته الأولى "محمد النحيل" التي ترجمت إلى أكثر من اربعين لغة، ونالت استحسان النقاد الدوليين. ولد يشار كمال في العام 1923 في بلدة صغيرة في سهول كيليكيا جنوب شرق تركيا. وقد عرف الكاتب واسمه الاصلي كمال صادق غوتشيلي طفولة مأسوية. وعندما فقد النظر في إحدى عينيه جراء حادث، شهد وهو في سن الخامسة جريمة قتل والده عندما كان يصلي في مسجد بيد ابنه بالتبني. وغادر الشاب المدرسة مبكرًا. ومارس أعمالا مختلفة ليؤمن لقمة العيش فعمل في قطاف قطن وسائق آليات زراعية وأمين مكتبة كذلك. في عام 1950، أوقف مرة أولى بتهمة القيام بدعاية شيوعية. وجرت محاكمته لكنه بريء. وتخلى يشار عن اسمه الاصلي معتمدًا اسم كمال الذي يعني الناجي باللغة التركية. وانتقل للعيش في إسطنبول، حيث راح يعمل صحفيًا في الصحيفة اليسارية والعلمانية "جمهوريت". وبدأ في إسطنبول كبرى المدن التركية "مسيرته" كمناضل سياسي، وانضم إلى حزب العمال الأتراك وأسس مجلة ماركسية بموازاة عمله على روايته الأولى. وجاءت روايته الأولى "محمد النحيل" في أربعة أجزاء. ويروي فيها مغامرات مقيم في إحدى البلدات يضطر إلى العيش متخفيا بعد ثورته على الزعماء الإقطاعيين. وقد حولت الرواية العام 1984 إلى فيلم أخرجه الممثل والكاتب المسرحي البريطاني بيتر أوستينوف. وشكلت موضوعات مثل الظلم الاجتماعي وكفاح الفقراء ضد الاستبداد والحرمان، محاور أساسية في أعمال يشار كمال مثل "أرض من حديد سماء من نحاس". وقد استلهم من شخصية عمه وهو لص معروف اغتيل في سن الخامسة والعشرين، شخصيات أبطاله المتمردين الطيبين. وينهل أسلوبه الشاعري الغني بالوصف مباشرة من الأساطير والفلكلور في منطقة الأناضول. وقد أوقف مجددًا إثر الانقلاب العسكري في 1971 وأدخل السجن، لكن أفرج عنه بعد احتجاجات دولية. وفي نهاية ذلك العقد، اضطر إلى سلوك طريق المنفى فانتقل إلى السويد التي أقام فيها سنتين. في العام 1995، واجه يشار كمال مجددًا مشاكل مع القضاء وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، بعد إدانته بتهمة التنديد ب"قمع" الأكراد. إلا أن الكاتب رفض السكوت. وقال العام 2007 "الحرب تدمر تركيا" في إشارة إلى المعارك بين المتمردين الأكراد والجيش، وأضاف "أنا لست بطلا لكن من واجبي أن أسمع صوتي". واستمر في نضاله وكان أول من دافع عن مواطنه أورهان باموك أول كاتب تركي يفوز بجائزة نوبل للآداب، عندما تعرض لملاحقات لأنه تحدث عن مجازر إبادة طالت الأرمن عام 1915.