لا ريب، هناك من يغضبه أى تقارب وتعاون بين دول الخليج ومصر، فى هذه المرحلة. هناك من هو فى صف جماعة الإخوان، و«إكسسواراتها» من الشباب الثورى، وعليه فهم منخرطون فى دعاية الإعلام الإخوانى فى تصوير ما يجرى بمصر، ومحاربة الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى. هؤلاء يسعون بكل قدراتهم لضرب هذه العلاقة، والهرولة فى دروب الفتنة، سواء فى لعبة التسريبات المزعومة، أو فى الكذب، ثم تصديق هذا الكذب حول تخلى السعودية ومعها «جل» دول الخليج، عن دعم المسار الجديد فى مصر. السعودية من خلال كلمات خادم الحرمين الملك سلمان، جددت وقوفها الصلب لجانب مصر، وعبر السفير السعودى فى القاهرة، الذى كان حاسما. رغم ذلك لم تتوقف آلة التشويش الإعلامية الإخوانية، وهى آلة ضخمة تغوى. فى مثل هذه الظروف، ومصر تحارب الإرهاب على جبهتين؛ فى الشرق سيناء، وفى الغرب ليبيا، وما بين ذلك فى نجوع مصر وربوعها، لا يجوز أبدا ترك الأمور دون يقظة تامة، حتى لا تتضخم هذه الدعايات السوداء، وربما يتصرف بعض السذج، أو أصحاب الهوى الإخوانى المبطن، وفق هذه الترهات، وتحويلها إلى واقع يعاش عليه وينطلق منه! التحالف مع مصر، كما قلنا سابقا، ليس شخصيا، هو تحالف مبنى على مراعاة المصالح العليا للخليج، وفى مقدمه السعودية، ومصر، ومن ثم العرب كلهم. الحرب على الإرهاب، وحماية الاستقرار، وتعزيز السلم الأهلى، وتنمية الاقتصاد، كلها أهداف مشتركة بين غالبية دول الخليج، ومصر. وهذه الأهداف لا تتحقق فى ظل حكم «الجماعة» القطبية صاحبة حلم الخلافة، والتى نبذها الشعب المصرى أمام سمع العالم وبصره. هذه حقيقة، فماذا سيغيرها؟ من هنا، فإن ما نشرته «الشرق الأوسط» أمس عن حقيقة اللغط الذى دار حول بيان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى، يجب التوقف عنده. جاء فى الخبر أنه قد تكشفت معلومات جديدة، حول البيانين الصادرين من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إذ أبلغ «الشرق الأوسط» مصدرا مطلعا أن البيان الأول أصدر بطريقة أحادية، موضحا أنه «خلق امتعاضا خليجيا ولم يكن يمثل وجهة دول الخليج كاملة». وأضاف المصدر الذى فضل عدم الكشف عن هويته أن دول الخليج دائما ما تؤكد وقوفها ودعمها الكامل للحكومة والشعب المصرى، مفيدا «يبدو أن البيان صدر بطريقة أحادية، وبشكل متسرع». لمن لم يتابع، آلة الإخوان الدعائية طارت كل مطير ببيان نسب لأمين مجلس التعاون الخليجى، خلاصته توبيخ لمصر فى أزمتها مع قطر، لكن سرعان ما بادر الأمين العام لنفى هذا البيان، رغم صدوره من الأمانة العامة، وعاد ببيان آخر يجدد فيه الموقف الخليجى المعروف فى الانحياز لمصر. بصرف النظر عن حقيقة ما جرى، المهم هو أن هذا اللغط كان فرصة لتعميق الموقف الخليجى مع مصر، وذهبت أراجيف المرجفين مثل ورق الخريف المصفر. التحالف مع مصر ضرورة وليس اختيارا. مشارى الذايدى الشرق الأوسط لندن