سعت الولاياتالمتحدة إلى تعبئة الأسرة الدولية ضد "الإرهاب" الجهادي في قمة عالمية في واشنطن لم تسفر عن أي إجراء عملي. واختتم الرئيس باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، في واشنطن اجتماعًا كبيرًا استمر ثلاثة أيام "ضد عنف المتطرفين" بحضور ممثلين لأكثر من ستين دولة ومنظمة. وبين المشاركين خصوصًا الأمينان العامان للأمم المتحدة بان كي مون والجامعة العربية نبيل العربي، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، ووزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، ورئيس الاستخبارات الروسي ألكسندر بورتنيكوف. وأعد البيت الأبيض لهذا اللقاء منذ فترة طويلة، وكان يفترض أن يثير ضجة كبيرة بعد الاعتداءات في باريس وكوبنهاجن وفي أوج هجوم عسكري ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا. وقال أوباما: "نحن موجودون هنا لأننا موحدون ضد آفة التطرف العنيف والإرهاب"، داعيًا الحكومات الحليفة لبلده إلى "البقاء ثابتة في المعركة ضد منظمات إرهابية". لكن الرئيس الأميركي حذر من أن هذه المعركة "لا علاقة لها بأن نكون يهودًا أو مسيحيين أو مسلمين: فكلنا في المركب نفسه وعلينا أن نتكاتف للخروج من هذه الأزمة". وحرص أوباما، مثلما تفعل إدارته منذ أشهر، على ألا يتحدث عن "مكافحة التطرف الإسلامي" في خطوة وقائية تجنبًا للغة قد تنتقد الإسلام، لكن المعارضة الجمهورية تنتقدها. ويرى الرئيس الديمقراطي أن "فكرة أن الحرب يخوض حربًا ضد الإسلام كذبة مخيفة"، وكذلك فرضية "أننا نواجه صدام حضارات". وكان أوباما دشن ولايته الرئاسية في 2009 بخطاب شهير في القاهرة مد فيه اليد إلى العالم الإسلامي. لكن خصمه السياسي الجمهوري جون ماكين، كتب في تغريدة على تويتر، أن "فكرة أن الإسلام الراديكالي ليس في حالة حرب مع الغرب كذبة رهيبة". من جهته، فضل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إدراج مكافحة "الإرهاب" وخصوصًا الإسلامي في مجرى التاريخ المعاصر. وقال إن "القرن العشرين يعرف بمكافحة الانهيار الاقتصادي الكبير والعبودية والفاشية والاستبداد. الآن جاء دورنا.. يطلب منا اليوم خوض حرب جديدة ضد عدو جديد". وتحدث عن "معركة أساسية لجيلنا". أما نظيره الأردني ناصر جودة، فقد رأى أنها "الحرب العالمية الثالثة.. حربنا كمسلمين.. حربنا الجماعية كأسرة دولية". من جهته، قال بان كي مون، إنه في الواقع "ظهور جيل جديد من الجماعات الإرهابية مثل داعش (أحد أسماء تنظيم الدولة الإسلامية) وبوكو حرام (في نيجيريا) يشكل تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن العالميين". وإلى جانب مشاطرته قلق واشنطن من سيطرة الجماعتين على مساحات واسعة، قال إن أكثر من عشرين ألف مقاتل أجنبي من أكثر من مئة بلد التحقوا بتنظيم "داعش" في الأشهر الأخيرة بينهم أربعة آلاف جاؤوا من أوروبا. وقال كيري، إنه أمر "غير مسبوق"، مشيرًا إلى أنه عدد مماثل للجهاديين الذين توجهوا "للقتال في أفغانستان في الثمانينات.. لكن خلال عقد كامل". وأكد كازنوف، من جهته، أن "أكثر من 400 شاب فرنسي موجودون حاليًا في المنطقة السورية العراقية" و"1400 فرنسي يشاركون بشكل أو بآخر في الشبكات القتالية". وأكدت مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض سوزان رايس، التزام بلادها بتسريع تقاسم المعلومات مع حلفائها حول الجهاديين الأجانب. لكن بمعزل عن الدعوات إلى "تضامن" الأسرة الدولية، لم يؤد الاجتماع إلى أي إجراء ملموس. وقال النائب الجمهوري مايكل ماكول، إنها "قمة بلا مضمون"، بينما تحدث آخرون عن "ندوة بلا أهمية". ومع ذلك، أشاد بيان البيت الأبيض "بخطة عمل ضد التطرف العنيف5" التي تبناها المشاركون ويفترض أن تؤدي إلى "تقدم عملي خلال قمة ستعقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة" في سبتمبر المقبل. وقالت رايس: "قد نحتاج إلى سنوات وربما إلى عقود لننجح لكننا سننتصر".