تلقت القاهرة عروضا جديدة من الدول الأعضاء فى مبادرة حوض النيل لإقناعها بالتراجع عن قرار تجميد نشاطها فى المبادرة، بينما تبذل السودان جهودا للوساطة وإقناع المسئولين المصريين فى اجتماعات الغرف المغلقة بالعودة إلى المبادرة، إلا أن مصر لاتزال لديها العديد من التحفظات للعودة إلى هذا الكيان فى ظل توقيع أغلبية دول المنابع على اتفاقية عنتيبى. كانت مصر والسودان فى يونيو 2010 اتخذتا موقفا موحدا بإعلان تجميد العضوية والأنشطة فى مبادرة حوض النيل عقب فتح باب التوقيع على اتفاقية عنتيبى بعد تعذر المفاوضات بين الدول العشر فى حل البنود العالقة فى الاتفاقية التى عدتها مصر لا تعترف بحقوقها التاريخية فى مياه النيل، وتهدد أمنها المائى، إلا أن السودان اتخذت موقفا منفردا بالعودة إلى ممارسة كامل نشاطها فى المبادرة فى يونيو 2013 دون التشاور مع القاهرة، حيث تترأس الخرطوم رئاسة المجلس الوزارى لمبادرة حوض النيل لهذا العام. وقالت مصادر قانونية وفنية وسياسية، تتعامل مع ملف حوض النيل، إن الأسباب المصرية وراء رفض بل "استحالة" العودة إلى مبادرة حوض النيل تأتى من ثبوت الموقف المصرى الرافض لاتفاقية الإطار القانونى والمؤسسى لحوض النيل "عنتيبى" والتى تتضمن 3 بنود خلافية، ترى مصر أنها تضر بأمنها المائى، ولا تعطيها الحق فى رفض أى مشروعات مائية على مجرى النيل قد تضر بحصتها السنوية من مياه النيل. وأكدت المصادر أن تعنت دول منابع النيل ورفضها العودة مرة أخرى إلى مائدة المفاوضات لإعادة صياغة البنود الخلافية فى اتفاق عنتيبى رغم الجهود والمحاولات الدبلوماسية المصرية خلال الزيارات واللقاءات الثنائية مع المسئولين فى دول منابع النيل، هو سبب الإصرار على الموقف المصرى بعدم العودة لممارسة النشاط. وترى الجهات المصرية المسئولة عن صياغة المواقف المصرية فى ملف مياه النيل، أن عودة القاهرة إلى ممارسة أنشطتها فى مبادرة حوض النيل سيؤكد على رسالة مفادها عدم وجود مانع لدى مصر من وجود اتفاقية تنظم ادارة المياه فى حوض النيل دون توقيع مصر عليها، وهو ما سيعطى قوة لدول منابع النيل فى استغلالها للترويج دوليا لمواقفها والحصول على مزيد من الدعم والمنح لمشروعات ترفضها مصر لإمكانية إلحاق الضرر بها، رغم وجود مبدأ "عدم الضرر" فى اتفاقيات القانون الدولى المتعلقة بالأنهار الدولية المشتركة. ويعول المسئولون المصريون على ضعف امدادات التمويل والانهيار الجزئى والأزمة المالية التى تمر بها مبادرة حوض النيل الآن، وافتقارها للمنح لتمويل المشروعات الخاصة بالتعاون المشترك، فى أن يكون دافعا لدول المنابع للموافقة على العودة إلى التفاوض مرة أخرى حول عنتيبى. وتحدثت "الشروق" مع مصادر تعمل فى المكتب التنفيذى لمبادرة حوض النيل، والمشاركة فى الاجتماع الاستثنائى المنعقد فى الخرطوم حاليا والذين أكدوا أنه لا يزال هناك العديد من التحديات لا مثيل لها أمام استكمال عمل المبادرة الآن، وهو ما يتطلب بدء حوار صادق يهدف إلى تشكيل رؤية واضحة تكون بمثابة خارطة طريق للتغلب على المأزق الحالى الذى تمر به المبادرة. يذكر أن فكرة إنشاء مبادرة تجمع دول حوض النيل ترجع إلى عام 1999 حيث اقترحتها عدد من الدول المانحة لتشكيل هيكل منتظم لدراسة مشروعات إدارة الموارد المائية والإستفادة من الطاقات الكامنة بنهر النيل من خلال برنامجين أحدهما "برنامج النيل الشرقى" تستفيد منه مصر والسودان وإثيوبيا، والآخر برنامج "البحيرات الاستوائية" الذى يجمع الكونغو وكينيا ورواندا وبوروندى وتنزانيا وأوغندا، وكانت مصر من أكثر الدول الداعمة والمحركة لإنشاء المبادرة. وقال مصدر بمبادرة حوض النيل – رفض ذكر اسمه أن تجميد مصر والسودان لأنشطتهما فى مبادرة حوض النيل فى 2010، تسبب فى توقف برنامج النيل الشرقى لاستمرار إثيوبيا فى البرنامج وحدها، إلا أن دول الهضبة الاستوائية مستمرة فى برنامج البحيرات الاستوائية لعدم تأثره بمشاركة الجانب المصرى. ويؤكد المصدر أن استمرار الخلاف حول الاتفاقية الإطارية سيهدد بإنهاء مبادرة حوض النيل بشكل نهائى لعدم الحصول على الدعم المالى الموجه من الدول المانحة التى لا تفضل تمويل مشروعات متنازع عليها.